الأقباط متحدون - أَطفَالْ بُؤسَاءْ
أخر تحديث ٠٣:٠٨ | الجمعة ٥ ابريل ٢٠١٣ | ٢٧برمهات ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٨٧ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

أَطفَالْ بُؤسَاءْ

بقلم: ليديا يؤانس
 
أُسرة مَيسُورة الحَالْ ذَهَبتْ إلى إِحدى الجُزرالنائية الفَقيرة ولكِنها تَتَمَتع بِالطبيعةِ الخَلابة والشَواطئ الذهبية لِكي يُرفِهوا عن أنفُسهم وعن ولدهُما شادى ذو الِستة أعوامْ في العُطلة الصَيفية. شادي إرتدى الشُورت والتي-شيرت ماركة لآكوست "Lacoste" ووَضَع كاب نَايكي "Nike" على رأسهِ وحِذاء رياضة ماركِة بُوما "Puma" في قدميهِ ووَقَفَ يلعب الكُرة مع والدهِ على الشاطئ وفجأةً طارت الكُرة بعيداً فجرى شادي وراءها لِيلتَقِطها وفجأةً وجد نفسه أمام طِفل في مِثلِ عُمرِهِ أمَسَك الكُرة لِيُعطيها لهُ. 
 
شَاكِرْ حافى القَدَمين والجُروح والقُروح تُزَرقِشْ قَدَميه وساقيه العاريتين.  لا يَستُر جسده سِوى قِطعة قُماش يمكِن كانت بنطلونً في يومٍ ما ولَكِنكَ الآن لا تستطيع أن تَعرِفْ ما إذا كانت شورت أو لِباس داخلى قذر تَهَرأ مِنْ كثرة الرُقع عليه. الشمس تُلهِب رأسه ووجهه الضعيف. عيونه مُنكسِرة حزينة بِلا أمل. الجِسم هزيل ونَحيل لِدرجة أنك لا تعلم ما إذا كان عظم جَسدِه مُغطى بِجلدٍ أم لا. 
شادي سَأل أنتَ إسمك إيه؟  رد الآخر شاكر ؛ وإنتَ إسمك إيه؟  أجاب شادي.  تصافحا الإثنان ووقف كُل مِنهُما ينظر للآخر.  شادي نَظَرَ بإستغرابٍ وشاكر نَظَرَ بإنبهارٍ.  شادي أستغرب هل يُوجد أطفال ليس لديهم ملابس أو أكل أو لِعَبْ وأيضاً شكلهم قذر مِثل شاكر؟  شاكر إنبهرَ وحَزِنَ وبدأ يُقارِنْ بينه وبين شادي.  لماذا شادي عِندهُ ملابس جميله ونظيفة وأنا لا؟   لِماذا شادي عِندهُ كُرة يلعب بِها وأنا لا؟  هل شادي جَوعان مِثلي أكيد لا لأنني لَمحت في جيبه باكو شِيكولاته؟  هل شادي عِنده مكان ينام فيه؟  هل شادي يشتغل مِثلي عِند ميكانيكى؟  هل شادي يعرف يقرأ ويكتب؟   
 
بالتأكيد الطفولة هي المشاعر الصادِقة بِلا رِتُوش ؛ الضحكات البريئة ؛ القلوب النقية ؛ النفوس الصافية ؛ والأجساد الرقيقة مثل براعِم الزهور قبل تَفَتُحها.  الطِفل أو الطِفلة هو الإنسان مُنذُ وِلادته وحتى ما قبل فترة المُراهقة.  الأطفال هُمْ رِجال ونِساء المُستقبل وعلى ذلك الدِول المُتقدِمة شُغلها الشاغِل الإهتمام بالأطفال فإن صَلحوا صلح مستقبل البلد وإن فسدوا فسد مستقبل البلد. وعلى ذلك تكالبت الإتفاقيات الدولية وإشتركت العديد مِنْ الدِول لِتُسِن القوانين الخاصة بحقوق الطفل.  ففي عام 1989 أقر زُعماء العالم بحاجة أطفال العالم إلى إتفاقية خاصة بهم وتعتبر إتفاقية حقوق الطفل القانون الدولى الملزم للدول التى وافقت وصدقت على هذة الإتفاقية وكان عددهم 193 دولة أكثر من الدول التى إنضمت إلى منظمة الأمم المتحدة والتى تعترف بإتفاقيات جنيف. كما تتمثل مهمة اليونسيف في حماية حقوق الطفل. مِنْ حق الطفل أن يعيش حياة سعيدة وان يتمتع بالحماية ضد أى إعتداء جسدي أو جنسي أو نفسي أو سوء المعاملة أو الإهمال سواء من الوالدين أو المدرسة.  مِنْ حق الطفل أن يُمنَح الفُرص اللآزمة لِنموهِ الجَسدي والعقلي والخلقي والروحي والإجتماعي وألا يعمل في مهنة تؤذى صحته أو تُعرقل نِموه.  مِنْ حق الطفل أن يتعلم سواء أكان ولداً أم بنتاً.  
 
كلام جميل! الطفل شادي وأمثاله الذين يعيشون في بلاد مُتقدمة تحترم قوانين حقوق الإنسان بالتأكيد سيأخذون حُقوقهم أو على الأقل بعض مِنْ حُقوقِهم ولكن بالنسبةِ للطفل شاكر وأمثاله الوضع مُختلف تماماً.
 
فمثلاً ماذا تَقول عن طفل سريره رصيف الشارع وغذائه صناديق الزبالة؟  ماذا تقول عن طِفل قد يضطر للسرقة لأنه يَتَضَورْ جوعاً؟   ماذا تَقول عن طفل تُجبِرهُ أسرته نظراً لإحتياجهم المادي على أن يذهب للعمل في مِهنْ صعبة وقاسية لجسمهِ الضعيف وصحته؟  ماذا تَقول عن طفلة تُحَرم مِنْ التعليم فقط لأنها بنت؟  ماذا تَقول عن طفلة صغيرة تُغتصب بسبب الإنتقام أو الشذوذ الجنسي أو الإضطهادات الدينية؟  ماذا تقول عن طفل يُضطهد بسبب لونه أو جنسه أوإسمه أو عقيدة أهلة؟  ماذا تَقول عن طفل يتعرض للضرب والتعذيب فقط لكى يجبروه على الإعتراف بشئ لم يفعله أو يفهمه؟  ماذا تقول عن الأطفال الذين يُعذبون أو يُقتلون بسبب جهل أو مرض والديهم؟
 
ماذا تَقول عن أطفال الدول التى بها مَجَاعات وكَوارِث طبيعية.   أطفال بؤساء عِيونهم جاحظه تائهة تبحث عن شئ يَسِدْ الرَمَقْ بين القاذورات والأعشاب البرية والحيوانات البرية.  هل تستطيع قوانين حقوق الطفل أن تُطعِمهُم وتُعالجهم وتُعلمهُم وتُنظفهم؟ هل تستطيع قوانين حقوق الطفل أن تُعيد بِناء هذة الأجساد والنفوس التى أصبحت مريضة ومُعاقة؟  
 
ماذا تقول عن أطفال المُخيمات الذين تَشَرَدوا بسبب الحِروب الأهلية أو الدولية أو الدينية.  أطفال بؤساء يعيشون في رُعب دائم من الهجمات البربرية التى لا ترحم الصغير قبل الكبير.  عيونهم البريئة لا ترى سِوى الدِماء والقتلى والمَجروحين.  هل تستطيع قوانين حقوق الطفل أن تُعطى الحُب والسلام وتُشفى هذة النِفوس التى إنكسرت؟  هل تستطيع قوانين حقوق الطفل أن تَرُدْ لَهُمْ طفولتهم المسلوبة وضحكاتهم البريئة وقلوبهم الصافية وبراءتهم الفطرية؟
 
ماذا تَقول عن أطفال سوريا والعراق ومصر والسودان وباكستان والهند وغَيرهِمْ مِنْ الدِول التى تعيش في قلاقِلْ وإضطرابات وإضرابات ومُظاهرات.  أطفال بؤساء لا يستمتعون ولا يعيشون طفولتهم مثل باقى الأطفال.  هل تستطيع قوانين حقوق الطفل أن تِمنِحهُم الإستقرار والهدوء النفسي والنمو الروحي والشفاء الجسدي؟
 
لِكى نُعطى كُلْ ذى حق حقة لَستُ أُقلِلْ مِنْ دور المُنظمات الحقوقية ولا مِنْ دور الهيئات الخاصة بحماية ورعاية الأطفال في كل بلدان العالم بلا إستثناء سواء المُتقدمة أو النامية.  مشكلة هؤلاء الإطفال ليست مُشكلة فردية ولكنها مشكلة جماعية تتبع الحدث فلا نستطيع أن نقول أن مجموعة أطفال فقط يتعرضون إلى مشكلة كذا أو كذا.  الموضوع أكبر من ذلك فالبلد كلها تعيش الحدث المؤلم وبالتالى كل أطفال هذا البلد يتأثرون بالأحداث ليس هُناك فَرق بين أطفال الأغنياء وأطفال الفُُقراء.  كل أطفال البلد يتأثرون نفسياً ويتكون بداخِلهم ذكريات مُؤلمة قد يَصعُب نِسيانها.  يمكِنْ أطفال الأغنياء قد لا يتأثرون جسدياً لإنهم يملكون الإمكانيات المادية ولكنهم مثل باقي الأطفال يتأثرون نفسياً وأخلاقياً.
 
كيف تتدخل المنظمات في مثل هذة الحالات؟ هل تأخذ هؤلاء الأطفال وتعزلهم بعيداً عن هذة الأحداث وتبدأ في معالجتهم جسدياً ونفسياً كما يضعون الأطفال المولودين حديثأ وناقصى النِمو في حضانات إلى أن يكتمل نموهم؟
الموضوع صعب! نعم الموضوع صعب جداً. هؤلاء الأطفال البؤساء ما مَصيرهُم لقد أصبحوا مُشوهين ومُعوقين جسدياً ونفسياً ماذا نتوقع لهم في المستقبل؟ 
 
أنا وأنت  يجب أن يكون لنا دور في حَلْ هذِة المُعضِلة.   يجب أن يكون هناك دور لكل إنسان أن يكون إنساناً!
ليس مِنْ المُهِم أن تكون على درجة علمية عالية لكى تُعالج هذة النفوس المكسورة ولكن بإبتسامة محبة ولمسة حنان سترسم بسمة على شفاه طفل بائس مِحتاج للإطمئنان والتشجيع. يقول المسيح "هذة هي وصيتي أن تَحِبوا بعضكم بعضاُ كما أحببتكم. ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه" (يوحنا 15: 12-13 ).
ليس مُهماً أن تكون غنياً أو ذو مركز مُعين لكي تُساعد طِفل لا تستطيع عيناه أن تغمض مِنْ شِدة الجوع أو البرد أو لأنه لم يجد مكاناً للنوم.  يقول الكتاب في (1 يوحنا 3: 17-18) "وأما من كان له معيشة العالم ونظر أخاه محتاجاً وأغلق أحشاءه عنه فكيف تثبت محبة الله فيه.  يا أولادى لا نحب بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق."
 
الأُمْ تريزا الراهبة التى كانت تَخدم في كلكتا بالهند كانت إنسانة بسيطة جداً ولا تَملُك المال أو السلطان ولكِنها كانت إنسانة تحمل قلباً مُحِباً مِعطاءاً لِكُلْ مِحتاج وخاصة الأطفال.  كانت لا تحمل كيساً ولا مزوداً ولكنها تحمل الشفقة والرحمة لكل مُتألم ومحتاج.  كانت تَجول تَصنع خيراً مُستمِدة قوتها مِنْ سيدها يسوع المسيح الذى يقويها.  الأم تريزا حصلت على جائزة نوبل للسلام عام 1979 ليس لِكفاءتها فى أى مجال من مجالات الحياة ولكن لأنها أحبت كثيراً وأعطت كثيراً.
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter