وضحت الرؤية.. واكتملت خيوط المؤامرة.. سيناء انضمت إلى غزة وأصبحت قطعة واحدة.. هكذا أرادها الإسرائيليون والأمريكيون من قبلهم بمباركة الأنظمة الحالية.
قبل عدة أيام زارنى صديق فلسطينى عائد لتوه من هناك إلى القاهرة و«طبيعى» أن يأخذ تأشيرة وهو خارج.. وطبيعى أيضا أن يكون ختم التأشيرة عليه اسم الكيان الصهيونى بين قوسين (إسرائيل)، ولكن أن يتم استحداث واقع جديد وختم جديد يحمل اسم «غزة وسيناء» تقوم السلطات الإسرائيلية بتنفيذه وهو عبارة عن دمج قطاع غزة وسيناء عن طريق منح الفلسطينيين تصريح زيارة للضفة الغربية عبر الجسر البرى بين الأردن والضفة الغربية مسجلا به فى خانة «الميلاد» قطاع غزة وسيناء وكان من قبل قطاع غزة فقط- فذلك هو المثير.
والمثير أيضا فى هذا الموضوع تصريحات الدكتور جمال محيسن، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، التى كشف فيها عن أن هناك مفاوضات تجريها حركة حماس للتوصل إلى اتفاق حول إقامة دولة فلسطينية على حدود مؤقتة برعاية أمريكية.
الدكتور «محيسن» قال لوكالة أنباء فلسطين برس إن هناك مفاوضات تجرى فى إحدى الدول العربية ولم يذكر اسمها صراحة ــــ أعتقد أنها قطر ــــ برعاية أمريكية للتوافق على دولة ذات حدود مؤقتة تقام على قطاع غزة وسيناء تسمح لحماس بإقامة إمارتها الخاصة والإبقاء على الضفة الغربية مجزأة تقطعها المستوطنات الإسرائيلية لإحباط جهود إقامة دولة فلسطينية على كامل الأراضى التى احتلتها إسرائيل عام ١٩٦٧؛ لأن هناك تعارضا بين منظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس فيما يخص إقامة الدولة الفلسطينية، والدليل على ذلك قيام موسى ابو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسى لحركة حماس بدعوة الرئيس الفلسطينى محمود عباس لتسليم حماس السلطة فى الضفة الغربية.
الأكثر إثارة ما قاله خبير الشؤون الفلسطينية الدكتور سمير غطاس بأن إسرائيل قالت إنه ليس لديها أى مانع فى رفع الحصار شرط أن «تشيل مصر الشيلة»، بأن تفتح المعابر «على البحرى» مع قطاع غزة، وتغلقها مع بقية المعابر.
وللعلم إن قطاع غزة يحده من الشمال معبر أيريز وهو الذى يفتح غزة على إسرائيل، حيث يفصل غزة عن الضفة الغربية أراضى ١٩٤٨، والمنفذ الوحيد الذى يمر إلى أراض عربية هو معبر رفح وهو معبر للأفراد، وهناك معبر«كرم سالم» وتدخل منه البضائع عن طريق غزة.
يذكر أن قادة حركة حماس يطالبون الآن بتحويل معبر رفح لمعبر بضائع، وإسرائيل أعلنت استعدادها فى إطار مشروعها للتسوية على أن تفتح مصر المعابر «على البحرى» وأن يكون هناك تبادل اقتصادى، وأن يتم ربط غزة بشبكة الكهرباء مع أن ٣٠% من كهرباء غزة تأتى من مصر.
وبالعودة لإسرائيل فإنها اشترطت للتسوية أن يتم ربط شبكات المياه والكهرباء والغاز المصرية لتغذية غزة للتخلص من غزة نهائيا لتلقيها على عاتق مصر.
كما أن إسرائيل طلبت عدم توقيع الجهاز الأمنى المتمثل فى المخابرات العامة المصرية، واشترطت توقيع الرئيس مرسى على هذا الاتفاق، والهدف من ذلك هو تحميل مصر أى مسؤولية سياسية تجاه قطاع غزة.
وإذا عدنا إلى الوراء أذكركم حين زار أمير قطر قطاع غزة وأعلن عن مشروع بربع مليار دولار أصدرت الخارجية الإسرائيلية بياناً عاجلاً تشكر فيه مجهودات أمير قطر لإعادة إعمار غزة، وكلنا نعلم أن أمير قطر موجود على أرضه أهم قاعدتين عسكريتين أمريكيتين بالشرق الأوسط، ولديه أيضاً علاقات وطيدة بإسرائيل.
ولذلك لا أعتقد أن التمويل القطرى لإعمار غزة هو تمويل برىء، كما أن زيارة أمير قطر لغزة ثم لمصر ليست زيارات بريئة.
فى النهاية إسرائيل تريد ضامنا للاتفاق، ولن يُسأل القائمون على القطاع عن شىء بل تُسأل مصر، وكذلك ستطلب إسرائيل ضمانة دولية فى إطار كل ما يحدث، وينتهى الأمر بتوقيع «بان كى مون» على تلك الاتفاقية لتكون بذلك اتفاقية دولية. ربنا يستر علينا.
المختصر المفيد
إذا كنت محايدا فى حالات الظلم فقد اخترت أن تكون ظالما.. القس ديزموند توتو
charlcairo@gmail.com
نقلا عن المصري اليوم