الأقباط متحدون - حلايب وشلاتين .. وزمن الإخوان
أخر تحديث ٠٠:١٥ | الاثنين ٨ ابريل ٢٠١٣ | ٣٠برمهات ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٩٠ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

حلايب وشلاتين .. وزمن الإخوان

حلايب وشلاتين
حلايب وشلاتين

 سعيد السني

ليس هناك مبرر لحالة الذهول والإندهاش التى تنتاب عموم المصريين مما تناقلته وسائل الإعلام يوم السبت الفائت ( 6 إبريل )عن موسى محمد احمد  مساعد الرئيس السودانى عمر البشير , بشأن موافقة الرئيس الدكتور محمد مرسى  بالتنازل عن السيادة المصرية على  مثلث حلايب وشلاتين  ل( السودان ) , خلال زيارته لها يومى الخميس والجمعة الماضيين.

على أن السؤال هنا هو :  لماذا يجب علينا التعامل مع خبر تنازل مرسى عن هذا (المثلث)  للسودان , بلا إندهاش , وأن نصدق بحدوثه ؟.. الإجابة تكمن فى أسباب عديدة شكلية وموضوعية  , يمكن سردها  فيما  مايلى:

أولا : من الناحية الشكلية :
1 - ليس من المنطقى أو المتصور  أن تكون مثل هذه الموافقة  ل(مرسى ) ,على (شأن سيادى)  بمثل هذه الخطورة ,هى من وحى خيال المساعد الرئاسى  السودانى, وإنما المنطقى أنها حدثت فعلا .

2  -   رغم  خطورة الأمر كونه يتعلق بالسيادة المصرية على أراضيها , فإن رئاسة مصر  لاذت بالصمت المريب , ولم  يصدر عنها على الفور  تكذيب رسمى  أو نفى لتصريحات (المسؤل السودانى) , وإن راحت تُسَرِب تصريحات منسوبة ل(مصدر) مجهول بها يقول كلاما عائما مائعا , وهو نفس ماكرره السفير إيهاب فهمى المتحدث الرئاسى فى مداخلة تليفونية على إحدى الفضائيات , واصفاً ما يتردد عن حلايب وشلاتين بأنه شائعات , وفى اليوم التالى الأحد ( 7إبريل ) , و خلال مؤتمر صحفى بالقصر الرئاسى لعرض نتائج زيارة مرسى للسودان , عاد ( فهمى)مؤكدا أن قضية  حلايب وشلاتين لم تُطرح مطلقا على جدول أعمال المباحثات , وهو بالتأكيد كذب مفضوح , إذ الثابت أن البشير, أشار فى نهاية زيارة مرسى وبحضوره , إلى (النزاع الحدودى ) بين البلدين , بما يعنى بالبداهة , أن هذا (النزاع ) وهو خاص بالمثلث , كان موضوعاً للتباحث , والقول بغير ذلك هو إستخفاف بالعقول .

3 -  معلوم  أن الرئاسة المصرية  تفتقد (المصداقية) من الأساس, ولم يعد أى متابع أو مدقق يأخذ ما يصدر عنها على محمل الجد  أو الصدق , بل إن البيانات والتصريحات الرئاسية , هى  مجرد تعبير عن (مواقف مؤقتة ) لإمتصاص ردود الأفعال , سرعان ما تتغير  بعد قليل إلى النقيض تماماً , بحسب ما يترائى لسُكَّان (قصر الحكم) بالمقطم , وأعنى مرشد جماعة الإخوان المسلمين وأعوانه .. والشواهد  كثيرة على مثل هذا التخبط الرئاسى .

4 – أن الموقع الأليكترونى لحزب (الحرية والعدالة) الإخوانى  , سارع  يوم  السبت( 6 إبريل ) عقب  عودة مرسى  , بنشر بيان  المشروعات  التى تم الإتفاق عليها بين الرئيسين مرسى والبشير, وجاء البيان مصحوباً بخريطة ل(مصر) بدون مثلث حلايب وشلاتين .. والمؤكد أن هذا الموقع  الناطق بأسم الإخوان وحزبهم  لاينطق عن الهوى , وإنما بوحى من مكتب الإرشاد أو الرئاسة , فالخريطة  مقصودة فى هذا التوقيت , لإيصال رسالة للسودان بأن تعهدات مرسى دخلت حيز التنفيذ , ولايغير من ذلك أن يعتذر الحزب فى اليوم التالى  عن نشر خريطة مصر بدون المثلث , زاعما أن ما حدث هو  خطأً من أدمن أو مدير الموقع .

5-  عقب عودة مرسى يوم السبت  الماضى , كتب القيادى الإخوانى الدكتور عصام العريان (تغريدة)  على صفحتة بموقع التواصل الإجتماعى ( تويتر) ,  ينبه  فيها المعترضين على وعد الرئيس بإعادة المثلث  للسودان , بأنه يحق للرئيس مرسى طبقاً للدستور (تغيير الحدود المصرية ) , أى أن هناك وعد.. ومن ناحية أخرى , فإن  تغريدة العريان هذه بشان الدستور صحيحة , وهذا ينقلنا إلى الأسباب الموضوعية لتصديق خبر منح حلايب وشلاتين للسودان والتعامل معه بجدية  .

ثانيا :من الناحية الموضوعية :
1 – أن الرئيس يبدو فى كل قراراتة سائراً فى فلك جماعة الإخوان المسلمين التى ينتمى إليها , منفذا لأفكارها , ومتبنياً لمصالحها , ومنصاعاً لقيادتها , وهذه الجماعة لديها دستور هو مايسمى ب( الإصول العشرين لحسن البنا) , وهذه الإصول لم تأت على ذكر (الأوطان ) , ولا تعترف بها.. أى أن  الجماعة لاتدين بالولاء للوطن , بل تدين للعقيدة بحسب تعاليم البنا فى إصوله هذه.. والولاء للعقيدة يتم ترجمتة عمليا ,داخل الجماعة على أنه  الولاءً والسمع والطاعة للمرشد , بحيث تصير الجماعة هى والمرشد والعقيدة , شيئاً واحداً أو مترادفات , لأن (البنا)  يقول أنه أستمد تلك الإصول  من القرآن والسنة , بغض النظر عن سلامة هذا القول من عدمه , ولذلك فليس لدى الرئيس مرسى مشكلة بالتفريط فى هذا المثلث للسودان أو سيناء لحماس , فكلهم إخوان ,أوحتى  قناة السويس لقطر , مادام أن هذا يخدم مشروع الخلافة الموهوم ,أو مصالح الجماعة , ودائما يعبر الإخوان عن هذه الفكرة , بانهم لايعترفون ب ( الحدود ) بين المسلمين , وتبريراً للفكرة , يرددون  مقولة حق يراد بها باطل , وهى أن هذه  الحدود من صنع الإستعمار.

2-  أن الإخوان تحسبوا لمثل هذه القضايا , إذ تمنح المادة  (145 ) بالدستور الجديد لرئيس الجمهورية , الحق فى إبرام المعاهدات، والتصديق عليها بموافقة مجلسى النواب والشورى بأغلبية الثلثين , بما يعنى إمكانية تغير حدود الدولة أو التنازل عن حقوق السيادة , كما قال  العريان صدقاً فى تغريدتة المشار إليها قبل قليل .. أى أن الرئيس حين وعد السودان بالتنازل عن حلايب وشلاتين , فهو يملك هذه الصلاحية دستوريا .

3- هناك فيديو قديم متداول للدكتور محمد مهدي عاكف، المرشد العام السابق للجماعة الإخوانية , ربما من عامين أو أكثر , يتناول فيه  هذا الموضوع  , بما مفادة أن الجماعة سبق لها التداول حوله وتوصلت إلى قرار بشأنه , وقد عبر عاكف عن ذلك بوضوح شديد وعبارات لاتحتمل أى لبس , إذ يقرر عاكف بأن (الإخوان) لايعتبرون أن هناك (حدود)  بين الأقطار الإسلامية والعربية ,فرضها  المستعمر فى غفلة من الزمن, ويتسائل عن المشكلة , فى أن تنتقل السيادة على مثلث  حلايب وشلاتين للسودان ؟, وزاعماً بأنه لايجوز  للأشقاء أن يتصارعون على أمتار هنا أو هناك , وأن مشكلة حلايب مفتعلة ..وهذا  الكلام لعاكف , يؤكد مرة جديدة  أن الرئيس مرسى حين يقدم للسودان هذا المثلث هدية , فإنه ينفذ رؤية الجماعة وقرارها بشأن حلايب وشلاتين .

لاتندهشوا إذن ياقراء , ولننسى جميعا ما تعلمناه وتربينا عليه فى الصغر , من الحب والإنتماء للوطن , والكلام الكبير عن حرمة التراب الوطنى , والكرامة الوطنية , فهذا كله كلام فات أوانه و زمانه .. نحن الآن فى زمن الإخوان ولامكان  للأوطان والحدود إلا على الخرائط .

اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية الوفد - حلايب وشلاتين .. وزمن الإخوان
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter