بقلم: حمدي رزق | الخميس ١١ ابريل ٢٠١٣ -
٢٦:
١١ ص +02:00 EET
فليخرج البابا تواضروس الثانى من ديره الذى اعتكف (دير الأنبا بيشوى)، وليمسك صليبه الذى يتوكأ، وليُقمْ قداس عيد القيامة، المسلمون قبل المسيحيين يتوقون لاحتفال يبدد الظلمة، ينير ليل مصر البهيم، يمسح الأحزان التى أغرقت الأرض الطيبة فصارت صعيداً زلقاً، ويبلسم الجروح التى تقيحت، وتقرح الجسد من فراش الشوك الذى نتوسده غصباً، قداس نفرح فيه بوحدتنا، ننبذ فيه فُرْقتنا،«سأراكم وتفرح قلوبكم ولا أحد ينزع فرحكم منكم، أنتم ستحزنون ولكن حزنكم يتحول إلى فرح». (يو 16: 20 – 22).
قداس لم يُرَ مثله، لم تر الكاتدرائية أجمل منه، قداس مصرى وطنى خالص يرد على الظلاميين، الذين أحالوا نور ثورتها ظلاماً حالكاً يعمهون ـ هم- فيه ومن والاهم والتابعون، مزمور يغنى بلحن الفرح، يغبط النفوس الحزينة، يجبر القلوب الكسيرة، يوزع الكهنة البركة، وينصرف الشعب بسلام فرحين مبتهجين فى مصر وطناً إلى يوم الدين.
كلنا فى الهمّ قبط، كلنا فى الألم مصريون، كلنا محزونون على ما جرى فى الخصوص، وبالخصوص ما جرى فى الكاتدرائية الكبيرة، لست وحدك بابا الأقباط حزيناً، الكل اليوم حزين، نشاطركم الأحزان، فلتخرج من ديرك، وتتقبل العزاء فى قلب الكاتدرائية العامرة بحب المسلمين قبل المسيحيين، عزاء قبل عيد، لا ضير، فلنحوّل عزاءاتنا إلى أعياد للوحدة الوطنية، لا تصم أذنيك عن دعوات المسلمين الحقيقيين الذين علَّمهم رسولهم الكريم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ البر بأهل الكتاب، لتنصت لغضبهم ورفضهم وإدانتهم لاستباحة بيوت الله، من هجم على الكاتدرائية المرقسية لم يقصد الكاتدرائية وأولادها، كان يقصد مصر وأولادها.. أولاد الكنيسة أولاد مصر رغم أنف الحاقدين.
أكلما جاء عيد للأقباط يطفئون الشموع؟ إذن، فلتضأ الشموع، ولتصدح الألحان، ولتدق الأجراس، وليحضر المسلمون عيد القيامة جنباً إلى جنب مع إخوانهم المسيحيين، عيد القيامة هذا العام فى حضرة المسلمين، سنحمى إخوتنا من غدر الغادرين، حسناً قالها فضيلة الإمام الطيب الدكتور أحمد الطيب: «الكنيسة فى حمى الأزهر الشريف، الكنيسة فى حضن كل مسجد، فى قلب كل مسلم»، احموا إخوتكم، ضعوهم فى القلوب، لا تعطوا المتطرفين على الجانبين الفرصة لبذر الفتن، صموا آذانكم عن دعاة الفتنة والعاملين عليها، وبئس العاملون.
فليخرج البابا من ديره، كفى تغييباً اعتكافياً، الاعتكاف ليس كافياً لحلحلة المشاكل الطائفية، أن اخرج من ديرك، قف إلى جوار الإمام الأكبر، تلقيا العزاء، كف عزاء من إخوة وطن، عزاء من محبين لا مرائين، قف أمام شعب مصر، مكفكفاً دمعه، مبلسماً جراحه، شافياً نفسه من البغضاء، ممسكاً بيد فضيلة الإمام الأكبر، داعياً الله أن يرحم مصر وأهلها.
المشرحة مش ناقصة قتلى، كفى صبراً على نعيق البوم، فلنهشَّ البوم عن أغصان الوطن، فلتحط حمامات السلام على الغصن الأخضر، هديل الحمام، هديل السلام، تراتيل الرهبان، تسابيح القسس، أدعية الصباح، أذان الفجر، تجلّى تواشيح فاتحة النهار، فرحة الأطفال، أطفال تانت تريزا يلهون فى الحوش، حوش الوطن، لا خوف عليهم ولا هم يحزنون طالما هناك بيوت يُذكر فيها اسمه، اسم الله، الله محبة.. الخير محبة.. النور محبة، يا رب لا عمر كاس الفراق المر يسقينا، ولا يعرف الحزن مطرحنا ولا يجينا، وغير شموع الفرح ما تشوف ليالينا، ليالى عيد القيامة المجيد.
نقلا عن المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع