إذا نُقلت المعلومات السيادية المصرية إلى التنظيم الدولى للإخوان فهذه كارثة كبرى.. ونعيش مرحلة الدولة الهشة وننتقل بثبات لمرحلة الدولة الفاشلة
يصل قطار حوارات الأمن القومى لمحطته الأخيرة، بفتح الملف مع أحد أشهر رجال جهاز المخابرات العامة المصرية، وهو اللواء سامح سيف اليزل، وكيل الجهاز الأسبق رئيس مركز الجمهورية للدراسات الاستراتيجية.
فى حواره لـ«الوطن» قال بوضوح: إن مسرح حرب الجواسيس بات مفتوحا، وإن مصر أصبحت فريسة أمام أجهزة المخابرات، سواء للدول الصديقة أو غير الصديقة، وإن مصر تعيش الآن مرحلة الدولة الهشة، وقريبا ستعلَن كدولة فاشلة إذا لم توضع خطة عاجلة لإنقاذ الوطن.
* ما تعريف الأمن القومى المصرى لدى رجال المخابرات العامة؟
- حماية الوطن من جميع الأخطار الموجهة إليه، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو أمنية أو اجتماعية، وحمايته من أى محاولات لاختراقه بشكل غير شرعى، يضاف إلى ذلك أيضا السهر على أمن وحماية الوطن ضد التجسس والتخريب والإرهاب الدولى.
* إذا انتقلنا من التعريف إلى التطبيق العملى.. كيف ترى واقع الأمن القومى المصرى بالنسبة لجهاز المخابرات العامة؟
- الأمن القومى المصرى ليس فقط واجب المخابرات العامة، بل واجب الأجهزة الأمنية الأربعة الموجودة فى مصر؛ فالمخابرات العامة تعمل فى نطاق التأمين الخارجى للدولة، والمخابرات الحربية تعمل على تأمين القوات المسلحة ضد أى أعمال تخريب أو تجسس أو اختراقات، وأيضا أمن المعلومات والمنشآت إلى آخره ثم نجىء بعد ذلك إلى الأمن الوطنى وهو عليه حماية الجبهة الداخلية، وهو تابع لوزارة الداخلية، والرقابة الإدارية لحماية الوطن من عمليات الفساد المالى الخاص بالمنشآت الحكومية وقطاعات الدولة المختلفة.
جهاز المخابرات يتبع رئيس الجمهورية.. لكنه جهاز للوطن والمصريين ولا يعمل لحساب أى قوى سياسية
* كيف ترى المشهد الآن وطبيعة التحديات التى تواجه الأمن القومى المصرى؟
- التحديات تفوق وتتزايد باستمرار وتتصاعد من خلال ما يحدث فى الفترة الأخيرة، وهى تحديات كبيرة وواسعة ناتجة عن عدم معالجة الأمور الأمنية بعد الثورة وحتى اليوم بشكل حاسم وحازم، يضاف إلى ذلك أن الجهاز الأمنى المنوط به التنفيذ فى الشارع، وهو الشرطة، غير موجود بالقوة الكافية التى تسمح له بمجابهة الخروقات الأمنية الكبيرة والتصعيد من جانب البلطجة والعصابات المختلفة، بالإضافة إلى وجود كميات سلاح ضخمة جدا وكبيرة فى البلاد بشكل غير مشروع، مع أهم عامل وهو أن القانون الآن فى سبات عميق.
* وما أبرز هذه التحديات؟
- تحديات خارجية تتمثل فى مياه النيل، وهذا ملف أمن قومى مصرى، وقضية مياه النيل رغم محاولات معالجتها بشكل من الأشكال فإنها ليست بالشكل الكافى، ولم نجد استجابة من الدول التى وقّعت اتفاقية عنتيبى المناهضة لمصر والسودان، التى لا تتفق معهما فى اتفاقيات النيل الأولى، الموقعة فى الخمسينات، ومصر لم تصل لحل مع تلك الدول حتى الآن، وأعتقد أن هناك تصعيدا مستمرا وآخر شىء هو سد النهضة فى إثيوبيا الذى سيكون له أثر سيئ وسلبى للغاية على مصر.
وهناك تحديات خارجية أيضاً ممثلة فى العلاقات المصرية بدول الخليج، التى حاليا ليست بالشكل الكافى، هناك خلافات موجودة تطفو على السطح بين مصر وبعض الدول الخليجية نتيجة أمور كثيرة طبعا أهمها هو التقارب المصرى - الإيرانى السريع بصرف النظر عن علاقات مصر بدول خليجية معينة وهذا تحد خارجى كبير فى اعتقادى.
والتحدى الآخر هو تحدى أمن قومى استثمارى اقتصادى، وهو إحجام العالم عن الدفع برؤوس أموال استثمارية إلى مصر، وهذا أعتقد أنه تحدٍّ للأمن القومى المصرى فى أبعاده الاقتصادية.
* وماذا عن إسرائيل؟
- من التحديات الخارجية أيضا أن العلاقات المصرية - الإسرائيلية كانت باستمرار على المحك، وأعتقد الآن بعد ما يحدث فى سيناء أن الوضع الإسرائيلى - المصرى يتأزم، لا أقول إنه سيؤدى فى النهاية لصراع عسكرى، لكن هذا تحدٍّ للأمن القومى المصرى وهو أن حدودك الشرقية الآن التى كانت بشكل ما بعد اتفاقية السلام هناك استرخاء فيها نتيجة عدم وجود احتقان أو مشاكل أمنية أو عسكرية على الحدود، الآن الوضع مختلف لأن هناك مشاكل أمنية كبيرة على الحدود واختراقات تمت بالفعل على إسرائيل.. يوم 5 أغسطس كسرت مدرعة سور الحدود ودخلت فى إسرائيل 1٫5 كم وتم ضربها بطائرة هليكوبتر. ومحاولات تسرب من فردين أو ثلاثة وضربوهم وأرسلوا لنا جثثا.. كل هذا حدث، وهذه الأحداث من الاختراقات ومحاولات الدخول من عناصر هم يطلقون عليها إرهابية كل هذا طبعا وضع الحدود المصرية المشتركة مع إسرائيل، وليس العلاقات، فى شكل جديد تراه إسرائيل تهديداً لها وبالتالى تضع القوات الآن على الحدود وزيادة واستدعت قوات الاحتياط ووضعت قوات جديدة على الحدود المصرية ونقلت مكتب مخابرات بئر سبع بالقرب من الحدود المصرية الآن، وكل هذا يعطيك فكرة أن هناك تحديا جديدا اسمه التحدى الإسرائيلى لم يكن فى الحسبان من قبل.
* كيف ترى الوضع الراهن فى قطاع غزة وتأثيره على الأمن القومى المصرى؟
- قطاع غزة تحد خارجى وداخلى للأمن القومى المصرى؛ لأنه مرتبط بسيناء وأمن سيناء، وأمن سيناء أمر داخلى.. وتحديدا محافظة شمال سيناء، وهذا تحدٍّ متصاعد فى الفترة الأخيرة رغم وجود علاقات طيبة جدا بين الإخوان المسلمين وحماس، وهى من «الإخوان» أيضاً؛ لأن المادة الثانية من مواد ميثاق حركة حماس تعلن تماما وبصيغة مباشرة أنها أحد أجنحة «الإخوان المسلمين»، وهم يقولون ذلك. وبالتالى المفترض أن تكون هناك علاقات طيبة جدا بين الطرفين: «حماس» و«الإخوان»، واستجابة للانفتاح المصرى على قطاع غزة، ما وجدناه غير ذلك.. الأنفاق لا تزال موجودة ويتم تهريب الأفراد منها، وتم تهريب الأفراد الذين اغتالوا أو شاركوا فى التخطيط وقتل شهداء 5 أغسطس من القوات المسلحة، تم تهريب هؤلاء منها، حسبما قال مساعد الرئيس للشئون الخارجية الدكتور عصام الحداد، حينما ذكر فى تصريح رسمى منشور بكل وسائل الإعلام أن هناك أسلحة تهرب من داخل غزة عبر الأنفاق إلى سيناء، وهذا كلام رئاسة الجمهورية وليس كلامنا، وبالتالى هناك تحديات كبيرة جدا تتم رغم وجود هذه العلاقات الطيبة جدا بين الطرفين: «حماس» و«الإخوان المسلمين»، وأنا أعتقد أيضاً أنه رغم الانفتاح المصرى وفتح معبر رفع إلى آخره فإن الأنفاق على الجانب الآخر لم تغلق.
* وهل تعتقد أن المعضلة داخل غزة هى عدم تعاون «حماس» فقط؟
- هناك أيضاً عناصر وفصائل أخرى تعمل من داخل غزة، البعض منها ليس على وفاق مع «حماس»، لكن ما أثق فيه أنه لا يمكن لـ«بعوضة» أن تعبر معابر رفح أو الأنفاق إلا بموافقة «حماس» وعلمها؛ لأن حماس تسيطر سيطرة كاملة ليلاً ونهاراً على كل ما يدخل ويخرج من الأنفاق، حتى لو كانوا غير تابعين لـ«حماس»، هى تسيطر على الأنفاق بداية من بنائها ثم توصيل الكهرباء فيها وعداد كهرباء داخل النفق وعبور أى شىء من الأنفاق «حماس» تأخذ عليه مصروفات إدارية، وهناك سيطرة كاملة أمنية واقتصادية على الأنفاق، ولا بد أن تكون هناك رقابة كاملة على كل ما يدخلها.. ولا أفهم لماذا يفعلون ذلك رغم وجود علاقة طيبة مع «الإخوان»!
* يتردد كلام كثير عن الوجود الإيرانى وتحديدا الحرس الثورى الإيرانى داخل قطاع غزة وبعض التنظيمات التى تنتمى فكريا لفكر «القاعدة»، ما مدى صحة ذلك؟
- لا يخفى على أحد أن حركة حماس تمول وتتلقى مساعدة مادية وعسكرية وتدريبية من إيران، ولولا المدفوعات التى تقدمها إيران إلى حركة حماس ما كانت تستطيع أن تستمر حتى اليوم، وهذا باعترافهم.. وبالتالى حركة حماس بهذا الوضع الحالى بالتأكيد لا يمكن فصلها عن إيران، إيران وحماس بينهما التحام ولن يُفك هذا الالتحام، هذا شىء طبيعى وحقيقى، مثل الالتحام بين حزب الله وإيران، وهذا وثاق قوى لا يمكن فصله، بالتأكيد هناك عناصر لا أستطيع أن أجزم بها، لكن هناك عناصر بالتأكيد تقدم مساعدات تدريبية وعسكرية لحركة حماس فى بعض الأحيان، أنا لا أدعى أننى أعلم هل هم موجودون بصفة مستمرة أم يقدمون مساعدات ويعودون، أنا لا أعلم هذا.
* المعضلة الإيرانية دائما تتمثل فى أنه يُقال إن مشكلتنا مع إيران مشكلة أمنية بحتة، حتى عندما نتحدث مع السياسيين والدبلوماسيين، دائما يقولون إن التحفظات على العلاقات مع إيران هى تحفظات أمنية.
- هناك 3 أمور تشكل المشكلة مع إيران، الأول: تصدير الثورة الإيرانية بمفهومها إلى مصر، نحن لا نرى أن ذلك مناسب على الإطلاق، والثانى: انتشار حركة التشيع فى مصر، ونحن أيضاً نرى أن مصر دولة سُنية لا نريد أن نرى فيها حركة شيعية أيا ما كانت.. والأمر الثالث: أن المساعدات التى تقدمها إيران لبعض التيارات أو الجماعات أو الائتلافات المختلفة فى مصر مساعدات مادية وخلافه بشكل غير شرعى وغير قانونى، وهذه هى المعضلات الثلاث فى علاقتنا بإيران من وجهة نظرى، ويجوز أن يراها أحد بشكل آخر.. لكنى أركز على هذه الثلاث نقاط.. وهناك حالات تشيع مرصودة تمت فى الدلتا منها بالأموال ومنها بالاقتناع، وهذا موجود فى المجتمع المصرى حاليا وليست شائعات، ونعلم تماما أن هناك أناسا قد تشيعوا، وهم أعداد ليست بعشرات الآلاف ولكن أعداد كبيرة بدأت، وهذا معلوم للسلطات المصرية وليس سراً.
التحديات الخارجية كثيرة وأهمها ملف مياه النيل الذى فشلنا فى تلافى سلبياته على مصر.. وملف العلاقات المتوترة مع إسرائيل
* كيف ترى الوضع الداخلى والخطورة القادمة على الأمن القومى المصرى؟
- تهديدات الوضع الداخلى تتمثل فى عدة أمور، أولها: استمرار تدفق السلاح من الخارج بشكل كبير دون وجود موقف حاسم من الدولة حتى الآن إزاء هذا التهديد، الذى يتم إلقاء القبض عليه نسبة ضعيفة جدا مقابل ملايين قطع السلاح التى دخلت مصر ومنها أسلحة متقدمة وحديثة وثقيلة وصواريخ مضادة للطائرات.. والتحدى الآخر الكبير هو بدء إنشاء ميليشيات عسكرية فى تيارات وجماعات وأحزاب.. يمكن أن تسميهم لجانا شعبية أو ائتلافات شبابية أو شباب الإخوان أو شباب الثورة.. كل هذه أسماء، من وجهة نظرنا الأمنية هى يطلق عليها ميليشيات، وجود ميليشيات فى مصر يُدخلها فى نفق مظلم لن تخرج منه.. ولنرَ أمثلة أخرى مثل لبنان بدأت بهذا الشكل واليوم هناك قوة عسكرية أقوى من الجيش اللبنانى داخل لبنان، حزب الله، الذى بدأ بلجان شعبية لحفظ الأمن ثم تطور إلى أن أصحب فصائل ووصل إلى ما هو عليه.
* أنت تجزم بالتصريح الأخير للواء عمر سليمان بأن الإخوان سيسعون لتشكيل حرس ثورى مشابه لنظيره الإيرانى!
- لا أتصور ولا أعرف هل سيصل الأمر إلى حرس ثورى أم لا.. التحديات الداخلية بها أيضاً انقسام الشارع وهو واضح، ليس بين فئتين ولكن نظرية «من ليس معى فهو ضدى وعدوى».. وأصبح الشعب يستعدى بعضه البعض، وهذه سمة سوف تدخلنا فى مشكلات كبيرة، وهى الاستعداء الداخلى بين فصائل الشعب.. أنت من الفصيل الآخر، إذن أنت عدوى وأستبيحك وأقتلك أو ألقى القبض عليك، والتحدى الكبير الآخر هو أخذ الحق باليد، اليوم الشعب يرى أن القانون فى إجازة وجهاز الشرطة «بعافية» إلى حد ما يحاول يتعافى ولم يصل بعد، ويرى أنه لا بد أن يأخذ حقه بيده، بدأنا نرى القبض على ناس وسحلهم وقتلهم وتعليقهم، والخطف والتعذيب والتهديد، وبالتالى هذا يكرس فكرة الفوضى وتشريع الغاب.
* فيما يخص جهاز المخابرات، بعد ثورة يناير رأينا تغيرات متعاقبة فى رأس الجهاز من اللواء عمر سليمان إلى اللواء مراد موافى إلى اللواء محمد رأفت شحاتة.. إلى أى مدى ينعكس هذا التغيير على فاعلية وكفاءة العمل داخل المخابرات العامة؟
- الجهاز لا يتأثر بتغيير قياداته؛ فهو له نظام عمل ودولاب عمل يعمل به الضباط المحترفون داخل الجهاز، الباقون فيه مهما تغيرت القيادات، ونطمئن القراء بأن جهاز المخابرات العامة جهاز محترم يعمل بكفاءة كاملة بصرف النظر عن وجود أى قوة سياسية على الساحة ولا علاقة له بهذا على الإطلاق، هو جهاز للوطن وللمصريين ولا يعمل لصالح فئة ضد أخرى.. قولاً واحداً.
* لكن هناك انطباعا لدى البعض تكون من مشهد حلف قسم الولاء لرئيس الجمهورية من قبل اللواء «شحاتة».
- حسب قانون 100 لسنة 1971 الخاص بالمخابرات العامة، فإن التبعية المباشرة لجهاز المخابرات العامة لرئيس الجمهورية وتقاريره تصل لرئيس الجمهورية شخصيا، إذن الرئيس المباشر لرئيس المخابرات العامة هو رئيس الجمهورية، وهذا لم يضف شيئا؛ لأن الجهاز منذ إنشائه فى الخمسينات هو تابع لرئيس الجمهورية، وما حدث ليس به جديد وهذا القسم تحصيل حاصل.
* على ذكر اللواء عمر سليمان -رحمه الله- هل توفى فى مستشفى كليفلاند أم قُتل فى تفجيرات سوريا كما ادعى أفراد من المعارضة السورية؟
- توفى فى مستشفى كليفلاند بالولايات المتحدة فى وجود ابنتيه وزوج ابنته، وأحد أطباء مستشفى وادى النيل الخاص بالمخابرات العامة، وتوفى أمامهم فى غرفة العناية المركزة، والنقطة الثانية اللواء عمر سليمان لم يدخل سوريا منذ عام 2004، وجثمانه نُقل من المستشفى إلى القاهرة بصحبة بناته.
* كيف تفسر ادعاء مقتله فى سوريا؟
- محاولة لتشويه سمعة الرجل، ومحاولة أيضاً لتشويه سمعة جهاز المخابرات العامة المصرية.
* قلت: إن مصر تعيش مرحلة الدولة الهشة وهى تسبق مرحلة الدولة الفاشلة.. كيف ترى إذن مسرح حرب الجواسيس على الأرض المصرية؟
قطاع غزة تحدٍّ خارجى وداخلى للأمن القومى المصرى لأنه مرتبط بسيناء وأمنها.. والأنفاق هرّبت من اغتالوا وشاركوا فى التخطيط لقتل أفراد الجيش
- مسرح حرب الجواسيس قائم حتى لو كانت أقوى دولة فى العالم، ما دام هناك بشر وأنظمة سياسية هناك تجسس، هناك أقمار صناعية وتكنولوجيا، لكن لن يكون هناك استغناء عن الجاسوس الفرد؛ لأنه يحصل على ما لا يمكن أن تحصل عليه الأقمار الصناعية أو الأمن الإلكترونى.
* كيف؟
- القمر الصناعى أو التجسس الإلكترونى لا يمكنه الحصول على وثيقة فى درج المكتب، أو الدخول فى عقول البشر والتعرف على تفكيرهم ونواياهم.. لا بد أن يكون هناك جاسوس يحصل على ما فى رأيك بالحديث معك.. والإغراءات والمال.. إذن فى النهاية الجاسوس موجود والتجسس على أى دولة سواء كانت هشة أو فاشلة هذا مبدأ عام وسيظل حتى يوم الدين، وعندما يكون وضع الدولة الهشة تكون هناك زيادة، مثلما يكون فى الغابة أسود تريد أن تنهش فريسة، فتبحث عن فريسة ضعيفة، يستطيع الدخول إليها بسهولة، نحن الآن فريسة أجهزة المخابرات الأخرى التى تعلم تماما أن أجهزتنا ليست «بعافية» كاملة بصرف النظر عن جهاز مخابراتنا، لكن الأمور الأمنية طبعا ليست بكفاءة كاملة وبالتالى تغرى الكثيرين ممن يريدون الحصول على معلومات باستغلال كل عوامل الانقسام الاجتماعى والخصام السياسى، أى ضابط مخابرات أجنبى إن لم يشتغل اليوم «هيشتغل إمتى»؟ لو أنا رئيس مخابرات أجنبية ويعمل لدىّ ضابط مكلف بمصر وإذا لم يعمل الآن بكفاءة هعنّفه وأقول له: «أمال هتشتغل إمتى»؟
* هل ترى أن هناك استهدافا من أجهزة مخابرات إقليمية بعينها، أم أن المسرح المصرى بات مفتوحا؟
- مفتوح للجميع، والصديق يتجسس عليك كما يتجسس العدو؛ لأن الصديق يريد معرفة معلومات تفصيلية عنك؛ لأن صديق اليوم هو عدو الغد، والعكس بالعكس.
* هل نعيش الآن بداية مراحل الشرق الأوسط الجديد؟
- لدىّ قلق شديد على مصر نتيجة ما هو موجود الآن على الساحة، هناك أوراق على المنضدة تقول إننا لسنا بحالة جيدة وهناك قلق مشروع للمصريين على بلدهم وطبيعى؛ لأنه إذا لم يخَف المصرى الآن على بلده فمتى يقلق؟ لكن هذا لا يعنى أنه لا أمل وأن الدنيا سوداء ومقومات الدولة المصرية موجودة ومصر مليئة بالخبرات والعقول فى المجالات كافة.. أخلاقيات المصرى الأصيل ما زالت موجودة فى غالبية المصريين، وما يحدث فى الشارع أقلية، لكن الملايين ما زالوا بخير، وهذا هو الرصيد الجيد الذى نراه.
* وما المخرج لإنقاذ أمننا القومى؟
- نريد خطة لإنقاذ الوطن؛ لأن الأمن القومى جزء منه، والخطوة الأولى ترسيخ القانون والعمل للجميع وليس لفئة ضد أخرى، وثانيا: الاستماع لوجهة نظر الآخر والمعارضة؛ لأن المعارضة ليست خائنة فى مصر، هى معارضة وطنية ويجب الاستماع لرأيها والعمل به لأنها فى النهاية تريد الخير لمصر، ثالثا: اللجوء لأهل الخبرة وليس أهل الثقة، سواء على مستوى الحكومة أو القطاعات المختلفة، والشىء الآخر هو ضرورة إرجاع الاستقرار الأمنى لمصر فى أقرب وقت ممكن، قولاً واحداً.. ضرورى أن تعود منظومة الأمن بسرعة، الشىء الآخر: العمل على استعادة ثقة المستثمر المصرى فى اقتصاد بلده وتعزيز دوره فى أسرع وقت؛ لأن المشكلة المقبلة مشكلة اقتصادية وليست أمنية، نحن ندخل على كارثة اقتصادية.. هذه هوّة عميقة آخرها وضع اقتصادى متدهور ونحن بدأنا نهوى إلى هذه الهوة العميقة.
* هناك إشكالية أن السلطة الحاكمة الآن لديها ارتباطات خارجية (التنظيم الدولى).. كرجل أمن كيف ترى العلاقة بين رأس السلطة وتنظيم الإخوان والتنظيم الدولى؟ وما تبعات ذلك؟
- التنظيم فى مصر جزء من التنظيم الدولى الذى كان وما زال وسيظل هو القائد الأعلى للتنظيم على مستوى العالم، والدليل أنهم يذهبون هناك ويتقابلون ويعقدون مؤتمراتهم السنوية والمسألة واضحة تماما، هناك يد عليا لتنظيمات الإخوان المسلمين فى العالم، موجودة فى أوروبا والكل يستمع اليها وهذا واقع لا تستطيع أن تغيره.
* ألا تخشى تداول تقارير المعلومات الخاصة بمصر وأجهزتها -ومن بينها جهاز المخابرات- من قبل التنظيم الدولى؟
- أرجو ألا يكون الوضع كذلك، أن تكون التنظيمات المختلفة للإخوان المسلمين تتلقى تعليماتها الهيكلية والشكلية وليس الدخول فى تفاصيل كل دولة، وأنا طبعا لا أعرف ولست عضواً فيها ولا أحضر اجتماعاتها.. أرجو ذلك، وهناك بالتأكيد غيرة وطنية لا تسمح بتداول مثل هذه المعلومات بين غير المسئولين.. وغير ذلك سيكون مشكلة كبيرة.. بل كارثة.. ولكن تبقى محل افتراض لا أعلم مدى صدق هذا ولا أدعى العلم به.
* هناك اتهام لجهاز المخابرات بأن كل الملفات التى أشرف عليها فى السياسة الخارجية فشلت، سواء ملف حوض النيل أو المصالحة الفلسطينية والعلاقة مع قطاع غزة.. ما رأيك؟
- هذا الكلام غير صحيح، بدليل أن ملف مياه النيل تسلمته المخابرات العامة بعد الثورة، عندما ثبت عدم وجود تأثير على هذا الملف، وبدأت المخابرات تعمل فيه الآن بالاشتراك مع وزارة الخارجية، لكن لم يكن معها من قبل، الشىء الآخر أنها نجحت فى المسألة الإسرائيلية - الفلسطينية كثيراً عندما نجحت فى وقف إطلاق النار عدة مرات واستبدلت بجلعاد شاليط الأسرى الفلسطينيين، ووقفت مع الفلسطينيين لتوقيع اتفاقية المصالحة التى لم تفعل لعدم وجود نية من الطرفين، لكنها وقعت فى مصر وجلس الجميع على مائدة واحدة ولم يكن هذا ممكنا من قبل، يضاف لذلك الضغط على إسرائيل أكثر من مرة لصالح القضية الفلسطينية.
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.