الأقباط متحدون - جلسات مساج عرفية
أخر تحديث ٠٣:٤٩ | السبت ١٣ ابريل ٢٠١٣ | ٥برمودة ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٩٥ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

جلسات "مساج" عرفية

بقلم: ماجد سمير 
حذرني كل الجيران من المعلم عبد الباسط صاحب محل الجزارة الكبير أسفل منزلنا الجديد بالجيزة الذي انتقلت للسكن فيه مع اسرتي من أيام ، الرجل يتميز بنيان قوي وشارب  مفتول يقف عليه الصقر  نظرات ثاقبة ووجة عابس أغلب الوقت، الجلباب الأبيض الملطخ دائما بالدماء السمة الرئيسية لعمو "القوي" وهو الاسم الذي اطلقه عليه أحد أطفال المنقطة منذ سنوات فظل اسم مرتبطا به دائما .
 
اليوم كان الأول لي في المنطقة خرجت منطلقا لعملي القيت على المعلم تحية الصباح فرد التحية بسرعة بصوت أجش : صباح الخير يا استاذ ...المنشار يا"قرقر" ، اصابني رعب شديد إذا كان صبي المعلم اسمه "قرقر"- والقرقر لمن لايعرف اسم سكين صغير حاد جدا يستخدم في عملية تشفية الذبيحة – فاي أنواع السواتير أو السكاكين لقب المعلم.
 
اسرعت الخطى وذهبت فورا إلى عملي أو ربما كان هروبا من فكرة طلب المعلم للمنشار واستجابة صبيه "قرقر" السريعة للطلب.
انجزت العمل سريعا وعدت للمنزل ، لمحني المعلم وصاح من مكانه في آخر المحل اتفضل شاي يا أستاذ وهب من مكانه مسرعا نحوي اضطررت للتوقف وأنا في شدة الرعب، سحب المعلم كرسيين من داخل المحل بيد واحد ودفعني على الجلوس على أحدهما وجلس على الآخر، ونادى على "قرقر" بصوته الأجش، انتفضت بشدة ويبدو أن الرعب ظهر على ملامحي فمد يده اليمني ورتب على ظهري برقة غريبة وصاح مرة أخرى في "قرقر " كدت أن أقبل يده بلاش قرقر انا عملتلك  ايه؟ الرعب منع الكلمات من الخروج من فمي، ظهر قرقر ومعه كوب ماء امسكها المعلم وقال : اشرب يا استاذ وحد الله في ايه ...الله يكون عونكم اذا كان احنا بنتعب لما بنقرأ أونشوف خبر من اللي بيحصل في البلد.. امال انتم ياصحفيين تعلموا ايه اللي طول اليوم في الكلام دا.
 
شعرت بالاطمئنان لكلام المعلم شربت الماء وجلست باسترخاء بعد أن زال الخوف، ابتسم المعلم وظهر وجهه مشرقا على عكس مرات لقاءنا القليلة السابقة طلب من قرقر احضار صحفية وطلب معرفة رأيي في أحد الأخبار، عن نية الرئيس مرسي اختيار المهندس رشيد محمد رشيد - أحد رموز النظام السابق - رئيسا للوزراء، فقلت انها تكهنات قد تكون خاطئة ولايوجد من لديه معلومات حول صحة الخبر فقال: لأ يا أستاذ الاخوان عايزين يجيبوا رشيد وكان رمزهم في الانتخابات الميزان، كدا تبقى حكومة رشيدي الميزان، يعني حلاوة طحنية، والعيشة تبقى فل ، اعتدل في جلسته ووضع جلبابه بين قديمه وهو يضع ساقا على ساق وأكمل حديثه : لو الاخوان حاسبينها كدا يبقوا اغبياء لأن الحلاوة الطحنية مرتبطة عند الناس ..بعيد عنك يا استاذ.. بالسجن.
 
نظرت للرجل مندهشا من طريقة تحليله العجيبة، وكذا بسبب الربط بين المهندس"رشيد" ورمز" الميزان" ولم أرد عليه فقال مبيتسما، هو يعني في حل يا استاذ غير اننا نهزر، لازم الواحد يضحك علشان ما ينفجرش .
 
تركت الرجل وصعدت لمنزلي وجلست أتأمل احداث اليوم منذ فيلم الرعب مع المعلم حتى متابعة الأخبار، وتقارير جلسة الصلح العرفية في الخصوص، والقضاء على البقايا الباقية من دولة القانون وخبر حكومة "رشيدي الميزان" حسب عمو القوي، والنصب على الشعب بإسم اعادة محاكمة النظام السابق التي يعقبها استمرار احكام البراءة للجميع طلبت من زوجتي فنجان قهوة مضبوط بدأت في ارتشافه بهدوء، أحسست أنه منذ قفز الإخوان على الثورة ومن ثم مفاصل البلد أنهم بالاشتراك مع حزبهم يديرون مصر بنفس منطق جلسات الصلح العرفية أو جلسات المساج العرفية.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter