الأقباط متحدون - الخنوع والإستسلام .. والله الذى لا ينام
أخر تحديث ٠١:٤٧ | الخميس ١٨ ابريل ٢٠١٣ | ١٠ برمودة ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٠٠ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

الخنوع والإستسلام .. والله الذى لا ينام

بقلم: سمير حبشي
ثلاث صرخات جرفونى بعيدا عن اليأس والتخاذل ، وأخرجونى خارج صوامع السكون والإنعزالية ،  وشعرت بأهلى وعشيرتى وبكنيستى القوية . 
الأولى كانت " يا رب .. يا رب .. " ما أجملها صيحة ، وخاصة عندما تكون خارجة من القلب كله ،  ومن أعماق مكنونات الألم الذى يختزنه بداخله .. هذه الصيحة هزت كل كيانى عندما سمعتها تدوى خارجة من أفواه أقباط مصر فى الكاتدرائية بعد كلمات نيافة الحبر الجليل الأنبا روفائيل . " فى هذا المشهد الرهيب نودع إلى السماء لحمنا ودمنا أولادنا الشهداء القديسين ، هذا الجرح العميق الذى أصابنا وليس لأول مرة يجعلنى أحمل فى قلبى ثلاث رسائل .. الرسالة الاولى الى السماء ، نحن نؤمن بعدالة السماء " صدقونى كنت أشعر بأن السماء فُتحت لتستقبل هذا النداء " يا رب " " يا رب ".
 
والثانية  " دى بلدنا .. دى بلدنا  " .. كلمتان لهما مدلول الملكية الخالصة من الأبناء الشرعيين لأمهم مصر ، التى إرتوى أديمها بدماء أجدادهم ،  شعور لا يعيشه غير الإبن الحقيقى لها ، الذى يحمل على كتفيه همومها ، ويعيش عذاباتها ، ويضحى بروحه من أجل رفعتها ونصرتها، ولا يحلم بغير أن يراها درة الممالك والأوطان .. سمعت أيضا هذه الصرخة المدوية الخالية من كل زيف بعد كلمات نيافته." الرسالة الثانية موجة إلى مصرنا التى لن نتركها  .. دى بلدنا  .. دى بلدنا " 
 
أما الثالثة فكانت " بالروح والدم نفديك يا صليب .. بالروح والدم نفديك يا صليب " إيمان كما الصخر ، من أعماق النفس المشتاقة إلى الشهادة فى سبيل إسم الفادى الذى عُلق على الصليب .. الشهادة التى هى إكليل الإيمان المسيحى ، وكثيرا ما تكون لإنقاذ نفس الآخرين ، والتى تختلف تماما عن الشهادة التى يؤمن بها البعيدون عن نور المسيح ، فشهادتهم تسبب الدمار والخراب والقتل ، وتأخذ أشكالا عدة منها الإنسان الذى يفجر نفسه فيُقتل ويقتل من حوله .. هذه الصرخة التى حركت كل مشاعر الإيمان بداخلى والتى شقت سكون الظلم ، وأكدت عمق الإيمان والتى على صداها فى آذانى عندما قال نيافته . " لن نترك إيماننا .. سفك الدماء يجعلنا لن نتنازل عن أخلاق الإنجيل التى تُعلمنا أن نحب الجميع . " كانت الصرخة " بالروح والدم نفديك يا صليب " .
 يا إخوتى هذه الصرخات الثلاثة التى تبنى الحياة الكاملة لأبناء المسيح ، أنارت أمامى الطريق ، وهزمت ذلك الشئ الذي يقبع على الصدر فيكتم أنفاسه كجحيم اسمه " الإستسلام " .  تلك الرصاصة التي تُطلق على الحلم الجميل فترديه قتيلا ، وتحجب الحقيقة وتحول الحياة فى عينى صاحب الحق إلى ثقب إبرة ًفلا يعى بما حوله ، ذلك الاسم الصعب والمعنى الأصعب  الذى يأخذ الإنسان إلى لا قرار وحالة من اليأس ،   وخيبة الأمل والفشل ،  ويلقى به فى دهاليز الخنوع المتمثل في نهاية سيئة لكل جهد أو النظر إلى المستقبل .. ذلك الإستسلام أو الخنوع يحوًل أحلام الإنسان إلى كوابيس ذات غيمة سوداء ، تجعله يرضى بواقعه المؤلم ولا يتقدم خطوة إلى الأمام بل " محلك سر " رافعا راية الإستسلام راضيا بالمر الذى يتجرعه كل يوم ولا يستطيع قول كلمة ردع قوية وحازمة فى وجه الحمقى ..
 
نعم لقد فاض الكيل وتخطى المجرمون كل الخطوط الحمراء " كما قال قداسة البابا تاوضروس الثانى " لم يحدث هجوم بشع للكاتدرائية المرقسية منذ آلاف السنين ، وكانت صرخته الصامته والتى لبست عباءة الإعتكاف فى الدير وأكملت معزوفة الثلاث صرخات .
يا إخوتى إن حظ أقباط مصر العاثر وضعهم بين شعب غيب (بضم الغين وشد الياء ) عن كل مبادئ الإنسانية وحقوق الغير ، غابت عقولهم بتأثير مخدر  شيطانى إسمه الإسلام ، وكتبه وفتاويه التى تميت ضمائرهم وتصيبهم بتحجر القلب وعمى البصيرة ، فأصبح الكثير منهم يساق سوقا كما الأنعام , تكفيه كلمات من إمام أو بضع آيات من القرآن حتى يتحول إلى ثور هائج متعطش للدماء . وكلما إزداد تديُنا وعاش عمق الإسلام تجرد من الانسانية كلها ، وتعلم فقط الكره الأعمى ويصير الشيطان يتكلم من خلالهم ويتملك منهم ويعمل بهم .. لن أسرد الأحداث فقد تكلم عنها الكثيرون ، ووفتها حقها القنوات الفضائية وأظهرت فداحة نتائج الجرائم .. 
 
إن مسلسل الجرم الإسلامى  على أقباط مصر لا  تسعه مجلدات ولا كتب ،  يعرفه ويقرأه كل قادة شعوب العالم الإسلامى ، ولكن بضمير مُغيًب يساعد على إيجاد حلقة جديدة فى هذا المسلسل ، الدامى وذلك بتقاعس هذه القيادات السياسية للبلاد عن تقديم الجناة المعروفين في أحداث سابقة للعدالة ، أو اتخاذ أي موقف حاسم حقيقي نحو إنهاء الشحن المستمر من أئمة الجوامع ومشايخ الإسلام ، وتحريضهم على العنف ضد الأقباط الآخذ في التصاعد بدون أى رادع .. الأمر الذي ترتب عليه إهدار حقوق أقباط مصر ومسيحى البلاد الإسلامية .. 
 
إخوتى فى ظل ما يحدث فى مصر ، والذى أصبح يتكرر شبه يوميا ، لن أطالبكم أو أشجعكم  على الخروج فى مظاهرات ، ففى نظرى إنتهى عهد المسيرات والخطابة والهتافات ، فنحن قد جربنا ذلك كله بلا فائدة  فإيمانى أن هذه الأساليب تفيد فقط فى أوطان شعوبها لم يلوث عقولهم الإسلام ، شعوب عرفت وعاشت روح المدنية التى تُنمى فيهم الإنسانية ، وحب الآخر والدفاع عن حقوقه .. أما فى موقفنا الحالى فنحن أصبحنا نحتاج إلى أفعال ، لأنه لا يوجد فعل على الأرض لم يتعرض له أقباط مصر .. والأفعال  المطلوبة تتركز فى فعل واحد هو إستخدام القانون الدولى .. والهدف الصائب هو المحكمة الدولية وكما حدث لبشير السودان يجب أن يحدث لمرسى مصر ، وهذا ما أنادى به الآن كل نشطاء ألأقباط خارج مصر وفى بلاد المهجر .. لنكن يدا واحدة مهما كلفنا الأمر ، نسعى إلى التواصل والسعى لإيجاد من عندهم الخبرة فى هذا المجال وإستخدامهم .. فلن يكف حكام مصر عن التواطؤ مع المجرمين ،  أو إستخدامهم كأداة لإبادة الأقباط ، وأخذ موقف حازم من هذا الإجرام الإسلامى غير حكم من هذه المحاكم الدولية .. بعد أن حل مكان المحاكم والقضاة  جلسات المصالحة العرفية ، وكأننا نحيا فى صحارى عرب السعودية من آلاف السنين وبالطريقة القبلية والتى تشيع مسمى جريمة أخرى وهو الفتنة الطائفية ، وهذا المسمى فى حد ذاته جريمة يختفى ورائها كل الجرائم الإسلامية فى مصر ، حيث أنهم قد برعوا فى تسمية الجرائم بأسماء تجعل أقباط مصر شركاء فيها .. كما فعلوا فى تسمية هزيمة الجيش المصرى فى أيام عبد الناصر بالنكسة وفى حقيقتها كانت الوكسة الكبرى التى حلت بمصر .. 
 
يا إخوتى نعم نحن نؤمن بالإنتقام العادل للسماء ، ونعرف أن فوق العالي عاليا يلاحظ والاعلى فوقهما."  الجامعة 5 – 9 " وأن الله يرى ويلاحظ ويعمل وهو لا ينام ، ولكن يجب أن لا ننسى أن يسوع عند إقامة لعازر طلب من الشعب أن يرفعوا الحجر .. وعدم الإستسلام والمطالبة بالقانون الدولى هو حجر المعونة المطلوب من أقباط مصر رفعه ، حتى يخرج الحق القبطى الذى مات وأنتن من قبور ظلام الإسلام فى مصر . فلم يعد لنا مزيد ، وبتوحدنا ومعرفة الهدف وبالإصرار غدا إن شاء الله هناك سيكون الجديد .

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter