د. رأفت فهيم جندى
قلت: لقد قيل أنك ضابط الكل، فأفهمنى كيف لا تتدخل؟ فالمصائب فى كل مكان، ولن اعددها لك لأنك تعلمها، فهل انت راضي عن ما يحدث من قتل وحرق للبشر والمبانى واعتداء على مقدساتك وانفجار قنابل وبتر اعضاء ؟
اضفت: أخشى أن اغضبك فى حديثى هذا!
قال: أننى عل العكس اسر بهذا، ولقد قلت لكم منذ القديم "هلم نتحاجج" ولكن هل تشك فى اننى ضابط الكل أم انك تفتح معى حوارا؟
قلت: فى الحقيقة لقد مرت على فترات فى شبابى كنت اتساءل، ولكنى لا أجرؤ ان اقول امامك انه كان شكا!
قال : اننى اعلم بكل ما دار فى ذهنك منذ أن خلقتك، وسؤالى هذا ليس للمعرفة ولكن اريدك ان تستكمل حديثك.
قلت: لقد خطر خاطر على بالى ولكنى لم اقله!
قال: سأقول لك ما خطر على بالك، فانت فكرت ان تقول لاصدقاءك ان تتظاهروا امامى قبل التظاهرامام القنصلية الأمريكية، اليس كذلك؟
قلت: نعم هذا ما فكرت فيه.
قال: وهل تظن اننى اغضب من هذا؟
قلت: جميع الجهات تغضب من التظاهر ضدها، حتى ولو ادعى البعض بسبب الديمقراطية عكس هذا!
قال: الا انا، لأننى ارحب بتظاهركم امامى، وكلما زاد عدد المتظاهرين امامى اسمع لهم بالاكثر وبالأسرع، ألم تفهم مثل قاضى الظلم الذى قلته؟، ألم اقل لكم ان اجتمع اثنان او ثلاثة باسمى فأنا اكون فى وسطهم؟
قلت له ولكنى اتكلم عن التظاهر، وليس الصلاة او الاجتماع؟
قال: وما الفرق؟ أن التظاهر فيه حضور قوى متحمس؟ فانت لا تذهب للتظاهر فى الصحراء او امام حجارة صماء، فتظاهركم امام السفارة الأمريكية فيه احساس منكم انهم قادرين على تغيير الأمور، وتظاهركم امامى فيه ايمان منكم اننى ضابط الكل.
قلت له: حتى ولو كان قلب بعض المتظاهرين ضد من يتظاهروا امامه؟
قال: نعم حتى ولو أتى لى بعضكم وهم ضدى، مجرد ان يأتى لى احدا سأنقى قلبه، مجرد ان يفتح حوارا معى استجيب له وافهمه؟ فانا اقول دائما "هلم نتحاجج"
قلت ولكن هل تظاهرنا أمام القنصلية الأمريكية يغضبك؟
قال: أننى اسر بكل ما تفعلونه من مجهود لخدمة اخوتكم،وأذكر كل من يقدم لأخوته كوب ماء بارد.
قلت له: هل تفهمنى الآن لماذا انت تنجح طريق الاشرار فى الخصوص والكتدرائية وبوسطون وما قبلهم؟
قال لى: اننى سبق وقلت لكم أنه سيكون لكم ضيق فى العالم ولك ثقوا اننى قد غلبت العالم، وساشرح لك مثلا يسيطا يمكنك أن تفهمه، هل رأبت ما حدث ليسوع وقت جلده ومحاكمته وصلبه؟
قلت له: نعم واعجبت وأمنت به.
قال: هل تذكر ماذا تحملته من آلام وجلد وصلب حتى اصبح جسدى كله مغطى بالدم؟
صمت وانا اتذكر مناظر فيلم "باشون اوف كريست" والخجل يمتلكنى.
استطرد الرب الإله قائلا: لقد تركتهم ينفذون ارادة الشر لكى احوله انا للخير، وكل الذين رأوا مناظر الصلب القاسية لم يرونى وانا افتح الفردوس وارد كل الابرار من الجحيم للفردوس، لن يستطيع عقلك البشرى ان يتخيل السعادة والفرحة التى كانت فى هؤلاء وانا وسطهم. اساقول لك كلمة تبلغها لكل من يسألك من المتضايقين.
قلت له مقاطعا كعادتى: هل استطيع ان انقل لهم هذا الحوار بيننا؟ فقد يظن البعض أننى متجاوزا لحدى فى نشر هذا الحديث بيننا!
قال لى: هؤلاء لم يتكملوا فى المحبة بعد، ويظنون ان العلاقة بينى وبينهم ما زالت علاقة عبد بسيده، ولم يرتقوا بعد لدرجة الأبناء، فلا تهتم وقل لمن يريد ان يسمع ويستوعب هذه العبارة:
قلت له بلهفة: ما هى؟
قال: قل لهم اننى سوف احول لهم كل ما يرونه من شر للخير، والأهم من هذا أنه "طوبى لكم لأنكم سوف ترون ما لم تراه عين وما لم تسمع به اذن وما لم يخطر على قلب بشر"