الأقباط متحدون - الشيخ حسن شلجومي خليفة الإمام محمد عبده
أخر تحديث ٠٢:٤١ | الأحد ٢١ ابريل ٢٠١٣ | ١٣ برمودة ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٠٣ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

الشيخ حسن شلجومي خليفة الإمام محمد عبده

بقلم: أشرف عبد القادر

إلتقيت بالشيخ حسن شلجومي إمام مسجد درانسي بباريس أربع مرات،أخرها كان في الندوة التي كنت مدعواً لها يوم السبت الماضي الموافق 2013/4/13 في اليونسكو بباريس،و حضرها نائب رئيس الوزراء طيب رجب أوردغان،و عدد كبير من الوزراء والسفراء ، بمناسبة الصلح الذي تم بين تركيا وإسرائيل بعد اعتذار نتنياهو عن مقتل الجنود الأتراك الخطأ على السفينة مرمرة،وذكر نائب رئيس الوزراء التركي في كلمته، أن تركيا كانت ملاذاً لليهود أثناء إضطهادهم في الحرب العالمية الثانية،وأن الخلاف الذي كان قائماً بين البلدين، كان فقط خلافاً بين الحكومتين وليس بين الشعبين التركي والإسرائيلي.
 
ثم شائت الأقدار أن يشارك معي الشيخ حسن شلجومي في اليوم التالي الأحد الموافق 2013/4/14 الوقفة التضامينة الأحتجاجية في "الأنفاليد" في باريس،مع إخوتنا في الله والوطن"الأقباط"،بعد الإعتداءات الأخيرة عليهم في" الخصوص" والتي راح ضحيتها سبعة أقباط،وألقى الشيخ حسن كلمة رائعة ذكر فيها مخاطر تفريغ مصر والشرق الأوسط من الأقباط والمسيحيين،لأنهم نواة الحداثة والمواطنة،ثم أخذت الكلمة بعده وذكرت أن للأقباط حقوقاً دينية ومدنية لا زالت مهضومة،واكدت على أن حقوق الأقباط الدينية والمدنية وحقوق المرأة هي التي ستؤسس للحداثة  والمواطنة وللمجتمع المدني،وحذرت من خطورة تهجير الأقباط الطوعي أو الجبري لخطورته على مستقبل مصر والشرق الأوسط.
 
اقتربت أكثر فأكثر في هذين اليومين من الشيخ حسن شلجومي،فوجدته شيخاً منفتحاً على روح عصره،عالم بروح الحقبة ومتطالباتها،عصر حقوق الإنسان،والمواطنة،وحقوق المراة ،وحقوق الأقليات،وعرفت سر الهجمة المسعورة التي يشنها ضده بعض المتعصبين المتشددين،لأنه زار إسرائيل،حتى أن أحد الشخاص حاول مقاطعته وهو يلقي كلمته التضامنية مع الأقباط، ونعته بعض المتعصبين على الإنترنت بـ"مفتي نتنياهو"،وسماه متشددون آخرون بـ"إمام اليهود"،ونسوا أنه كما زار إسرائيل زار أيضاً الفلسطينينن في رام الله بصحبة رئيس الوزراء،ولكنه كما قال الشاعر:
عين الرضا عن كل عيب كليلة / وعين السخط تبدى المساويا
فمنذ الحروب الصليبية والمتعصبون المتشددون يعتقدون ان هذه الحروب لم تحدث ضدهم إلا لأنهم كانوا متفرقين في مذاهب متعددة،فلجأوا إلى فرض أكثر المذاهب إنغلاقاً،وهو المذهب الحنبلي.وهكذا بدأت قصة ومسيرة إنحطاطنا الطويلة،التي يواصلها اليوم المتأسلمون المتطرفون بعد أن حملتهم ثورات "الربيع العربي"إلى قمة الحكم.
 
سهام النقد التي يوجهها المتعصبون للشيخ حسن شلجومي بسبب زيارته لإسرائيل لا مبرر لها، فقد ذهب لحضور مؤتمر "منتدى الدين والديمقراطية"الذي نظمته السفارة الفرنسية في إسرائيل،وأذّكر المتعصبين بأن رسول الله(ص)كان يمشي إلى يهود المدينة،ويجلس تحت حصونهم،ويأكل من طعامهم ويحاورهم،ونسوا أيضاً أنه تزوج من يهودية هي صفية حيي بن أخطب، كما تزوج أيضاً من مارية القبطية المسيحية ،ونسوا أيضاً أن رسول الله(ص)عندما استقبل أسقف نجران الذي جاءه على رأس وفد من 60 راهباً للحوار معه.ولم يسفر الحاور عن شيء.إذا بقى كل منهما على موقفه.فسأل أسقف نجران النبي(ص):يا محمد اليوم الأحد،فأين سأقيم القداس؟فأجابه النبي (ص)بكل بساطة وسماحة:في مسجدي.
 
وفعلاً أقيم القداس في المسجد النبوي،هذه هي سماحة الإسلام والنبي مع اليهود والنصارى،فأين نحن منها اليوم وبعد 15 قرناً،أهل الكتاب من "يهود ومسيحيين" ممنوعين من دخول ليس فقط مساجدنا،بل وحتى من دخول مكة والمدينة،و ُينعتون صباح مساء من على المنابر"بأولاد القردة والخنازير"أوليس زواج الرسول من يهودية ومسيحية دليل على أهمية مد جسور الإخوة و المودة والمحبة بين أصحاب الديانات الكتابة الأخرى؟؟؟!!!!
 
كما يؤاخد بعض المتعصبون الشيخ حسن شلجومي على رأيه في الحجاب،حيث صرح بما يعني أنه لا ضرورة له،علماً بأن موقفه هذا هو موقف جميع المصلحين الحقيقيين،إبتداء من الأستاذ الإمام محمد عبده،الذي نعرف اليوم أنه هو الذي كتب الفصل الأول من كتاب تلميذه وصديقه قاسم أمين"السفور"،انتهاء برأي كاتب هذه السطور من أنه عادة أملتها ظروف البيئة وليس فرضاً إسلامياً.
 
ورفض الحجاب شائع اليوم بين جميع المصلحين المسلمين،فصديقي المرحوم جمال البنا،الشقيق الأصغر لحسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين،قال فيه كلمته الشهيرة في كتابه"الحجاب"فقال:"لم يفرض الإسلام الحجاب على المرأة،بل فرض الفقهاء الحجاب على الإسلام"؛ وكتب صديقي شافعي مصر العصر الحديث المستشار محمد سعيد العشماوي كتاباً كاملاً"حقيقة الحجاب وحجية الحديث"لتفنيد أن الحجاب ليس فريضة إسلامية؛وكيف ننسى إن نسينا فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر السابق،المرحوم محمد سيد طنطاوي،المدفون في البقاع،مقبرة شهداء الصحابة،أنه أفتى بأن"الحجاب عادة وليس عبادة"،وأن الفتيات المسلمات اللواتي يعشن في أوربا أو أمريكا وغيرها من الدول الأوربية والغربية،لسن ملزمات بارتداء الحجاب عملاً بمذهب الإمام مالك في "سد الذرائع"،الذي استخلصه من الآية الكريمة:" وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عدواً"(17 الأنعام)،فقد أمر رسول الله(ص) أصحابه بألا يسبوا آلهة قريش حتى لا يتخذونها ذريعة لسب الله.كذلك أفتى الإمام الأكبر للمرأة المسلمة في فرنسا وأوربا بأن لا ترتدي الحجاب حتى لا تؤجج نار الإسلاموفوبيا.
 
الإمام حسن شلجومي مصلح عصره وزمانه، و صاحب شعبية مهمة في فرنسا،فحسب الصحافة الفرنسية هناك 4 آلاف مصلي يصلون خلفه ويساندونه في جهوده لإصلاح الإسلام الفرنسي والأوربي بل وحتى إصلاح الإسلام في أرض الإسلام.
 
يا شيخ حسن سِر على بركة الله، واستمر في مشروعك التنويري المنفتح ضداً على المشروع الظلامي المتعصب،وتمثل بقول الأستاذ الإمام محمد عبده في مرضه الأخير:
ولست أبالي أن يُقال محمد / أبَلّ[شفي]أم اكتظت عليه المآثم
 ولكن ديناً قد أردتُ صلاحه /       أحاذر أن تقضي عليه  العمائم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter