تلقيت رسالة من قداسه البابا شنودة وهو بالتحفظ يقول لي " انا آسف أني سببت لك تعب وسيقوم إناس بالرد عليك!!
حاورته : حنان بديع ساويرس
تعرض للإضطهاد ولضغوط شديدة فى ظل الأنظمة المُختلفة التى حكمت مصر بدءاً بعهد السادات ولا سيما أثناء أحداث سبتمبر الشهيرة بأحداث الزاوية الحمراء عام 1981 مروراً بعهد مُبارك ، ولم ينتهى إضطهاده بتركه مصر فحسب بل تمت مُلاحقته حتى بعد تركه لوطنه ، بل أصبح إضطهاده أشد وطأة فى عهد الإخوان ولا سيما بعد أن تم الزج بأسمه فى قضية الفيلم المُسيئ للإسلام فحكم عليه القضاء المصرى بالإعدام وبدون وجه حق ولأول مرة فى تاريخ مصر أن يُحكم فيها بإعدام كاهن ولاسيما أن الإتهام الموجه له ليس بإتهام جنائى وبدون أدلة ثبوتية ، فتابعونا من خلال السطور القادمة فى حوار شيق وهام مع القمص مرقس عزيز كاهن كنيسة السيدة العذراء مريم " المُعلقة" بمصر القديمة والذى يقطن حالياً بأمريكا .
1س – كيف ترى وضع الأقباط قبل وبعد الثورة ؟
وضع الأقباط منذ ثوره 23 يوليو 1952 كان سيئاً ، و أستمر الوضع يتدهور ، و كانت هناك فترات يعلو فيها مُعدل الآلام و فترات آخري تقل حِدة الألم نوعا ما ، و كان وضع الأقباط قبل 25 يناير أفضل كثيرا من وضعهم بعد هذا التاريخ . لقد كان في مصر ما يعرف بالإسلام الوسطي ، أما بعد 25 يناير فقد ظهر الإسلام الوهابي المُتشدد ، و ظهرت الجماعات الإسلامية و التنظيمات الإرهابية التي تنظر للأقباط علي أنهم كفار و يجب قتِالهم فتدهور حال الأقباط و لكنهم لن يتخلوا عن بلادهم و لن يتركوها مهما كانت الأحوال .
2س – ما تعليقك على ما حدث للأقباط بليبيا ؟
تفشي التعصب ضد المسيحية خاصةّ بعد إنتشار الجماعات الإرهابية في كل ما يسمي بالعالم العربي ، و مما يُساعد علي تدهور الأحوال هو موقف الحكومة المصرية السييء و الهزيل حيث تفرط في أبناء مصر الشرفاء و خاصه الأقباط . إن قوى الظلام لا تحتمل النور .
3س - القمص مرقس عزيز كرس حياته للدفاع عن الإيمان المسيحى وحقوق المُضطهدين ، وربما هذا تسبب لك فى كثير من المتاعب ، فهل ندمت يوماً ما على ذلك ؟
الدفاع عن الإيمان المسيحى وحقوق المُضطهدين هو الشيء الذي كرست حياتي لأجله , و لذلك أنا مُستمر في طريقى الذي بدأته من داخل مصر حتي النفس الأخير، أما عن المتاعب فأنا أشكر الله لأنني رغم عدم إستحقاقي إلا أنه سمح لي بنوال هذه البركه و لن أندم يوما حتي إذا وُضِعت في آتون النار أو أُلقيت إلى الوحوش .
4س – نريد أن توضح لنا .. لماذا ترك القمص مرقس عزيز مصر ، فهل مثلاً كان هناك نوعاً من الضغوط أو خطراً ما عليك وعلى إثره إضطررت للسفر أم لماذا ؟ مع إلقاء الضوء عن وضع قدسك فى عهد مُبارك ؟
بالنسبه لخطورة الوضع بالنسبة لي في مصر فهذا الأمرلم يشكل لي أي إنزعاج فمُنذ بدأت السير في هذا الإتجاه توقعت الكثير من المتاعب و لكنني كنت أثق في رعايه الله لي ، فما أكثر مُحاولات الإغتيال التي حدثت لي سواء بإطلاق الرصاص أو بمُحاولات التصادم بالسيارة و غير ذلك .
بالنسبه لموقفي أثناء حُكم مُبارك ، بالفعل كان هناك أخطار و ضغوط إلا أنها لم تُحرك ساكناً في داخلى و كُنت مُتمسك بالبقاء في مصر ، و قد سبق أن أنتدبت للخدمة في كندا و لم أكن أستطيع البقاء بعيدا عن مصر و طلبت من مثلث الرحمات قداسة البابا شنوده الثالث و رجوته أن يسمح لي بالعودة إلي مصر و قد حقق لي رغبتى و نفس الشيء تكرر حينما أنتدبت للخدمة في الولايات المتحدة و لم أحتمل البقاء بعيداً عن مصر و عُدت إلي الخدمة بالكنيسة المُعلقة التي أحن إليها في كل لحظه و أذكرها بدموع و إشتياق ، و لكن هذه المرة سافرت يوم 30 ديسمبر عام 2007 و ذلك لصلاه عيدي الميلاد و الغطاس بالولايات المتحدة في احدي الكنائس التي لا يوجد بها أحد الأباء الكهنة ، لكن محبة الأقباط هناك كبيرة فطلبوا مني بإلحاح أن أستمر معهم و طلبوا ذلك ايضا من مُثلث الرحمات قداسة البابا شنوده الثالث الذي إستجاب لرغبتهم و بالتالي أستمرت خدمتى هناك حتي الآن
- في عهد مُبارك أتفقت مُحافظة القاهرة مع هيئه مترو الأنفاق علي إقامه طريق علوي لمرور السيارات في منطقة كنائس مصر القديمه المُقامة علي تُربة رخوة وعائمة علي المياه الجوفية و معنى ذلك أن الكنائس ستنهار جميعاً ، فطلبت من كافة المسؤولين إلغاء الكوبري لخطورته علي الآثار القبطية فلم يتحرك أحد ، كتبت في كل الصحف و تحدثت في وسائل الإعلام و لم يتحرك أحد فلجأت إلي القضاء و رفعت قضية علي السيد الرئيس محمد حسني مبارك و عدد من الوزراء و مُحافظ القاهرة و تم الحكم لصالحي و تم إيقاف الكوبري ، و للحق فإن الرئيس مُبارك إتصل بي ليلة نظر القضية و أبلغنى انه أصدر قراراً جمهورياً بإلغاء الكوبري و لكنني تمسكت بإستمرار عرض النزاع أمام المحكمة ، و رغم طلب مُحامى الحكومة إنهاء النزاع لصدور قرار رئيس الجمهوريه ، و عندما طلب منى رئيس المحكمة إنهاء النزاع بعد قرار السيد الرئيس ، أعلنت رفضى و قلت للسيد رئيس المحكمة إن قرار رئيس الجمهورية من المُمكن إلغاؤه بقرار آخر من رئيس الجمهورية ، أما حكم المحكمة لا تستطيع أي قوة إلغاؤه . فأبتسم القاضى و أصدر حكمه بعدم إقامه الكوبري العلوي و هذا الحدث أتخذته بعض الحركات الإسلامية للتحريض ضدي و نشرت مجله المُختار الإسلامي علي غُلافها مانشيت تحريضى يقول " الدوله المُعلقة " تلميحاً للكنيسة المُعلقة .
5س – أصدرت محكمة أمن الدولة العليا حكمها بإعدام 8 من أقباط المهجر غيابياً ، وفى حادثة الأولى من نوعها ربما لم نسمع بمثيلاً لها عبر تاريخ مصر أن يتم الحكم بإعدام كاهن ، فلم يحدث هذا إلا فى عهد حكم الإخوان المسلمين لمصر، فبماذا تفسر ذلك؟
ليس ذلك بأمر غريب ، بل هو متوقع ، أنه حكم سياسي ، أصدره قاضي مُتأخون ، كنوع من تصفية الحسابات .
6س – هل أتخذتم أى إجراءات قانونية ضد هذا الحكم الجائر ، وإلى ماذا وصلتم فى ذلك ؟
لم أتخذ أي إجراءت فأنا أؤمن أن إلهى كان يدير الكون في الماضي و أنه سيدير الكون في المستقبل ، فلماذا أتدخل فى عمله , أنه يدير الكون حاليا ، و إذا أراد أن ينفذ هذا الحكم معي ، فيكون بذلك قد منحني فرصة لا أستحقها وهى أن أنال أكليل الشهادة .
7س – نريد أن توضح من وجهة نظرك لماذا يتم الزج بأسم القمص مرقس عزيز فى أمور كثيرة وخطيرة ، فتارة يتهمونك بأنك الأب يوتا ، وتارة تدعى بعض المواقع السلفية بأنك المرشد الروحى للبلاك بلوك ، وتارة يزجون بأسمك فى الفيلم المُسئ للإسلام ، فلماذا يوجد نوع من إلقاء الضوء عليك من الإسلاميون المُتشددون بل إن صح التعبير لماذا يحاربونك بهذه الشراسة فما الغرض من ذلك من وجهة نظرك ؟
الأب يوتا لا أعرف عنه شيئاً على الإطلاق ، و قلت مراراً و تكراراً أنني لست الأب يوتا كما أنني لست بالشخص الضعيف الذي يتخفي وراء أسم مُستعار ، و لو كنت الأب يوتا لكنت أعلنت ذلك و أفتخر لأننى لم أفعل شىء بدون إقتناع
أما موضوع البلاك بلوك فهذه أضحوكة ، فمرة يقولون أنني المُرشد الروحي لهم ، و مرة آخري يقولون أنني الممول لهذه الجماعة . ثم أتهموا آخرون بنفس التهمة ، و لو فكروا قليلاً لعرفوا سخافه إدعاءاتهم ، فكيف أكون مُرشداً لجماعة غير مسيحية و هذه الجماعة تحيا في مصر بينما أعيش أنا فى الولايات المُتحدة .
أما الفيلم المُسىء لرسول الإسلام فقد سمعت عنه من أحد الفضائيات الإسلامية حينما إتهمتني أنني مُنتج الفيلم فشاهدث بعض أجزاء من الفيلم و هي الأجزاء التي عرضتها الفضائية الإسلامية .
الغرض من ذلك إسكات صوتى عن الشهادة لأيمانى المسيحي ، قد قمت بالرد على ذلك بأننى لن أصمت مهما كانت النتائج
لقد كنت قبل سفري أكتب في الصحافة القومية و الحزبية و المُستقلة و أتحدث في الإعلام المرئى ، و كم حدثت لقاءات بينى و بين بعض الشيوخ و الدُعاة و كنت أحاورهم و أعلن الحق من خلال كتابنا المُقدس و القرآن الكريم و الأحاديث .
الشيء الآخر هو مُحاولة قصف قلمي حيث أنني كتبت مئات الكتب في الكثير من المجالات و من بينها كتب عن الدفاعيات اذكر منها كتاب إستحاله تحريف الكتاب المقدس . لا اله الا الله يسوع المسيح أبن الله ، كيف أشهد للمسيح ، أسماء السيد المسيح الحُسنى و دلالاتها ، مسيحيتى ما أعظمك ، هل حقاً السيد المسيح هو الله ، هذا هو الحق ... و غير ذلك الكثير.
بعد أن تواجدت في الولايات المتحدة إلتقيت بمن يهتمون بالإعلام القبطي و قمنا بعمل بعض الفضائيات التي تتولي الدفاع عن الأيمان المسيحى و تهتم بالإضطهاد الذي يعانى منه الأقباط في مصر ، مما جعل بعض الشيوخ و الدُعاة في الإعلام الإخوانى يدعى علي الكثير من الإدعاءات الكاذبة .
8س – كنا نراك دائماً فى قناة الحقيقة والتى كان يوجد عليها بعض الأقاويل ، وبعد ذلك تركتها فهل من ضغوط عليك لتركها ، أم ما الأسباب وراء ذلك ؟
عندما تركت قناه الحقيقة أصدرت بياناً و نشرته الصحف المصرية و المواقع و قلت فيه أنني حاولت مع المسؤول عن القناة أن يغير من أسلوبه و من كلماته التي يتميز بها و قد وعدني بأنه سيفعل ذلك و أتفقنا و لكنه لم يستطيع أن يتغير و أستمر في أسلوبه فقررت الإبتعاد ، هذا هو الحق وليس شيء آخر
9س- نريد أن نعرف ما هى البرامج التى تقوم بتقديمها الآن وعلى أى القنوات ، وهل حقاً توجد قناة خاصة بقدسك كما يروج بمصر الآن ؟
برنامج أقباط في حب مصر ، و هو يتابع أخبار مصرنا الحبيبة و ما يحدث لأبناء مصر عامة من متاعب و أيضا ما يتعرض له الأقباط خاصة من إضطهاد مُمنهج و مُنظم و فيه أقوم بالتعليق و الرد علي هذه الأحداث و أعلن رأيى فيها بكل صراحة ووضوح و أطالب المسؤولين بحق الأقباط ، و هذا البرنامج يُذاع علي الهواء مُباشرة يومى السبت و الأثنين و تُعاد الحلقتان في يومى الأحد و الأثنين و فيه نستقبل مُداخلات السادة المُشاهدين من كل أنحاء العالم و يشاركني في هذا البرنامج الأخ أحمد بولس و هو من العابرين و كان ضابطا بالحرس الجمهوري , و لذلك كانت التهمة المُقترنة بأسمي في حكم الإعدام أنني مُقدم برامج .
10س – بمناسبة الذكرى الأولى لقداسة البابا شنودة التى مرت منذ أيام قليلة ، نود أن تذكر لنا أهم الذكريات أو المواقف البارزة التى حدثت بينك وبين قداسته ؟
قداسة مُثلث الرحمات البابا شنودة الثالث هو أبي الذي تتلمذت علي عظاته و مؤلفاته ، كما تعلمت منه خلال لقاءاتي به . أما عن ذكرياتي مع قداسته فهي كثيره جداً و لكنني لا أنسي عندما أصدر الرئيس محمد أنور السادات قرار بالتحفظ علي قداسته في دير الأنبا بيشوي ، و كيف أن جهاز أمن الدولة كان يُطارد الكهنة بحيث لا نستطيع ان نعقد إجتماعنا الشهرى الذي نتدارس فيه أمور الخدمة ، فشعرت بأننا مُقبلون علي إضطهاد مُنظم . فبدأت أكتب مقالات دورية في جريده الأهالى و كان رئيس تحريرها الأستاذ حسين عبد الرازق ، و كانت المقالات موجهة إلى الرئيس محمد حسني مبارك ، و في يوم من الأيام كتبت مقالاً شديد اللهجة بعنوان "سيدي البابا لماذا أنت هناك " بمعنى " سيدي البابا لماذا يتحفظون عليك " و قد أدركت وأنا أكتب المقال أنه شديد اللهجة و أنه لابد أن يتم القبض علي فور صدور الجريدة و قد كان ، حيث تم إستدعائي إلي أمن الدولة وإلتقيت بسيادة العميد نبيل عيطه الذي إصطحبني إلي اللواء فؤاد علام ... الخ ، لكن الشيء الغريب إنني تلقيت رسالة من قداسه البابا و هو بالتحفظ يقول لي " انا آسف أني سببت لك تعب و ستتعرض بعد ذلك لمزيد من التعب و سيقوم إناس بالرد عليك "
ما هذا . البابا العظيم يزداد في عظمته و يعطي درسا لشخص صغير مثلى بقوله " أنا آسف " .
كيف عرف البابا بما في المقال قبل أن يُنشر ، و كيف عرف أن هناك من سيتعرض لي بالرد .. و قد تحقق ما قاله .. طوباك يا سيدى البابا .. مُعلم الأجيال .. بابا المحبة و المُعجزات .
11س – ماذا تتمنى لأقباط مصر ، وماذا تتمنى لمصر وشعبها عامة ؟
أتمنى لأقباط مصر أن يتحدوا و أن يصبروا و لا يتسلل اليأس إلى قلوبهم و أن لا يتركوا مصر فهي بلدهم ، و هم سُلاله الفراعنة ، و أقول للمصريين جميعاً إتحدوا معاً ، فالحكومة الظالمة تظلم الجميع مُسلمون و أقباط و إن كان ظلم الأقباط أشد ، لا ترضخوا للمُستعمر الذي يريد أن يبيع مصر تحت ستار الدين .
12س – هل تود العودة لأرض الوطن ، ولاسيما إذا تحسنت الظروف والأوضاع بمصر ؟
أنا أحلم باليوم الذي أعود فيه لبلادى التي أعشقها و إلي الكنيسة المُعلقة التي تسري في دمي ، و عندي ثقه أن الأمور ستتغير و الحق سيعلو صوته ، و الباطل سينهار ، و أرجو أن يتم ذلك قريباً
13س – أى كلمة تريد قولها أو التنويه عن شئ لم أسألك فيه ؟
أشكرك