بعث المكتب الدولى لحقوق الإنسان بجنيف برسالة لمؤتمر تدشين جبهة الدفاع عن إستقلال القضاء " المنعقد غدًا الأربعاء ،قال فيها " للسيدات والسادة الحضور قضاة ومحامين وفقهاء القانون وأساتذة الجامعات بكليات الحقوق يشكر ويرحب الدكتور عوض شفيق مدير المكتب الدولى لحقوق الانسان بجنيف رئيس المؤتمر الخاص بتدشين جبهة الدفاع عن استقلال القضاء بانضمامه عضوا فى جبهة الدفاع ومسئولا عن ملف التدويل والتواصل بين الآليات الدولية الخاصة للدفاع عن السلطة القضائية.
وفى اطار التدويل كنت قد أرسلت شكوى إلى لجنة استقلال القضاء بالأمم المتحدة بتاريخ 6 فبراير 2013– وقمت بإرسال نسخة منها الى الاستاذ شحاته محمد شحاتة المحامى والمستشارة تهانى الجبالى باللغة الانجليزية ... وتحت عنوان الدستور الجديد يجب الغاءه... مصر: تستحق دستورا جديدا ويجب استعادة الحكم بمبدأ سيادة القانون. وسوف اعرض موجزا لكم شارحا فيها بعض وقائع الاعتداءات على السلطة القضائية والمخالفات الجسمية للأحكام والقوانين الدولية.
1-أشكال التعدى على السلطة القضائية
استندت الشكوى المقدمة لجنة استقلال القضاء بالأمم المتحدة الى المعايير الدولية لاستقلال القضاء والمحامين ووكلاء النيابة العامة والاتفاقيات الدولية لملزمة لمصر والتى انضمت اليها مصر وأصبحت ملزمة بعدم انتهاكات هذه الاتفاقيات عملا بالمادة الثانية من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية بالإضافة الى البيانات التى أصدرتها الأمم المتحدة على لسان رئيسة المفوضية السامية لحقوق الانسان السيدة القاضية نافى بيلاى والموجهة مباشرة الى رئيس الجمهورية السيد مرسى والصادر فى تاريخ 28 نوفمبر 2012 وطالبت فيه مرسى بأنه يجب اعادة النظر فى الاعلان الدستورى الصادر فى 21 نوفمبر 2012 قائلة "أن عددا من المواد الواردة فيه لا تتفق مع القانون الدولى لحقوق الانسان ونبهت عليه بأن الموافقة على الدستور فى هذه الظروف ستكون خطوة محفزة للانقسام والتصعيد والتوتر ومن بينها قضية النائب العام وقضية اقصاء المستشارة تهانى الجبالى من قضاة المحكمة الدستورية بنص دستورى معيب وبعض مواد الاعلان الدستورى الخاص بتعدى الرئيس على السلطة القضائية مثل :
المادة الثانية من الاعلان الدستورى والتى تنص على حظر أى طعن قانونى على أى من الاعلانات الدستورية السابقة والقوانين والمراسيم التى أدلى بها الرئيس منذ توليه مهام منصبه فى 30 يونيه 2012 حتى يتم الموافقة على الدستور وانتخاب مجلس الشعب الجديد ... وقالت رئيسة المفوضية أن حكم هذه المادة يتعارض أساسا مع المفهوم الأساسى لسيادة القانون من خلال وضع الاجراءات التى يقوم بها الرئيس خارج الرقابة القضائية، و عدم السماح لأى طعن قانونى بغض النظر عن مضمونها" واصفة بذلك بأن هذه الاجراءات التى يقوم بها الرئيس يشكل تعديا على دور القضاء فى مجتمع ديمقراطى ولا يتفق مطلقا مع المادة 14، الفقرة 1 من الاتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية الذى تضمن استقلال السلطة القضائية"
والمادة الخامسة من الاعلان الدستورى والتى تنص على "عدم جواز اصدار أية جهة قضائية لأية أحكام بحل مجلس الشورى أو الجمعية التأسيسية لوضع الدستور" تتعارض مع مبدأ استقلال السلطة القضائية وكذلك مع المادة الثانية من العهد الدولى والتى تؤكد حق اللجوء للانتصاف الفعالة، بما فيه خلال سياق الانتخاب وأشارت المفوضية السامية لحقوق الانسان بالأمم المتحدة بشأن تشكيل الجمعية التأسيسية الى أن "أى عملية وضع دستور يجب أن تتضمن تمثيل كامل
الأطياف السياسية بما فيها الرجال والمرأة والأقليات والمجتمع المدني الأمر الذى لم يكن واقع الحال مع هذه الجمعية التأسيسية"
وفى رسالتها للرئيس المصري أكدت بيلاى رئيسة المفوضية أنها متفهمة تماما للتحيات الصعبة التى تواجه الرئيس المصري ولكنها حثته على اعادة النظر فى الاعلان بحيث يصبح بإمكانه مواجهة المشاكل المختلفة بتدابير موافقة لمبادئ الدولية لحقوق الإنسان وأن الصلاحيات القانونية والمسؤولية السياسة للرئيس مرسى تتضمن معالجة هذه الصعوبات وفقا لمبادئ القانون الدولى واستقلال السلطة القضائية
2-خلو الدستور من النص على المعاهدات الدولية لحقوق الانسان
بالرغم من رسائل وبيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة بالامتثال لقواعد القانون الدولى إلا أن النظام السياسى الآن مازال يتحدى ويعتدى على السلطة القضائية وعزم على خروج الدستور المعيب بصورته المعيبة وتم اصدار قرار بعزل النائب العام وتعيين نائب آخر وتم عزل أيضا السيدة المستشارة تهانى الجبالى من منصبها فى المحكمة الدستورية العليا، بنص مادة دستورية وضعت خصيصا لأجل عزلها. مما اثار استنكار المجتمع الداخلى والمجتمع الدولى و آثار قلق المفوضية السامية لحقوق الانسان وأصدرت بيانها فى 7 ديسمبر 2012 بخلو مشروع الدستور من أى اشارة الى المعاهدات الدولة لحقوق الانسان التى صادقت عليها مصر، والتى يتعين عليها التمسك بها، بينما نص دستور 71 على الوضع القانونى لهذه المعاهدات، وأضافت السيدة بيلاى بكلمات "يؤسفنى أيضا أن يشير مشروع الدستور فى العديد من أحكامه الى التشريعات المعمول بها حاليا فى البلاد والتى يمكن أن تكون مخالفة للمعا
3-دسترة قوانين مخالفة للقانون الدولى
واصلت الأمم المتحدة فى البيان الصادر بتاريخ 7 ديسمبر 2012 الى استنكارها وقلقها ازاء المواد الخاصة بعزل قضاة المحكمة الدستورية ويتم تعيين قضاة المحكمة الدستورية العليا من قبل الرئيس، الأمر الذى يمكن أن يؤدى الى اعطاء السلطة التنفيذية نفوذا مفرط على السلطة القضائية.
وأعربت لجنة التمييز ضد المرأة فى بيان لها صادر فى 14 ديسمبر 2012 فى التشكيل الجديد للمحكمة الدستوري ووضع المرأة وتمثليها والمساواة بين الرجل والمرأة وطالبت الحكومة بالتوضيح كيف يكون قضاة المحكمة الدستورية مستقل وهو قام بعزل امرأة بنص دستورى اشارة الى السيدة المستشارة تهانى الجبالى ودعت الحكومة بالامتثال الاتفاقية الدولية الخاصة بالمرأة
وكما اشار مجموعة الخبراء الدوليين أن عملية الاستفتاء على مشروع الدستور وخروجه بهذه السرعة يحتاج الى مراجعة سريعة مرة أخرى وهو يعد أمرا ضروريا وأن العجلة والاستعجال بالاستفتاء عليه وعلى مواد دستورية يوجد منها ما يوافق حقوق الانسان ومنها لا يوافق ومنها متعارض مع مواد دستورية أخري وحث الخبراء الدوليين فى الأمم المتحدة بضرورة اعادة النظر فى مواد الدستور والنص الصريح على استقلال السلطة القضائية بعيدا عن تسلط ونفوذ السلطة التنفيذية والتزام الحكومة المصرية بوضعية المعاهدات الدولية لحقوق الانسان مثل ما كانت فى دستور 71 والامتثال الى المعايير الدولية لاستقلال القضاء والمحامين ووكلاء النيابة العامة والقانون الدولى.
وبالرغم كل هذه الرسائل الصادرة من الأمم المتحدة والموجهة الى الرئيس يخرج علينا يوما اسود آخر وهو يوم الجمعة تحمل مليونية أخرى عنوانها فى الاساس انتهاكا سافلا وجريمة اعتداء على السلطة القضائية كمؤسسة وأفراد قضاة مما دعى الى نادى القضاة بعقد مؤتمرا صحفيا امس وإصدار وثيقة تبين مدى انتهاكات واعتداءات النظام السياسى الحالى والجماعات السياسية المناهضة لفكرة استقلال القضاء استقلالا مؤسسيا والطعن فى نزاهة وحيادية القضاة والدعوة للخروج لمحاصرة أماكن عملهم ومنازلهم والتهديد بقتلهم مما دعى المؤتمر الصحفى لنادى القضاة الى اللجوء الى القضاء الدولى بإصدار هذه الوثيقة مستندة الى المعايير الدولية بشأن استقلال القضاء والانتهاكات الجسيمة ضد القضاة والسلطة القضائية
4-الاستنتاجات والتوصيات
أن الجهاز القضائى (قضاة محامين نيابة عامة) ينبغى ألا يكون أبدا تحت سيطرة أو ادارة السلطة التنفيذية للحكم سواء بحكم القانون أو بحكم الواقع. ويجب أن تحترم الدولة استقلال القضاء وان تتخذ تدابير الامتثال الكلى لهذا الاستقلال.
ان عدم استقلال القضاء يعنى انعدام الفصل بين السلطات، الذى يعنى بدوره ، انعدام سيادة القانون، والقيود الموضوعة على ممارسة السلطة القضائية والتدخل السياسى فى نظام العدالة الجنائية يُعزى الى استمرار الافلات من العقاب .ان استمرار الافلات من العقاب هو سبب ونتيجة لعدة امور من بينها عدم استقرار الدولة وتلاشى سيادة القانون، وضعف آليات المساءلة
5-التوصيات
1-ارسال بيان بنتائج مؤتمر تدشين جبهة الدفاع عن استقلال القضاء الى النظام السياسيى الحاكم والتعهد بعدم الاعتداء على السلطة القضائية مؤسسة وأفراد من القضاء والتعهد بعد اصدار قانون اسلطة القضائية الا من خلال الآلية القانونية المحددة لإصداره
2-تحديد خطة جبهة الدفاع وتوثيق حالات الاعتداءات على السلطة القضائية ومعالجة الآثار السلبية الناتجة عن هذا العدوان وهو مكافحة الافلات من العقاب وتقديم المجرمين الى العدالة الجنائية
3-وأخيرا توثيق حالات الاعتداءات على السلطة القضائية بدءا من الاعلان الدستورى وصولا الى اليوم لأجل التواصل مع الهيئات الدولية بالأمم المتحدة والعمل بوثيقة المؤتمر الصحفى لنادى القضاة الذى صدرت أمس وتوصيات مؤتمر نادى القضاة الذى سيعقد الاربعاء 24 ابريل.
دكتور عوض شفيق المحامى بالنقض
استاذ القانون الدولى بجنيف
رئيس المكتب ادولى لحقوق الانسان بجنيف ومصر
المكتب الدولي مؤسسة قانونية خاضعة للقانون السويسرى
يعمل فى مجال الدفاع عن ضحايا انتهاكات حقوق الانسان وبرامج استعادة سيادة القانون ومكافحة الافلات من العقاب والتحكيم الدولى