بقلم : د. نجيب جبرائيل
فى كل مناسبة دينية وخاصة الاعياد السيدية لدى الاقباط مثل عيدى الميلاد والقيامة المجيدين يثار جدلا واسعا بين اصوات صاخبة واخرى خافتة بين الاصوات وهم بالكثرة ترى انه لماذا كل هذا الاهتمام بدعوة رئيس الجمهورية لحضور قداس دينى يقام فى الكاتدرائية عشية عيد الميلاد او عشية عيد القيامة المجيد وازداد هذا الموضوع ثورة وغضبا حينما اعتلى الدكتور / محمد مرسى رئاسة الجمهورية فاصبح الامر اكثر تعقيدا وتشابكا بعد ظهور اجنحة دينية قد تكون متفقة او مختلف ما بين سلفى واخوانى وجهادى وتكفيرى ثم تتعدد الاجنحة السلفية بين ما يرى تحريم حتى السلام او التهنئة على الاقباط وان ذلك من كبائر الامور ومن المشركيات التى يأباها الاسلام حسب مفهومهم فيما يقوم فضيلة الامام الاكبر شيخ الجامع الازهر الدكتور / احمد الطيب بزيارة تهنئة لقداسة البابا تاوضروس الثانى بمناسبة عيد القيامة المجيد وتدور الحسابات فى هذا الموضوع بين مكتب الارشاد والرئيس من جهة وايضا من فتاوى الهيئة الشرعية للحقوق والاصلاح فيرى البعض ضرورة ان يعرض مرسى زيارته للكاتدرائية على هيئة كبار العلماء كما صرح بذلك المتحدث بأسم الجبهة السلفية وبطبيعة الحال ينتهى الامر برفض زيارة مرسى للكاتدرائية .
واننى رغم ما سوف اسوقه من عدم الحاجة ومن عدم جوهرية هذه الزيارة لعدم اتساقها مع قوانين الكنيسة الا اننى ارى مع ذلك تناقضا فجا اذا كان الامر يتعلق بجوهر الدين حسبما يرى مرسى وجماعته اذ قبل رحيل قداسة البابا شنودة الثالث وفى مثل هذه الايام وفى يناير 2012 كان الدكتور / مرسى رئيس حزب الحرية والعدالة بصحبة الدكتور / الكتتانى فى اول صف وقاما بمعانقة ومصافحة قداسة البابا شنودة الثالث وكانت الصلوات تقرع مسمعيهما وكان يرتدى قداسة البابا زى البابوية الملئ بالصلبان الساطعة والزاهية فاين اليوم مرسى وجماعته من مثل هذه الزيارة ؟
ثم حدثت وفاة قداسة البابا شنودة الثالث وانتقاله للسماء وكان مرسى ايضا لم يرتقى بعد الى سدة الحكم فى مارس قبل الماضى ورفض مرسى القدوم الى الكاتدرئية لحضور مراسم العزاء او التـأبين وبعد ان اعتلى مرسى حكم البلاد رفض حضور مراسم تنصيب قداسة الباتبا تاوضروس الثانى .
ولكن هذا الامر لا يعنينا كثيرا وما يعنينا لماذا هذا الضجيج وتضخيم الامور وما تخرج علينا من بيانات الاحتجاج على دعوة مرسى لحضور قداس عيد القيامة ولماذا تخفت احيانا صوت دعوته داخل الكاتدرائية وكما لو كان من الاسرار ؟
وبداية ربما استطيع حسم هذا الامر من وجهة نظرى بعبارة وجيزة وقاطعة وهى " ان زيارة الدكتور / محمد مرسى الى الكاتدرائية لحضور قداس عيد القيامة المجيد او فى اى زيارة له لن تزيد من قامة الكاتدرائية وان عدم زيارته لها لن ينتقص شيئا من قامتها "
هذا ما كنت اود ان ابينه حتى يهدأ الغاضبون وتكف الكنيسة عن ترددها فى ارسال دعوة الى مرسى لحضور قداس العيد .
ولكن السؤال المطروح والاهم وهو ما اخذته عنوانا لهذا المقال وهو " هل دعوة مرسى لحضور القداس الالهى هو جزء او مذكور فى الطقس الكنسى او الدسقولية التى هى اقول الاباء والتى يجب ان تلتزم بها الكنيسة القبطية " ؟
انا اعرف ان هناك اوشية فى القداس يطلب فيها الصلاة من اجل الرؤساء والحكام ولكل من هم فى منصب وهذا يعنى الصلاة فقط ولم تقل الدسقولية دعوة الرؤساء لحضور صلوات القداس الالهى الذى يعيش الانسان فيه متأملا فى حضرة الله . ثم لماذا نجبر مرسى الذى يرى ان فى عقيدتنا شرك بالله حسب ما يعتقده عن الاخر ونحرجه بان نسمعه صلوات وطقوس لا يريد سماعها او ان يصافح من لا يريد مصافحته ... اليس الخطأ فينا كل الخطأ ولماذا الكنيسة تغضب ابناء شعبها بتلك الدعوة .
ثم كيف تقبل الكنيسة بزيارة مرسة بالتهنئة بالعيد او لحضوره قداس وان فى عهد ه ضربت الكاتدرائية لاول مرة فى التاريخ بالقنابل والملوتوف فى عهد وزيره الاخوانى وربما يقول الكثيرين وانا اولهم بان ديانتنا ديانة تسامح ومحبة نعم ديانة تسامح ومحبة لكن ليست ديانة ملطشة على القفا ... السيد المسيح له المجد وقف وفى منتهى الجرئة غاضبا على من لطمه وقال له " اذا كنت لم افعل رديا فلماذ تلطمنى " الكنيسة علمتنا انه ليس ان ندر خدنا الايسر لمن لطمنا على الايمن ان ذلك استسلاما وضعفا وخنوعا وانما حكمة وهروب من الشر اذا لزم الامر .
وكيف يقبل رئيسا على نفسه ان يزور الكاتدرائية وفى عهده اعتدى على الكنائس وحوصرت وهدمت وقتل اقباط ابرياء وتم تهجير اخرين وتم اختفاء بنات قاصرات وخطفهن فى عهدا لم يسبق للاقباط ان تعرضوا لمثله فى ثلاثة عقود او اكثر من الزمن بل ان فى عهده لم تبنى كنسية حتى الان واصبح اضطهاد الاقباط ممنهجا .
لقد سئمنا كلمات معسولة طالما رددها الرئيس مرسى ثم ظهر بطلانها وزيفها مثل " من اعتدى على قبطى فقد اعتدى عليا شخصيا ... وان الاقباط فى عنقى لا يوصينى عليهم احد ... واننى رئيس لكل المصريين .."
واننى اقول وبملئ الفم بعد ان اقدم جزيل الاحترام والتقدير والاعتزاز لقداسة البابا تاوضروس الثانى والذى اتسمت تصريحاته بالجرأة والوطنية الرائعة اقول لقداسته انه طالما لا يوجد فى الطقس الكنسى ما يجبرنا او يدعونا الى دعوة مرسى الى القداس فليس بلازم دعوته ربما يقول البعض ان ذلك يأتى من قبيل البروتوكول او المجاملة وارد على ذلك انه اذا كان ذلك البروتوكول يتعارض مع القانون الكنسى فيكتفى باؤشية الصلوات من اجل الرؤساء دون دعوته لحضور القداس الالهى واحراجه طالما انه يتضرر وجماعته من ذلك .
ويكفى ان نحتفظ بصداقة واعتزاز من يتسمون بالوسطية والاعتدال وهم الاكثر من اخواتنا المسلمين وعلى رأسهم فضيلة الامام الاكبر د. احمد الطيب شيخ الجامع الازهر الذى يمثل الوسطية والاعتدال الذى تمتعت به مصر لاكثر من الف سنة او يزيد .
القاهرة فى 28/4/2013
د. نجيب جبرائيل
رئيس منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الانسان
Nag_ilco@hotmail.com
22030009-01006095627