الأقباط متحدون - اليهوذات الجدد...
أخر تحديث ١٧:١٠ | الخميس ٢ مايو ٢٠١٣ | ٢٤ برمودة ١٧٢٩ ش | العدد ٣١١٤ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

اليهوذات الجدد...

بقلم منير بشاى 
 
          لا أحاول فى هذا المقال أن أبرىء يهوذا أو أخفف من فعلته الشنيعة. فالحكم بأنه إبن الهلاك قد صدر فعلا ضده من ديان الأحياء والأموات (يوحنا 17 : 12). وبالمثل لا أحاول هنا أن أنصب نفسى ديانا للناس فهذا عمل الله وحده. ولكن ما احاول ان أفعله هو تحليل تصرفات بعض الناس ومحاولة معرفة أسبابها ودوافعها. وقد لفت نظرى محاولة البعض إطلاق لقب يهوذات على خونة الحق. وبعد كثير من الفحص والتمحيص توصلت إلى أن هذا ظلم كبير – أقصد ظلم كبير ليهوذا.
 
صحيح أن هناك بعض التماثل بين الإثنين. فيهوذا باع سيده وقبض الثمن، وخونة الأقباط باعوا أهلهم وقبضوا الثمن.
 
          ويبدو أن العامل المشترك هو حب الكسب والرغبة العارمة لتحقيقه حتى بالوسائل غير المشروعة. فيهوذا كان التلميذ الذى بعهدته الصندوق. وبدلا من الأمانة للأموال التى فى عهدته والتى هى أموال الفقراء والمساكين، نجده يختلس هذه الأموال ويضمها لحسابه الخاص (يوحنا 12 : 6 ، 13 : 29). بل تظاهر مرة بدفاعه عن الفقراء عندما إنتقد مريم التى إستخدمت الطيب الكثير الثمن لتدهن قدمى يسوع، ليس حبا للفقراء ولكن رغبة فى زيادة رصيد الصندوق حتى يسرق المزيد (يوحنا 12 : 1-8). أما خونة الأقباط فأيضا كان هدفهم الصعود إلى المراكز العليا والتى هم غير مؤهلين لها بعد تقديم خدماتهم للنظام على حساب أخوتهم.. ناهيك عن مظاهر التكريم والحفاوة التى يقابلون بها من السلطات ومن الإعلام المصرى الذى يسلط عليهم الأضواء بإستمرار ويعاملهم على أنهم الصفوة الممتازة ودائما يطلقون عليهم ألقابا ما أنزل الله لها من سلطان مثل المفكر القبطى والباحث القبطى والكاتب القبطى. والمرء لا يسعه إلا أن يتساءل أليس هناك من بين الأقباط أفضل من هؤلاء ليمثلوهم فى هذه المجالات؟
 
          ولكن هناك فارقا كبيرا بين يهوذا وخونة الأقباط.
 
          فيهوذا كان هدفه بيع المسيح وقبض الثمن. وأظن أنه كان يعتقد أنه سيقوم بلعبة فهلوية يبيع فيها المسيح ويستفيد من الأموال دون أن يتم التسليم الفعلى. وقد رأى ذلك بعينيه كيف حاول اليهود أن يمسكوا بالمسيح ولم ينجحوا لأن ساعته لم تكن قد جاءت بعد (يوحنا 7 : 30 و8 : 30) وفى (متى 21 : 46) يقول أن اليهود كانوا يطلبون أن يمسكوه ولكنهم خافوا من الجموع لأنه كان عندهم مثل نبى. وفى مرة أرسل رؤساء الكهنة خداما ليمسكوا المسيح ولكن بعد ما سمع الخدام كلامه رفضوا أن يلقوا القبض عليه وقالوا: لم يتكلم إنسان قط هكذا مثل هذاالإنسان (يوحنا 7 : 46) وفى مرة أخرى عندما وبخ المسيح اليهود أخذوه إلى خارج المدينة وجاءوا به إلى حافة الجبل حتى يطرحوه إلى أسفل ويقول (لوقا 4 : 30) أن يسوع جاز فى وسطهم ومضى دون أن يصيبه أذى. رأى يهوذا كل هذه المعجزات التى صنعها المسيح وربما ظن أن المسيح سيخرج من عملية التسليم كما يقول المثل الدارج "مثل الشعرة من العجين"، أما هو فسينعم بالثلاثين من الفضة.
 
          ولكن خيبة أمل يهوذا تحققت عندما تأكد أن شيئا من هذا لم يحدث فى هذه المرة وأن فعلته الأثيمة قد أدت إلى أكبر جريمة عرفها التاريخ عندما أسلم سيده للموت نظير بضع عملات فضية. وهنا نجد الفارق بين يهوذا وخونة الشعب القبطى. فيهوذا ندم على فعلته ولكن بعد فوات الوقت. ويقول (متى 27 : 3 – 5) "حينئذ لما رأى يهوذا الذى أسلمه أنه قد دين ندم ورد الثلاثين من الفضة إلى رؤساء الكهنة والشيوخ قائلا قد أخطأت إذ سلمت دما بريئا فقالوا ماذا علينا. أنت أبصر. فطرح الفضة فى الهيكل وإنصرف. ثم مضى وخنق نفسه". أما خونة الأقباط فليس لديهم أى إحساس بالذنب أو إستعداد للندم.
 
          نحن نتمنى لخونة الشعب القبطى أن يفيقوا ويندموا كبطرس وليس كيهوذا ويتوبوا كبطرس توبة مقبولة. ولكن الظاهر أن بريق الفضة قد أعمى عيونهم ورنين الفضة قد صم أذانهم حتى لا يروا ولايسمعوا ولايفهموا. ويبدو أنهم ليس لديهم الإستعداد للندم على أفعالهم لا كبطرس.. ولا حتى كيهوذا...
 
mounir.bishay@sbcglobal.net

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter