عـادل عطيـة
"احدكم سيخونني قبل بزوغ الفجر".. عبارة افتتح بها يسوع المسيح عشاءه الأخير مع تلامذته.
عبارة مهدت لاحدى انذل الخيانات في التاريخ.. خيانة التلميذ الأكثر قرباً من يسوع، والذي تبعه منذ بداية دعوته، وكان من أهم المؤتمنين على تصريف المال، وتفريقه على الجياع.
عندما تبعه، لم يترك وراءه كل شيء، كما فعل باقي التلاميذ، بل حمل معه في قلبه إيمانه بمقاومة المحتل الروماني، وإستعادة مجد اليهود!
فلم ير فيه أنه المسيح كما فعل بطرس، وانما رأى فيه زعيماً روحياً يستطيع أن يحرك الرجال باسم الله لتحقيق خياره الثوري، والانقلابي!
وعندما نفذ صبره، أتى بقبلته الأخيرة، القبلة الخائنة المأجورة، معتقداً بأن تسليم يسوع قد يرغمه على الأخذ بزمام الثورة، ويتخلى عن أقواله عن مملكة الرب، والعالم الآخر، والعدالة، والاستقامة لكل البشر!
ولكن يهوذا الاسخريوطي، المجاز الأبلغ لاقتراف الغدر، خسر كل شيء، وحمل صليبه بطريقته الأكثر عذاباً وألماً بعد يأسه من خلاص قضيته، وبعد أن قدم حياة صديقه الأغلى ، قرباناً لها!
ان مأساة يهوذا ليس في استخدام بادرة الود في الخيانة، ولكن في محاولة استخدام الله نفسه في تحقيق مآربه الخاصة.
وهذا ما نصنعه كثيراً!...