الأقباط متحدون - 7- سبت النور
أخر تحديث ٠٦:٠١ | السبت ٤ مايو ٢٠١٣ | ٢٦ برمودة ١٧٢٩ ش | العدد ٣١١٦ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

7- سبت النور


Oliver كتبها  
لقاء الأرواح
حين أسلمت روح الإنسان فيَ بقي اللاهوت فيَ...نزلت إلي الجحيم بعدها بدقائق.كان الموضع مظلماً أنا أضأته.أنا النور الذي أشرق في الظلمة.و الذين إنتظرونني برجاء  أنا حفظتهم لي خارج الآلام .هؤلاء الذين كانوا يترجونني و يتوقعون خلاصي بسكوت.و أما الباقون فأنا أقصيتهم عني إلي الأبد.
هذا الذي جعلني هدفه  أنا جعلته هزءاً لشعبي.هم يدوسونه و يفتخرون .أنا معهم  ضد جليات.
جائني إبليس يبارزني في أرض الأرواح.كانت تعييراته تسبقه. هو عدوي إلي الأبد و من يقدر علي خصومتي لا إبليس و لا الموت و لا الهاوية.هؤلاء جميعاً صنعتهم يداي.أنا جعلتهم و أنا أقهرهم.
هو خدع الناس بمكره و لكنه إنخدع  بتواضعي.غلب الناس بحيله و إنغلب بصليبي.ما أن ظهر أمامي ليقتنصني إلا و إصطدته إصطياداً كفأر مذعور و طرحته في الجب . سمعت تعييره و رأيت مؤامراته التي صنعها كل الأيام.كل تلاوته جاءت إلي مسمعي .علي كل إفتراءاته أجازيه .ضاعفت ربطه و وثقت سلسلته و قيدته إلي ألف سنة.أغلقت طرقه المسلوكة فصار مثل عصافة الريح .أنا صرعته و تركته هالكاً.
كنت راعياً غنم أبي الآن أنا صارعاً أعداء أبي.الموت و الخطية و إبليس و الهاوية أنا هزمتهم .
عندما فتحت متاريس الظلمة ذاب الحديد أمامي مثل الشمع.هذه الأكوان ملكي.أنا أفتح كيفما أشاء و أغلق وقتما أشاء.روحي هنا لتكرز للأرواح.كما كرزت بالجسد بين الأجساد علي الأرض.
 
رأي إبليس جبروتي فيما كان يظنني ضعيفاً. خرج لمبارزتي عند ابواب الجحيم و هو لا يعلم أنني إلي نهايته أدفعه.وأنه أوان إنتقامي منه.هيا يا بنيَ  في جلوسكم و قيامكم دوسونه تحت أقدامكم.جازونه أرقاً و كمداً لأنه َأَرَقَ حياتهم.
لم يتقدم أحد لمبارزة جليات.فالشيطان كان وقتها رئيس هذا العالم..خرج داود للقاء الفلسطيني.و خرج إبن داود للقاء إبليس.جاء جليات محتمياً بسيفه.جاء إبليس محتمياً بمكره.جاء المسيح شاهراً صليبه.
ليت كل رسامي العالم يرسمون الشيطان مهزوماً.ليت من يستطيع التصوير يسجل لنا المسيح قاهر الموت.هذا كان ملبسه وقت الظفر .أو هكذا أظن.
ملابس الظفر و ترنيمة موسي
خرج آدم و بنوه من الجحيم.منقادين بصاحب اللباس البهي.كانت عيناه متقدتان مثل شمسين تضيئا الطريق.كان يسير أو يطير .كنا كلنا نستند عليه و نرتقي به .لم تشغلنا المسافات.و لا معني للزمن.
الأفق ينفتح أمامنا.و موكب غير موصوف من الملائكة يحيطنا.كنا و   للمرة الأولي منذ موتنا نشهد النور.نعم هذا سبت النور.ما رأينا النور من قبل منذ الموت.اليوم رأيناه.كان المسيح المهوب هو أول من رأيناه .أعيننا إنفتحت و عاينا مجده.طوباكم ايها البشر لأنكم عاينتم المسيح قبل أن تموتوا.لذا فأنتم بالحقيقة أبناء النور.
 
سار بنا المسيح.خرجنا كلنا من الجحيم حتي آخر واحد منا.لم نكن نتكلم حين خرجنا.لكن كل معاني الحب كامنة في أرواحنا.فأحببناه بكل الروح.وجدنا في أفكارنا ترنيمة واحدة.وجدنا أنفسنا جميعاً نرنمها.ما أعمقها.ما أروعها.لقد شعر كل منا بالحرية من الأسر.كانت ترنيمة قادنا موسي في ترنيمها.
حتي أننا أسميناها ترنيمة موسي.سمعنا أن موسي رنم للرب وقت خروجه من أرض مصر.الآن وقت خروجنا من الجحيم أيضاً .لا يمكن أن أصف لكم اللغة و لا الكلمات.فاللغة سمائية.و الكلمات ليست ككلمات الأرض.ليست لغة سمعناها هنا.و لا هي كلمات نعرفها.اللغة مثل نور يخرج من الفم .و العبارات مثل عقد متلألئ.اللغة   هنا غير مكتوبة أو مقروءة.اللغة هنا مثل التنفس .ينساب منك دون تحكم مقصود.صرنا منجذبين للتسبحة دون تحكم مقصود.صارت فطرتنا أن نسبح.كان موسي يقودنا في ترنيمة لم يعرف أحدنا كيف تعلمها و لا متي؟ 
كان المسيح في مهابته التي جعلت الملائكة يخرون أمامه يبدو أمامنا نحن مثل حمل كأنه مذبوح.
وصلنا إلي الفردوس و الترنيمة لم نتقطع.إلي الآن لم تنقطع.هي ليست كترانيم الأرض .التسبيح هنا حياة.تنفس.إنجذاب تلقائي دائم إلي المسيح.
وجدنا كراسي كثيرة.و منازل كثيرة.أرجو أن نفهم ما معني منازل في السماء.هي غير معني منازل الأرض تماماً.المنازل هنا حالة و ليست بناءاً.هنا لا يوجد حجاب بيننا و بين المسيح و لا بيننا و بين بعضنا البعض.المنازل هنا مثل مكانة أو منزلة و ليست مكان أو منزل.
المنازل هنا هي نور يحيط بكل واحد فينا.أنتم تسمون السبت في الأرض أنه سبت النور .إنه السبت الذي أحاطنا النور فيه من كل ناحية.و لا زال.نحن في سبت الرب الحقيقي.سبت النور السماوي.
 
الأكاليل هنا لا تشعر بها .هي موجودة لكن أحداً منا لا يهتم بها أو يفتخر.المسيح هنا هو إكليلنا الأعلي.نوره هو إكليلنا.أما أكاليلنا فهي موجودة فقط لنطرحها أمام المسيح الجالس علي العرش.الأكاليل هنا أداة للتسبيح أيضاً و ليست أبداً للإفتخار.
دعوكم من أفكار الأرض.نحن هنا في النور.في السماء.أفكار الأرض ظلمة.لذلك ستزول الأرض بأفكارها و لغتها .
يجلس المسيح علي العرش.ما أستطيع أن أصف لكم هذه اللحظة.صوت رهيب في السماء.بوق و أبواق.المتجسد يعود إلي عرشه.يجلسكم معه علي العرش.نحن فيه.نشعر بوجودنا علي العرش في شخصه.رؤساء الملائكة مرتعدين جداً.الملائكة و القوات جميعها تطرح أكاليلها.يلبس المسيح مجده الذي لم يفارقه.تعلمنا من الملائكة أن نطرح أكاليلنا عند قدميه.الأنوار تتطاير من هنا و هناك.السماء كلها ساجدة.كيف أصف لكم هذا أيضاً.هناك ما هو أعظم من كل هذا .الآب يكرم الإبن الذي أطاع حتي الموت.لا توجد كلمات لهذا المشهد أيضاً.لقد كثرت المشاهد التي يعجز الوصف عنها.
من نعم الله أننا سنتعلم لغة مختلفة في السماء لأن بلغة السماء وحدها يمكن أن تصف السماء.
عائدون من الجلجثة
كانت خطواتهم ثقيلة كمن يحمل رمل البحر و كانت أحزانهم أثقل.المريمات منهكات حتي الثمالة.ينظرن إلي بعضهن البعض و كل واحدة قد إنزوت في أحد الأركان تبكي.أما العذراء أمه فكانت صامتة.قلبها يؤلمها لكها إحتفظت ببسمات تجئ بين الحين و الحين لا سيما حينما يلمحها يوحنا.
سمعان القيراواني عاد إلي منزله مدهوشاً كأنما إختطفه طائر و تركه في دنيا غير الدنيا.الدم علي قميصه لم يزل.أتعابه ليست سبب وجعه.كانت الأسئلة التي تدور في عقله أشد إيلاماً.كل اسئلته تبدأ بلماذا و لم يجد جواباً لواحد منها.لماذا حاكموه؟ لماذا صلبوه؟لماذا يموت؟لماذا أحبنا؟لماذا أنا أراه تحت الصليب و أسنده؟ لماذا  هو و ليس أنا هناك الآن؟ لماذا اشعر بتيار يسري تحت جلدي منذ تلامست مع جبينه الدامي؟ لماذا و لماذا و الأسئلة لا تنقطع.
باراباس كان يدور حول الجلجثة.مضي الجميع و بقي هو.ليس له أحد الآن سوي المسيح.هو سر بقاءه حياً.يدور و يدور و اسئلة تدور معه.ما سر صمته؟ كيف أراد الموت هكذا؟ سمعت من البعض أنه سيقوم.أنا باق هنا حتي يقوم.هل سيقوم الآن .تواً ؟ أم فيما بعد؟ ليتني كنت أسمعه مثلما سمعه أهل أورشليم.ليتني كنت هناك.عقلي نابه جداً .كنت سأسمعه و أحفظ كل كلماته .و أحتفظ بوعوده.يا رجل الموت أجبني.يا رجل الموت أنا لا أطيق نفسي.أفكاري تحاصرني.نظرات وجهك تحاصرني.عيناك مثل الشباك تصطادني.إما أن تفسر لي ما أشعر به و إما أن تدعني أمضي.لكن إلي أين أمضي؟ لا بيت لي و لا أهل.لا عمل لي و لا دخل؟ أنا باق هنا يا يسوع بجوارك.أنا منتظرك إن كنت تحيا.أريد أن أكون أول من يلقاك بعد قيامتك.أريدك أن تعلمني مثلما علمت الناس.أنا كنت لصاً و كنت سفاحاً لكنني كنت أخشي الموت.أريدك أن تعلمني كيف لا أخشي الموت مثلك... ها أنا واقف حتي تستيقظ فلا تطيل نومك.
 
يوسف الرامي عاد غلي بيته و قد إتفق مع نيقوديموس أن يخبرا تلاميذه بأن يسوع حي.لقد حملا الجسد و فيما هما يدفنانه سمعا الملائكة تصرخ قدوس الحي الذي لا يموت.فحتماً المسيح حي .لكننا دفناه؟ هل هو حي أم ميت؟ لكن جسده يسيل ماء و دم؟ هل هو حي ؟ لكن روحه فارقته .هل هو ميت؟ لكن الملائكة تسبحه فهو الله .فهل يموت الله؟ لكن الجميع سمعه يسلم الروح علي الصليب فهل هو ميت؟
دارت التساؤلات في عقل الرجلين .إن كان حي فهو سيقوم و إن كان ميت فأظن أننا تخيلنا تسبحة الملائكة.فلننتظر لعله يستيقظ سريعاً.
عذراء تدعي فيرونيكا كانت واقفة بجوار المريمات.آلمها نزيف المسيح و هم يسمروه فتجرأت و مسحت وجهه.تمسك المنديل المخضب بالدم كمن يقبض علي كنز.يفوح الطيب من المنديل .تفرده و تتفاجئ بأن وجه المسيح مطبوعاً علي منديلها.ايكون هنا الآن.تتلفت يميناً و يساراً .أيكون صوته مطبوعاً مثل وجهه.أفتقده جداً.تفرد المنديل مجدداً و تصلي.تناديه رابوني .هو المعلم.تحتضن المنديل.تقول في نفسها أنت هنا معي.أحبك .أحبك جداً.تركض نحو مريم أمه و تريها صورة غبنها مطبوعة علي المنديل.تأخذ العذراء المنديل و تقبل صورة إبنها و تعاود الصمت.
يوحنا مكتئب و يعقوب معه.بطرس خرج من الغلية و دموعه لا تنقطع .يقرع صدره كالمجنون.توما متعب .بقية التلاميذ يتهامسون .يهوذا شنق نفسه و مات .مرتجفون هم.متخوفون لئلا يأتي الهائجون من الجلجثة و يقضون عليهم.
كانوا يظنون أن المسيح كان حلماً.يسترجع كل واحد منهم بعض المواقف التي تخصه مع المسيح و تتراءي لهم أفكار عديدة.أحسوا بعدها أنهم لم يعرفوا المسيح كما ينبغي.ثلاث سنوات كنا معه و لكننا لم ندرك كثيراً مما فعله أو قاله.لحظات و ساد الصمت من جديد.نظر البعض إلي الشباك  المعلقة علي الحوائط.السبت جاء.صَمَتَ المكان إلا من الأحزان.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع