بقلم: نبيل المقدس
  امس اكملت السبعين عاما .. لكنني لم أسمع من خلال هذه السنوات الطويلة من بعض الشيوخ أطلق عليهم بشيوخ خفافيش الظلام فتاوي تنزل كالصاعقة علي رؤوس المصريين مسلميها قبل مسيحييها أن تهنئة المسيحيين في أعيادهم ليس من شرع الله , ولا من الإسلام .. فقد حرم الله في كتبهم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم . كانت صدمة كبيرة للمسلمين , لكنها لم تكن صدمة لنا كمسيحيين لأننا نحترم كل ما يعتقد به أخونا المسلم .. لكن الروح المصريه الأصيلة التي زرعها الله في قلوبنا جميعا لا تقبل بأي حال من الأحوال مثل تلك الفتاوي التي تفصلنا عن بعض , وتجعل الكراهية بين عنصري الوطن تفصلنــــا  ... 
 

   قال لي صديق حضر طرفي في مكان عملي .. لكي يؤكد لي أن ما يقولونه هؤلاء الشيوخ لا يليق ابدا في وقتنا الحاضر .. قلت له نحن غير غاضبين ولا شاغلين انفسنا في مثل هذه المواضيع .. لكننا نهتم فقط بالحقيقة الموجودة في داخل كل مسلم مصري أصيل .. فنحن نعلم تماما مدي محبتكم لنا ولمصر , وهذا ما نريده منكم .. فالعلاقة بيننا هي علاقة وطن .. ابناء بلد واحد .. كل ما يضر مصر سوف يأتي عواقبها عليكم وعلينا . 
 

   إتصل بي اخ مسلم من أسيوط كان زميلي في الكلية .. بصراحة هو لم يفوّت سنة وإلا اسمع صوته يهنأني بالتليفون .. لكن هذه المرة يفاجئني بأنه يقف علي محطة أسيوط لكي يأتي إلي القاهرة لمدة ساعات فقط لكي يهنئني بنفسه بعيد القيامة .. وذلك حسب قوله اننا أصبحنا في المراحل الأخيرة من العمر ويجب ان اراك قبل الرحيل الأخير .. هذا الصديق لم آراه منذ 40 سنة .. وفعلا ذهبت إليه ظهرا واستقبلته علي محطة مصر .. عاني آلام السفر خصيصا لكي يقول لي كل سنة وانت طيب .. حاولت ان اثنيه ان يبقي معي , لكنه اصر ان نجلس علي بوفيه المحطة لكي يرجع مرة أخري إلي بلدته اسيوط  في القطار الراجع .. وكان يرافقه ابن أخته آخرة العنقود والتي حضرت سبوعها عندما كنت في الجامعة بأسيوط . 
 

   تعمد كل زبائن المحل وجيران المحل والمنطقة التي يقع فيها المحل أن يأتوا إليّ لكي يهنئونني علنا .. والغريب أن أجد منهم سيدات منقبات هم اصلا زبائن المحل لكن لا استطيع التمييز بينهن أحضرن إلي ومعهن أزواجهن لكي يهنئونني بالعيد ... والكثيرات منهن قدمن أزواجهن لي , علي إعتبار انهن المسئولات عن شراء لوازم البيت .  
 

   في الوقت الذي تكثر فيه الفتاوي التي تمنع التهنئة للمسيحيين تزداد رنات الموبايل من أحبــــاء وأصدقــــاء مسلمين .... وفي نفس الوقت أقرأ تهنئة إخوتنا المسلمين علي جميع مواقع الإتصال الإجتماعي " الفيس بوك " .. دخلت العمارة وإذ أجد إعلان كبير ولأول مرة أجد زيادة في حجم الورقة كغير العادة مُدون عليها " إلي إخوتنا وأحبائنا سكان العمارة المسيحيين نهنئكم بعيد القيامة المجيد " وفي منتهي الجرأة والجمال أجد إمضاء أحد السكان ذو الصبغة الدينية المتشددة مؤكدا التهنئة والتحدي لكل من يفتي فتاوي الفتن . 
 

   إحترت .. لماذا هذا المهرجان في التهنئة ازداد في هذا العيد ... صحيح نحن لم نجد في الأعياد السابقة أي تقصير من إخوتنا المسلمين ... لكن وهذا علي لسان احد الشيوخ جمعتني الصدفة أن اقف معه امس بالقرب من منزلي .. قنحن نعرف بعض من زمان .. لكن من بعيد لبعيد بحكم اننا نضع سياراتنا في جراج واحد ... وجدته يأتي إلي بترحاب , وبدون أن اثيره إذ افاجيء أن يسمعني تبريرات الأحاديث الموجودة في كتابه حيث فهمت منه .. ان هذه الأحاديث كان لها هدف وغرض ما في حينها ... وإسترسل في الشرح ولم يتركني إلا بعد أن اقول له " صدقني أنا مصدقك " ... بعد حوالي 35 سنة حضنى هذا الجار .. وكانت لأول مرة بعد هذا العمر اسمع صوته واتحادث معه. وإذ بي حيرتي تتلاشي وعرفت أن هناك فعلا بعض الشيوخ تحاول زرع الفتنة بين اطياف الشعب المصري الأصيل لغرض سياسي ما إلاّ. 
 

    أنهم خفافيش الظلام الذين كرهوا مصر واهل مصر ... لا يريدون لها السلام ... لا يريدون لها التقدم ... يريدون لها أن تظل تعيش في الظلام لكي يستطيعوا أن يعيشوا فيها مختبئين في الظلام والعتمة ... هؤلاء الخفافيش علينا جميعا أن نطردهم من بلادنا فورا , وذلك بمحاولة توصيل بلادنا إلي حالة النور ... فهم يكرهون الظلمة وعندما يجدون النور الذي يأتي إلا بالمحبة والتواصل بين جميع طوائف الوطن سيتركونها فورا لكي يبحثون عن كهف او مكان مملوء ظلمة وعتمة يمارسون فيها انشطتهم . 
 

  لذلك نستطيع جميعنـــا ان نعلي صوتنا ونقول لهم : 

يا خفافيش الظلام والعتمة : 

"هويتنا وحريتنا ومصر . هي خطوط حمـــــــــــراء " ... وكل شم نسيم ومصر بخيـــــــــــــــــر !!!