الأقباط متحدون - وكان أجدادي هم الصادقون
أخر تحديث ١٢:٠٠ | الاربعاء ٨ مايو ٢٠١٣ | ٣٠ برمودة ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٢٠ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

وكان أجدادي هم الصادقون

بقلم : أمانى الوشاحى
فى بداية ظهورى الإعلامى كباحثة فى الشأن الأمازيغى .. تحدثت كثيرا فى وسائل الإعلام المصرية - المقروءة والمسموعة والمرئية - حول تاريخ الأمازيغ .. وكنت أحكى فيما أحكى عن فترة دخول العرب إلى شمال أفريقيا (تمازغا) .. والحقيقة أن ما قلته فى هذا الموضوع تحديدا تسبب فى صدمة مجتمعية .. فالمعلومات التى كنت أذكرها كانت تخالف المعلومات المترسخة فى العقلية الجمعية للشعب المصرى من مئات السنين.
 
لقد قلت أن ما حدث فى بلادنا (شمال افريقيا) منذ 1300 عام تقريبا كان غزوا عربيا ولم يكن فتحا إسلاميا .. لأنه لا يوجد شئ اسمه إحتلال نبيل ، الإحتلال هو الإحتلال ، وأن المحتل دائما ما يضع هدفا نبيلا يبرر إحتلاله ، فهل يصدق عقل أن بنى أمية الذين إضطهدوا آل البيت والذين قذفوا الكعبة بالمنجنيق إنتهكوا حرمة المسجد الحرام ، يمكنهم أن يجيشوا الجيوش من أجل نشر الإسلام؟ ، "يزيد بن معاوية" هذا الأبله الذى كان يضاجع القردة والمحرض على مذبحة كربلاء ، هل يصدق عقل أنه يحمل على عاتقه هم الدعوة الإسلامية؟ .. وقلت أننا إعتنقنا الإسلام على يد "الإمام الحسين" وليس على يد "عقبة بن نافع الفهرى" كما يدعى العرب ، وأن عقبة هذا كان مجرما سفاحا مثل أسياده ، فقد كان يقف هو وقواته على أبواب القرى والمدن الأمازيغية ، ليجمع الأموال والغنائم من الأغنياء والفقراء على حد سواء ،والقرية التى تعترض كان ينكل بها أبشع تنكيل ، وكان ينتزع الأطفال الصغار من أحضان أمهاتهم ويرسلهم عبيدا إلى أسياده فى دمشق ، ويأخذ الفتيات الأبكار ليرسلهن سبايا إلى أسواق النخاسة فى بلاد الشام وفى جزيرة العرب ، ويقال أن عدد العبيد والسبايا الأمازيغ الذى أرسلهم عقبة إلى دمشق بلغ 80 ألف طفل وفتاة .. وقلت أن الملك الأمازيغى أكسيل "كسيلة" كان بطلا ، وأنه قتل عقبة بن نافع لأنه محتل ، لقد كان أكسيل يدافع عن وطنه وأرضه وشعبه ، وأن ما فعله يدخل تحت مظلة حق الدفاع عن النفس ، وكونه كان وثنيا لا يسلبه حقه فى الدفاع عن وطنه .. كما قلت أن "طارق بن زياد" شخصية وهمية ، إختلقها الأمويون نكاية فى رجلهم "موسى بن نصير" بعدما إنقلبوا عليه.
 
ولن أحدثكم عن حجم الهجوم الذى تعرضت له وكمية الإتهامات المتنوعة التى رمونى بها .. فعلى سبيل المثال : قالوا أنى ملحدة أكن العداء للإسلام ، وقالوا أنى مسيحية متنصرة وعلى علاقة بأقباط المهجر ، كما قالوا أنى امرأة عنصرية أكره العرب ، وهناك من قال أنى أغازل الشيعة ، ومن قال أنى ماسونية ، وأنى أنفذ مؤامرة صهيوأمريكية لتفتيت وحدة الإسلام والأمة العربية .. إتهام واحد فقط إتهمونى به وأعترف أنه حقيقى ، عندما قالوا أنى شعوبية ، فهذه تهمة لا أنكرها وشرف لا أدعيه .. أما الإتهام الذى كاد أن يقتلنى ضحكا ، عندما قالوا أننى يهودية إسرائيلية ومولودة فى تل أبيب واسمى الحقيقى إستير كوهين (أموت وأعرف مين كوهين ده)
 
أما السؤال الذى كان يسألنى إياه المجادلون : ما هى مصادر معلوماتك؟ .. وكانت إجابتى : إن تاريخ شمال أفريقيا كتب مرتين ، العرب كتبوه مثلما كتبه الأمازيغ ، وما كتبه العرب كان مخالفا لما كتبه الأمازيغ ، وأنا بالطبع أصدق ما كتبه أجدادى ، فليكتب عنا الآخرون ما شاء لهم أن يكتبوا ، ليس فرضا علينا أن نصدق ما كتبوه .. ويأتى ردهم : إن أجدادك كاذبون ، لقد كانوا وثنيين يحقدون على الإسلام ، وكانوا يفرغون حقدهم هذا فى العرب ، لهذا وصفوهم بما ليس فيهم.
 
والآن .. وبعد ثورات الربيع العربى ، وبعد التجربة الإخوانية فى مصر وتونس وسوريا .. تغيرت نظرة المصريين فيما كنت أقوله حول تاريخ شمال أفريقيا (تمازغا) .. فما عانى منه أجدادى منذ 1300 عام يعانى منه المصريون هذه الأيام .. نفس الغزاة الذين يتسترون خلف قناع الإسلام ، ويدعون أنهم جاءوا من أجل تطبيق شريعة الله ، وهم أبعد ما يكونوا عنها .. وكأن بنى أمية قد عادوا مرة أخرى ، حاملين اسما جديدا "الإخوان المسلمون" .. فتحت شعار "الإسلام هو الحل" والدعوة لتطبيق الشريعة الإسلامية ، ضربوا وقتلوا وسحلوا وخطفوا وعذبوا وتحرشوا وحللوا الربا وأشاعوا الطائفية .. وهذا ما فعله عقبة بن نافع فى شمال أفريقيا (تمازغا) منذ 1300 عام ، وهذا ما ظللت أقوله لسنوات ولم يصدقنى أحد .. لقد أثبت التجربة الآن أن ما كتبه أجدادى كان الحقيقة ، وما كتبه سواهم كان باطلا باطلا باطلا ، لقد عشت حياتى وأنا أصدق ما كتبوه عن تاريخنا ، لم أشك فيهم لحظة ، لقد كانوا بالفعل هم الصادقون.
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter