كتب : حنا حنا المحامى
الباعث على هذا المقال هو ما قرأته من أن رئيس الجمهوريه محظور عليه أن يقدم واجب التهنئه إلى الاقباط لان إيمانهم ليس إلا كفرا فهم بالتالى كفار وأن فى تهنئتهم شبه اعتراف بما يدينون به والذى ليس إلى كفرا بوحدانية الله.
لذلك أقول بادئ ذى بدء أننا حين نتكلم عن الاديان نتكلم عن حياة الخلود, الحياه الابديه حيث لا ينفع الندم بعد العدم. وأيا ما كان الامر فيتعين أن نبرز حقيقة القيامه وتعذيب "الاله" وما هو السبب فى ذلك.
فى العالم الكثير والكثير جدا من الخطاه الذين يعصون الخالق بل منهم من ينكر وجوده, مع ذلك فإن الله لا ينتقم منهم ولا يعاقبهم. ذلك أن الثواب والعقاب هو بعد القيامه حيث يحاسب كل إنسان على ما اقترفت يداه من إثم أو ما قدمت من خير أو بر.
فمثلا لا يختلف القرآن مع الانجيل فى أن السيد المسيح (عيسى بن مريم) قد ولد دون زرع بشر. ففى الانجيل حين جاء الملاك وبشر العذراء مريم قالت "تعظم نفسى الرب وتتتهج روحى بالله مخلصى لانه نظر إلى اتضاع أمته, وها هو منذ الآن جميع الجيال تطوبنى....". ويقابل ذلك فى القرآن أن السيده العذراء حين بشرها الملاك بذلك قالت "كيف يكون لى ذلك ولم يمسسنى بشر ولم أك بغيا؟" قال الملاك "هو كذلك". إذن لا خلاف على أن السيد المسيح ولد دون زرع بشر. ما معنى ذلك ولماذا؟
أولا هذه هى الحاله الوحيده التى عرفتها البشريه فى أن يولد طفل دون زرع بشرولن يكون لها مثيل فى الحاضر أو المستقبل. أى لم يكن ثمار معاشرة جنسيه بين رجل وامرأه. لماذا؟
للرد على هذا السؤال يتعين أن نعود القهقرى إلى بدء الخليقه. فقد خلق الله آدم "على صورة الله ومثاله". ورغم أنه لا خلاف على هذا النص إلا أنى أود أن أنوه أن الانسان لم يولد إله أو شكل الاله ذلك أن الله تقدس اسمه, جل وعلا لم يره أحد قط حتى يقال إنه على صورة الانسان ومثاله. ولكن هى الكتب السمائيه التى قررت هذا. إذن لا خلاف فى أن الانسان ولد على صورة الله. أى أن الله قد اختصه بتلك الميزه التى لم يحصل عليها أى مخلوق آخر.
بعد أن خلق الله آدم استحسن الخالق أن يخلق معينا نظيره فأوقع آدم فى سبات عميق وأخذ منه ضلعا وخلق منه حواء. وهنا أمر الله كلا من آدم وحواء أن يأكلا من كل شجر الجنه عدا شجرة معرفة الخير والشر وإن أكلا منها موتا يموتا. إلا أن الشيطان لم يرتض ولن يهدأ إلا إذا حارب الله فى خليقته. فتقمص صورة حيه وظهر لحواء وقال لها إن الله يمنعكما من الاكل من هذه الشجره لانكما لو اكلتما منها ستصيران مثله. انصاعت حواء لهذه الغوايه وما لبثت أن أكلت من الثمره ثم أعطت زوجها آدم ليأكل وما لبث آدم أن أكل منها ليقع كلاهما فى خطية معصية الله. ودون اللجوء إلى تفاصيل أخرى طرد الاثنان من الجنه.
ولكن هنا يتعين أن نتأمل فى حقيقه على جانب كنير من الاهميه. فإن الله الذى قال لآدم وحواء "موتا تموتا" ما لبث أن طردهما من الجنه ولم يموتا (حسب مفهومنا). فما معنى ذلك؟
معنى ذلك أن الموت الذى فرضه الله كعقوبه لم يكن الموت الذى نعرفه الآن ألا وهو افتراق الروح عن الجسد. وإلا لما غادر الاثنان الجنه وكانا قد ماتا ودفنا على الفور. إذن الموت هو الحرمان من حياة الخلود التى كانا فيها كالملائكه تماما.
ثم نعود إلى نقطة أخرى: لماذا خلق الله آدم على صورته ومثاله؟ الاجابه أن الله المحب كان يحب آدم ولا يرضى له الاباده. كل ما هنالك أن أبواب الفردوس قد إغلقت أمامه هو وحواء. فكان الموت موتا من نوع آخر وهو حرمان آدم من حياة ا لخلود التى كانت تنتظره فى الفردوس أو الجنه وأصبحت حياته إلى أجل محدود. وبذلك عرف آدم وسلالته معنى الموت الجسدى, مع الموت الذى هو حرمان من حياة الخلود.
الله الذى أحب خليقته أراد أن يفتح لها باب الفردوس مرة أخرى. حتى لا تحرم من حياة الخلود ويتساوى الصالح والطالح فى ذلك الحرمان. من هنا يتعين أن يكون ثمة فاد للبشريه وتتلقى نيابة عنها العقوبه والتى يعقبها فتح باب الفردوس. ذلك أن الله وإذا كان غفورا رحيما إلا أنه أيضا عادل. ومن ثم لا بد من فداء للبشرية كلها حتى يمكن أن يفتح الله باب الفردوس مرة أخرى.
وحتى يتم ذلك لا بد من وجود شروط عده. أولا: لا بد أن يكون الفادى من نفس جنس المفتدى أى يكون إنسانا. ثانيا: إن فاقد الشئ لا يعطيه فلا بد أن يكون هذا الانسان بلا خطيه. ثالثا: أن يكون الفادى غير محدود لان الخطيه غير محدوده لانها موجهه إلى الله غير المحدود. رابعا: لما كان الفادى غير محدود فلا بد ألا يكون له صفات الانسان المحدود, ذلك أنه لو كان الفادى إنسانا لاصبح محدودا. خامسا: إذا كان هذا الانسان الذى يموت فداء لغيره يموت إلى الابد يصبح إنسانا عاديا ومن ثم تقوض فكرة الفداء. إذن لابد أن يكون الانسان الفادى قادرا على القيامه مرة أخرى أى له قوة الانتصار على الموت .
لذلك لا يمكن أن تتوافر هذه الشروط فى أى إنسان عادى. على ذلك وكما سبق القول إن الله الذى أحب الانسان لا يمكن أن يتركه للهلاك, بل رأى أن يفتدى خليقته حتى يفتح لها باب الفردوس (الجنه) مرة أخرى. من هنا رأى الله أن الفداء ضرورة حتميه للانسان, ولكن لا توجد الشروط السابقه فى أى إنسان بل إن الله فقط هو الذى تتوافر فيه هذه الشروط. على ذلك يتعين أن يوجد على الارض فى شبه إنسان ليقوم بعملية الفداء. وهنا يتعين أن نذكر ما قد تردد من بعض الغلاه كيف يكون الله على الارض وأيضا فى السما؟ الاجابه بسيطه جدا وهى أن الله غير المحدود لا يزال يملأ السماء والارض. فإذا وجد على الارض فى صورة إنسان فليس معنى ذلك أن السماء تكون خاليه كما يذهب البعض. ذلك أنه كما قلنا إن الله غير محدود.
من هنا تجسد الله فى رحم فتاه لم تعرف رجلا لان الله الطاهر لا يستقر إلا فى رحم امرأه أى "فتاه" طاهره. ولذا وجد فى رحم أو بطن العذراء مريم وهى حقيقة لا خلاف عليها. وسبق أن شرحنا الباعث أو سبب هذه الواقعه التى لم تعرفها البشريه قبل أو بعد هذا التاريخ.
عاش السيد المسيح كإنسان عادى وبمعايير جديده ورساله جديده على البشريه ألا وهى رسالة السلام.
لذلك عند ولادته ظهر للمجوس نجم غير عادى فى المشرق. فتتبعوه واستقروا عند المزود إذ أن النجم أرشدهما إلى مكان الحدث. بعد ذلك أخطر المجوس الملك هيرودس بوجود نجم ينبئ بميلاد ملك عظيم. وإذا بالملك يريد أن يهلك الصبى. فظهر ملاك الرب ليوسف النجار وقال له ما يزمع ذلك الملك أن يفعل بالصبى, فهربوا ألى مصر.
كذلك ولد المسيح فى مذود للبقر وهو أسمى مثال للتواضع.
إن الله بل والصبى كان يمكنهما أن يهلكا ذلك الملك, كان يمكن لاى ملاك أن يقضي على ذلك الملك بالسيف. ولكن كان ذلك يتعارض مع قضية السلام فى العهد الجديد الذى بدأ بميلاد إله السلام.
لذلك هرب الصبى وأمه مع يوسف النجار إلى مصر. ومكثوا بمصر ثلاث سنوات وستة أشهر. ثم ظهر لهم الملاك ينبئهم بوفاه الملك ليعودوا مرة أخرى إلى أورشليم. وفعلا عادوا إلى أورشليم.
مضى السيد المسيح فى أورشليم يبشر وينشر رسالته والتى تتبلور فى "المحبه والسلام والتواضع".
وكان السيد المسيح يقيم الموتى ويشفى المرضى ويفتح عيون العميان, وهى معجزات لم يحدث لاى نبى أن يؤتى الموهبه على القيام بها. ما معنى ذلك؟
المسيح الذى ولد بدون زرع بشر, وكان له القدره على عمل المعجزات من قيامة أموات وشفاء مرضى ... إلخ كانت تستوفى فيه الشروط الخمسه السابق ذكرها. ما معنى ذلك؟ معناه ببساطه أنه منبثق من الاله. ومن ثم سمى الابن. إنه لم يولد من علاقه جنسيه بين رجل وامرأه: وإنه له قدرة الخالق فى الشفاء والقيامه من الاموات ... إلخ. وهذه القدرات لا تؤتى إلا لله وحده. إذن هو الله الابن. وليس معنى ذلك أن الله تزوج وأنجب بل معناه أن الله الذى أحب خليقته نزل فى صورة إنسان ليكون فدية عن كل البشريه فترفع عن البشريه اللعنه التى تسبب فيها أبانا آدم بمعصية الله.
على ذلك نكون بكل ثقه ووضوح أمام الله المتجسد فى صورة إنسان وهو الابن كما أن الله الآب هو كائن أيضا. ولذلك يقال الآب والابن.
بقى الروح القدس.
بعد أن دفن السيد المسيح بعد تعذيبه وصلبه ودفنه قام فى اليوم الثالث. وهذه الواقعه هى الوحيده فى تاريخ البشريه. ذلك أن السيد المسيح إله لانه منبثق من الآب (وليس مولودا منه على نحو المفهوم البشرى).
فى حياة السيد المسيح كان قد اختار تلاميذ أى حواريين وكانوا إثنى عشر. وبعد أن خانه يهوذا الذى أسلمه للصلب ثم ندم وشنق نفسه أصبحوا إحدى عشر.
بعد صلب السيد المسيح ودفنه مكث هؤلاء التلاميذ فى حاله شديده من الخوف. ولكن ما لبث السيد المسيح أن دخل عليهم والابواب موصده. وبعد أن أكمل رسالته معهم صعد إلى السماوات وأرسل الروح القدس ليحل على التلاميذ. وهذا هو الاقنوم الثالث للأب. وكان الروح القدس يرشد التلاميذ ويقويهم فنشروا الكلمه فى العالم. فمثلا حين قبض على السيد المسيح أنكر بطرس أنه يعرف المسيح. ولكن بعد أن حل عليه الروح القدس لم يعبأ بالصلب بعد أن قام برسالته. ولم يكن ذلك فحسب بل قال لمن صلبوه إنه لا يصلب مثل سيده بل يتعين أن ينكس الصليب. وقد كان. والروح القدس هو الاقنوم الثالث للذات الالهيه.
هنا يقول المسيحيون "باسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين". وقد قال السيد المسيح "هكذا أحب الله العالم حتى بذل إبنه الوحيد حتى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابديه" يوحنا 3:15 كما قال فى يوحنا 3:36 "الذى يؤمن بالابن له حياة أبديه والذى لا يؤمن بالابن لن يرى حياه بل يمكث عليه غضب الله".
ويلاحظ أن أعداء الله يقولون كذبا إن المسيحيين يعبدون ثلاثة آلهه. وبذلك يكيف أعداء المسيحيه الحقيقه الساميه والكلمات لتناسب الكراهيه والبغضاء التى يستمتعون بها فى كيانهم. ويلاحظ أن هؤلاء القوم يكيفون الحقائق لتناسب روح الحقد الذى يجيش فى قلوبهم. وهؤلاء المساكين هم فقط الذين بحرفون المعنى الحقيقى للكلمات لتناسب كراهيتهم وأحقادهم. فمثلا حين يقول المسيحيون "باسم الآب والابن والروح القدس إله واحد". نجد أعداء المسيحيه يقفون قبل عبارة "إله واحد" حتى يكيفوا ما يريدونه ويبتدعونه من أن المسيحيين يعبدون ثلاثة ألهه. كما أنهم لا يحاولوا أن يعرفوا سبب عباده ثلاثة ألهه على نحو ما ذهبوا إليه بل هم يخترعون الامر ثم يتصوروا صحته ويسلكون بمقتضاه. إنها حرب إبليس ضد الذات الالهيه منذ بدء الخليقه.
ولكل من يقول إن الكتاب المقدس محرف أن يذكر لنا متى حرف وفى أى جزء قد حرف ولماذا حرف وكيف كان قبل التحريف. وإنى سأكون أول من يترك المسيحيه إذا أجابنى أى إنسان على هذه الاسئله. وقد قال الكتاب المقدس "السماء والارض يزولان وكلمه واحده من كلامى لا تزول".
بعد تبيان هذه الحقيقه, فإنى أنظر إلى الغرب فنجد أن الدول المسيحيه تستقبل مسلمين وهم يعيشون فى سلام تام ويبنون بيوتا للعباده بكل حرية ولا يحد تلك الحريه إلا القواعد العقاريه التى تسرى على كل مبنى أيا كان وكل بيت عباده أيا كان. وذلك على عكس ما يسرى فى الدول الاسلاميه فإن بناء كنيسه أصبح من أشق الامور. إن الدول المسيحيه لا تخشى من بناء مساحد فى مدنها. ولكن هل المسلمون يخشون من بناء كنائس فى مدنهم؟؟؟
ماذا يخشى المسلمون من بناء كنائس فى دولهم؟ هل بذلك يحمون الاسلام أم الاسلام هو الذى يتعين أن يحمى نفسه؟؟!!
أيا ما كان الامر ألا يكون من الافضل أن يعتنق كل إنسان ما يشاء حتى يكون هناك تعاون وتضافر بين أبناء الشعب فتمحى الصراعات والاحقاد التى تدمر مستقبل وحاضر أى دوله؟ لماذ لا يحب الحكام العرب دولتهم حتى تنجح وتزدهر؟
أللهم إنى أبلغت أللهم فاشهد.