ثمة تغير واضح في الموقف المصري الرسمي من الثورة السورية، خصوصًا بعد زيادرة أحمدي نجاد إلى القاهرة، وزيارة مرسي إلى موسكو، حيث أعرب عن تقديره للموقف الروسي من الأزمة في سوريا.
بيروت: صارت مصر عبئًا على المعارضة السورية بمواقفها الأخيرة، ووقوفها إلى جانب إيران، وتقديمها مبادرات لا تصب إلا في صالح إيران والنظام الحاكم في سوريا. هذا رأي المعارضة السورية، التي عبر عنه المعارض والناشط مؤمن كويفاتية، في معرض تبريره لدوافع نقل مقر الائتلاف الوطني المعارض من القاهرة إلى اسطنبول، داعيًا الائتلاف إلى متابعة المسير والانتقال فورًا إلى الداخل السوري.
ولا شك في أن دخان ما قاله كويفاتية لم يأت من دون نار، خصوصًا أن النار المصرية الاخوانية اليوم تشارك في إحراق الشعب السوري، بعد التحول الكبير في موقف الرئيس المصري محمد مرسي، من مناصب للعداء لكل من يدعم بشار الأسد إلى واضع يده بيد روسيا وإيران، ولم يعد أمامه إلا مصافحة الأسد نفسه. وربما هذا ليس ببعيد، بعد القرار بإعادة السفير المصري إلى دمشق قبل أيام.
نقد لاذع
وجهت جماعة الاخوان المسلمين السوريين انتقادات لاذعة للموقف المصري من الثورة السورية، وقالت أن مرسي لم يستشر المعارضة السورية في المبادرة التي قدمها أخيرًا. وقالت الجماعة في بيان لها:"كان مؤلمًا لأبناء شعبنا ما سمعوه من تصريحات مرسي في موسكو، فالدم السوري أغلى وأقدس من أن يكون مادة للمجاملات البروتوكولية والدبلوماسية".
وكان مرسي أعرب في موسكو عن تقديره للموقف الروسي من الأزمة السورية خلال زيارة قام بها أخيرًا لروسيا.
وأوضح البيان أن الشعب السوري ينتظر تفسيرًا للتحول المصري من الثورة، "ويتساءل بحرقة أين هو موقف مرسي في موسكو اليوم، أو يوم استقبل محمود أحمدي نجاد في القاهرة، من تصريحه الواضح في قمة مكة، أو في قمة طهران يوم عمد الزائغون إلى تزوير خطابه".
إشتراك في الجريمة
ووضعت الجماعة اللائمة الكبرى على النظام في مصر، التي ينبغي أن تكون في مقدم المدافعين عن الشعب السوري الذي تنحره إيران بسكين حزب الله، خصوصًا بعد إعلان إيران وحزب الله رسميًا الحرب على الشعب السوري، ومشاركتهما الفعلية في مشروع ذبح أطفال سوريا وانتهاك حرمات نسائها، "فلم يعد للصمت والتشاغل تفسير، إلا أنه اشتراك غير مباشر في الجريمة النكراء".
ونبهت الجماعة قيادات الأمة ونخبها إلى خطورة المشروع الإيراني ببعديْه المذهبي والقومي، وإلى ضرورة مواجهته بمشروع مركزي لا يقع في حباله الطائفية، منطلقة في رؤيتها لأي حلّ سياسيّ من قيامه على ركيزتين أساستين، الأولى استبعاد الأسد وزمرته العسكرية والأمنية من أيّ دور في معادلة سوريا المستقبلية، والثانية قيام حوار وطنيّ حول انتقال السلطةتشارك فيه كلّ القوى السورية.
إخوان بإخوان
وفي الجانب المصري، عبر أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين عن غضبهم من ضعف موقف الجماعة من الثورة السورية وتخاذله. وقال مصدر إخواني في تصريح لوكلة أنباء الأناضول أن حالة الغضب والامتعاض من أداء الجماعة تجاه موقفها من الأزمة السورية تزايد بصورة مضطردة خلال الفترة الماضية، من خلال رفع تحفظات لأعضاء بالجماعة بصورة فردية أو جماعية لقيادة الإخوان، عبر قنواتها الرسمية ومطالبتها بتفاعل أكبر وأدوار أقوى.
واضاف: "إن قيادات الجماعة تسعى حاليًا لتوضيح موقفها من خلال لقاءات دورية تجمع أعضاء الجماعة بقياداتها لتوضيح الصورة وكشف ملابسات القضية والأدوار التي تقوم بها الجماعة لدعم الشعب السوري".
انفصال بين الموقفين
قال أحمد عارف، المتحدث الرسمي باسم الإخوان المسلمين في مصر، أن الجماعة داعمة بصورة واضحة وحاسمة لقضايا الأمة العربية والإسلامية، وأن ذلك مبني على عقيدة إسلامية واضحة، وأنها لم تتخاذل إطلاقًا في دعم الشعب السوري، وإن تغيرت الآليات بعد ثورة يناير 2011.
لكن عارف أكد الانفصال بين موقف الجماعة والموقف الرسمي، في معرض تعليقه على انتقاد جماعة الإخوان المسلمين في سوريا للموقف المصري الأخير، المؤيد لعقد مفاوضات بين المعارضة السورية وممثلين عن الأسد، ممن لم تلطخ أيديهم بدماء الشعب السوري.
أضاف: "نحن نسعى من خلال مواقفنا وإعلاننا عن مطالب واضحة بدعم الشعب السوري أن تتخذ مؤسسات الدولة التدابير اللازمة لهذا الدعم، ولها هي تقدير وحسابات الموقف، وعلينا نحن أن نضغط وننقل لهم مطالب الشعب ونحن نعبر عن الهدف بكل الوسائل السلمية المتاحة".
إخوان الشياطين
وبعيدًا عن الإخوان، طالبت صفحة الثورة السورية ضد بشار الأسد على موقع فايسبوك للتواصل الاجتماعي جماعة الإخوان في مصر بتوضيح موقف الجماعة نحو الثورة السورية.
فقد نشرت الصفحة لافتة مكتوب عليها: ''يا إخوان مصر المسلمين.. لا تكونوا إخوان المجوس الشياطين''، وفيها مطالبة صريحة للجماعة بتوضيح موقفها من مشاركة بعض قياداتها في فلسطين وغيرها في مؤتمرات في طهران للدعاية والبروباغندا الإيرانية لقتل السوريين، بحسب وصف الصفحة.
وقالت: ''إما أن تكونوا مع قاتل الأطفال، أو تكونوا مع الأطفال وأهلهم، أما أن تضعوا يدًا على رأس الضحية، ويدًا تصافح قاتله، فهذا صعب".