اختلاف مكان إخفاء الجنود عن مكان العمليات يشير إلى ضعف المعلومات التى كانت متوفرة للقوات المشاركة في التحرير
فى الوقت الذي اتجهت فيه الأنظار ناحية سيناء في انتظار ساعة الصفر غير المحددة لتحرير الجنود السبعة المختطفين، فوجئ الجميع بإعلان المتحدث العسكرى نجاح عملية الإفراج عنهم، دون إراقة دماء، وذلك فى الساعة السادسة من صباح الأربعاء.
تمت عملية الإفراج فى سرية كاملة، واكتشف الجميع أن مكان إخفاء الجنود المختطفين كان فى العريش، على الرغم من أن كل العمليات كانت تتجه إلى المنطقة الشرقية الحدودية "ج"، ما يشير إلى ضعف المعلومات التى كانت متوفرة للقوات المشاركة في عملية التحرير من الجيش والشرطة.
لم تنته عملية التفاوض مع الخاطفين حتى بعد بدء العمليات العسكرية، واستمر التفاوض معهم بوساطة بعض مشايخ القبائل الكبيرة فى سيناء، مع وجود مشاركات من الجماعات السلفية الجهادية أيضا. كان من الممكن عدم نجاح التفاوض فى إنهاء الأزمة، لكن ثلاثة أحداث أثرت على مجرى التفاوض فى الساعات الأخيرة، وأشارت إلى جدية القوات المسلحة فى حسم مسألة الإفراج عن الجنود الخاطفين.
من بين شروط التفاوض وقف العملية "نسر" وانسحاب الجيش وبقاء الشرطة فقط.. والرئيس يوقع بالموافقة
الحادثة الأولى: أكد مصدر من شيوخ القبائل الذين كانوا فى عملية التفاوض أنه فى بداية تجديد المفاوضات، والاتصالات على أشدها، وقع انفجار بسيارة "لاند كروزر" كان فى داخالها أحد العناصر والذى كان يريد تنفيذ عملية فيما يبدو، لكن انفجر الصاروخ فى العنصر ما أدى إلى تمزيقه، وعندها توقفت المفاوضات لمدة ساعتين لحين استبيان حادث انفجار الصاروخ فى السيارة ومصرع قائدها.
الحادثة الثانية: بعد مواصة التفاوض جاء خبر انفجار صاروخ آخر فى وسط سيناء، وعندها توقفت عملية التفاوض لمدة كبيرة إلى حين التأكد أن الحادث جاء بقضاء وقدر، ثم تبين أن القنبلة التى انفجرت كانت لغما منذ المواجهات المصرية الإسرائلية فى سيناء، وأسفر انفجارها عن مصرع ثلاثة أطفال وسيدة، وعند التأكد من تلك المعلومات عاد التفاوض مرة أخرى من جديد.
الحادثة الثالثة: عند بدء عملية تحرير الجنود والإفراج عنهم جاء نبأء الهجوم المسلح على معسكر قوات الأمن المركزى فى رفح، بقذائف "آر بى جى"، ما نتج عنه توقف التفاوض لمدة ساعتين أيضا حتى يهدأ الموقف فى رفح.
ومع بزوغ فجر الأربعاء انتهت عملية التفاوض، وقضى الاتفاق بالتالي:
ـ الإفراج الفورى على الجنود السبعة المختطفين فى سيناء فى جنوب العريش خلف المطار فى منطقة "الحفن".
ـ توقف العمليات العسكرية فورا فى سيناء، والتى كانت تتم لمطاردة الجماعات السلفية الجهادية فى المنطقة الشرقية فى الشيخ زويد ورفح، وانسحاب الجيش فورا والبقاء على الشرطة فقط.
ـ إعادة محاكمة السجناء من أبناء سيناء، ودراسة موقفهم القانونى لعملية الإفراج عنهم فيما بعد حفظا لكرامة وهيبة الدولة، مع الوعود على تحسين أوضاعهم فى السجون وبحث جميع شكواهم ومعاملتهم معاملة حسنة.
وبعد موافقة الرئيس محمد مرسى شخصيا على تلك الشروط وبعد اطلاعه عليها عبر وسطاء من مؤسسة الرئاسة، تم الإفراج عن السجناء السبعة.
يقول الناشط السياسى مجدى الحداد، تعليقا على علملية التحرير، إن سعادتنا بعودة الجنود لا يجب ـن تنسينا طريقة الإفراج عنهم، وأنه تم بالتفاوض، وأن العملية العسكرية المزعومة لتحريرهم ما كانت سوى "تمثيلية إخوانية" لوضع غطاء عسكرى للمفاوضات التى كانت تتم بين مؤسسة الرئاسة وممثلي الإخوان فى شمال سيناء مع الجماعات الجهادية السلفية، ولن أندهش إذا تم تنفيذ جميع مطالب الخاطفين فى الأيام المقبلة، وكنا نتمنى من الجيش أن يكون أكثر حزما من ذلك، وعليه أن يبرهن على ذلك بعدم سحب قواته من سيناء.
المتحدث باسم السلفية الدعوية فى سيناء يحذر من أن هذا الحادث "لن يكون الأخير" طالما لم يتحقق العدل
ويقول حمدان الخليلى سكريتير مساعد فى حزب الوفد بشمال سيناء، إن انتهاء الأزمة بالتفاوض مع الإرهابيين "مهزلة بكل المقاييس، وإهدار كبير لكرامة مصر والمصريين"، مطالبا ببقاء الجيش فى سيناء وعدم عودته مرة أخرى إلى الإسماعلية.
ويقول كريم فهمى القيادى فى حزب الكرامة، "إن إنهاء أزمة بهذه الطريقة جاء غريبا، ويدل على ضعف المعلومات لدى الشرطة فى سيناء، والتى أوهمتنا أن الجنود فى رفح والشيخ زويد، واتضح أن الجنود فى العريش"، وطالب فهمى ببقاء الجيش فى سيناء وعدم انسحابه منها كما حدث فى المرة السابقة فى العملية نسر.
وحذر مرعى عرار المتحدث باسم السلفية الدعوية فى سيناء من أن هذا الحادث "لم ولن يكون الأخير" طالما لم يتحقق العدل، ولم ير المواطن التغيير على الأرض.