الأقباط متحدون - من حكايا إيسوب لعاصرى الليمون
أخر تحديث ١٢:٠١ | الخميس ٢٣ مايو ٢٠١٣ | ١٥ بشنس ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٣٥ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

من حكايا إيسوب لعاصرى الليمون

سقط الأسدُ مريضاً، فهمس لصديقه الثعلب: «إن أردت شفائى، استخدم لسانَك الحلو وكلماتك المعسولة، لإغراء ذلك الغزال السمين الذى يعيش فى الغابة المجاورة، ليأتى لزيارتى، فتطاله مخالبى! أنا جائع، وأشتهى أحشاءه وقلبه!»، أطاع الثعلبُ وتفقّد الغابة المجاورة، حتى وجد الغزال، فراح يُداهنه: «عندى لك أنباء طيبة، أنت تعلم أن ملكنا الأسد جارى وصديقى، وهو الآن مريض وعلى وشك الوفاة، ويفكر فى أمر الحيوانات ومَن يحكمها من بعده، فقال لنفسه: مَن؟ الخنزير، فاقد الإحساس؟ أم الدبّ الكسول الغبى؟ أم الفهد سيئ الطباع، حاد المزاج؟ أم تُرى النمر المتبجح المدعى؟ كلا! لا أحد من أولئك يصلح للحكم سوى الغزال؛ أرقّ الحيوانات طباعاً وأكثرها أهليةً للعرش! فطوله مناسب ويُعمّر سنوات طوالاً، وقرونه تخيف الأفاعى، وهكذا توّجكَ الأسدُ ملكاً علينا، لو أنصتَّ إلى نصيحة ثعلب عجوز، فتعالَ معى لتبقى مع الملك حتى تحضره الوفاة!»، فرح الغزال بكلام الثعلب وانتفخ غروراً، وذهب معه إلى كهف الأسد المريض دون أن يخامره شك فيما يمكن أن يحدث له، وما إن شاهده الأسد حتى انقضّ عليه بلهفة، سوى أنه لم ينجح إلا فى قطع أذنه بمخالبه، إذ أسرع الغزال بالفرار، دقّ الثعلبُ قدميه فى حسرة على جهوده التى ضاعت سدى، راح الأسد يزأر ويئن جوعاً ويرجو الثعلب أن يحاول إغواء الغزال مجدداً، فقال الثعلب: «ما تطلبه أمرٌ فى غاية الصعوبة، لكننى سأحاول»، سأل الرعاةَ عن مكان الغزال حتى وجده، كان الغزال يتميز من الغيظ وحالما رآه انفجر فيه: «أنتَ مرة أخرى أيها الوغد! إذا اقتربتَ منى سوف تدفع حياتك ثمناً لذلك! اذهبْ واخدع آخرين ممن لا يعرفون كذبك، ابحثْ عمن تجعله ملكاً وتدفعه إلى الجنون!».

شحذ الثعلبُ مواهبه فى المكر والدهاء، وقال: «هل تتشكك فى أصدقائك؟ عندما أمسك الأسدُ بأُذنك، كان يودّ أن يعطيك آخر نصائحه وتعليماته قبل أن يموت، لأن مسئولياتك جِسامٌ كملك، لكنك لم تتحمل مجرد خدش بسيط من مخالب ملك يحتضر! هو الآن غاضبٌ عليك، ويودّ أن يجعل من الذئب ملكاً، وسيكون أسوأ سيدٍ علينا، تعالَ معى ولا تخشَ شيئاً، وكن حليماً كالخراف، أقسمُ لك إن الأسد لن يؤذيك وإنى لن أرضى عنك بديلاً سيداً وملكاً على جميع الحيوانات!»، بهذه الكلمات الجميلة، اقتنع الغزالُ التعس بالعودة مرة أخرى إلى حيث يرقد الأسد، وما إن دخل الكهف، حتى هجم عليه الأسد ومزّقه وشرع يلتهم اللحمَ والعظام حتى النخاع، وهمّ بالأحشاء. والثعلب واقف يشهد، وينتظر، وما إن سقط القلبُ من جسد الذبيحة حتى ركض والتهمه

واعتبره مكافأة على جهوده، وحين بدأ الأسدُ يفتش عن القلب بين الأشلاء، قال الثعلب: «لا تبحثْ، فقد كان غزالاً بلا قلب، ماذا تتوقع من مخلوق يأمن الأسد مرتين؟».

حكاية كتبها «إيسوب» الإغريقى قبل سبعة وعشرين قرناً، ويُهديها إلى كل من قرأ تاريخ الإخوان الدموى، ثم انتخب مرسى، لأى سبب.

الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع