الأقباط متحدون - مَنْ هُوّ الله حتى أُطيعه؟ (01) تساؤلات وإستفسارات
أخر تحديث ٠٨:٠٠ | الجمعة ٢٤ مايو ٢٠١٣ | ١٦ بشنس ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٣٦ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

مَنْ هُوّ الله حتى أُطيعه؟ (01) تساؤلات وإستفسارات

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

بقلم: ليديا يؤانس
مُنذ الآف السنين سأل فرعون ملك مصر سؤالاً ومازال حتى اليوم الناس تسأل نفس السؤال "من هُوّ الرب حتى أسمع لقولهِ؟" (خروج 2:5).  سؤالاً مُمتازاً ولكِنه ليس سهلاً!

الحياة أيضاً ملآنة بالكثير مِنْ التساؤلات والإستفسارات:  لماذا جئنا للعالم؟  لماذا نعيش هذة الحياة؟  إلى أين نحن ذاهبون؟ هل هناك حياة بعد الموت؟  ماذا عن المُعاناة، الألم، المرض، الموت، الحياة بعد الموت، وهَلُمَ جراً؟

يبقى السُؤال المُهِم والأَهَم:  مَنْ هُوّ الله؟
وأنا طفلة صغيرة كُنتُ دائماً أحشُر نفسي في الحاجات التى تَخُص الله وكثيراً ما كُنت أسأل مَن هُمْ حولي:  مَنْ هُوّ الله؟  مَنْ خلق الله؟  متى ولِدَ الله؟  هل الله عِنده عائلة مِثلنا؟  هل الله سَيموت مِثلنا؟  ما شكل الله؟  هل الله مِثلنا يأكل ويشرب وينام ويمشى؟  هل الله ذكر أم أُنثى؟  أين يسكُن الله؟  ما العمل الذى يعمله الله؟
للأسف كثيرا ماكُنت لا أقتنع بالإجابات التى أتلقاها وحينما أُجادِل يقولون لي أنتِ ستفقدين عقلك ؛ لا تتحدثي كثيراً عن الله ؛ لما تِكبرى ستفهمين!   ولما كبرت الدنيا تعقدت أكثر بسبب كثرة العقائد والآراء والفلسفات والأبحاث والدراسات وهذا طبيعى!

عندما تدرس الديانات والعقائد المُختلِفة في العالم سوف تكتشف العديد مِنْ الأراء والأفكار عن الله ومن هُوّ؟  وما الذى يستطيع أن يعمله؟  ستجد أن الله يَعني أشياء مُختلفة بالنسبة لأشخاص مختلفين.  ولكن مَنْ مِنهُم على صواب؟  ومَنْ مِنهُم  يجب أن نُصدقهم؟  ولماذا يجب أن نصدقهم؟

البعض يؤمن بالله الواحد مثل اليهود والمسيحيين والمسلمين ويَذكُر التاريخ أن أخناتون فرعون مصر كان يعتقد بوجود الإله الواحد.   البعض الآخر يؤمن بتعَدُد الآلهه مِثل الهِندوس والفراعنة في سابق الزمان وغيرهم.  والبعض الآخر يصنعون تماثيل مِنْ الحجارة أو المعادن ويتعبدون لها ويُقدمون لهم الذبائح والقرابين.  والبعض قد يقول أن الإنسان إخترع الأديان ليتغلب على خوفه مِنْ المجهول.  البعض أيضاً لا يؤمن بوجود إله أو آلهه. 

كثيراً مِنْ المُلحدين المُعاصرين يتجاهلون وجود الله ولكِنهُم في الواقع لا يُنكِرون وجوده.  أنهُم فقط يُريدون أن يتحرروا مِنْ سُلطان الله عليهم.  أنهُم يعتقدون أن الله يستعبد الإنسان ويُفقِده حريته وإنسانيته.

فمثلاً الفيلسوف فووباخ يقول "أن نقطة التحول الكبرى في التاريخ ستكون اللحظة التى سيعني فيها الإنسان أن الإله الوحيد هو الإنسان نفسه."   بمعنى أن الإنسان إلهاً لذاته وليس هُناك إله يتحكم فيه ويُعطيه وصايا واجبة التنفيذ مشروطة بالعقاب والثواب.

ماركس جاء ليُنكر وجود الله ويؤكد على وجود الإنسان ؛ وبالتالى فهوّ يرى أن الدين وسيلة خاطئة لجعل الإنسان يهرب دائماً إلى ما يسمى الله.   وعلي ذلك كثيراً ما نسمع عبارة "الدين أفيون الشعوب."

الشاعر الفرنسي بريفير يقول بنوع مِنْ السُخرية "أبانا الذى في السموات، أبق فيها."  بمعنى اتركنا نعيش كما نريد وندبر حياتنا بأنفسنا وبطريقتنا،  وأنت إلزمْ مكانك وإسعد بالسماء بتاعتك بعيداً عنا.

عموماً حُرية الدين تعني أنك يمكن أن ترى ما تريد أن تراه،  وأن تؤمن بما تريد أن تؤمن،  حتى ولو كنت تؤمن بعدم وجود الله طالما أنك مخلصاً للدولة أو المكان الذى تعيش فيه.

عَالِمْ مِنْ عُلماء الطبيعة ذهب في رحلة خَلوية على شاطئ المُحيط الأطلنطى ؛ وأخذ يجوب الشاطئ مُستغرقاً في التفكير في الحقائق العلمية التى توصل إليها هُوّ ومَنْ مِثلهُ بخصوص الكون وخلقة.  وأخيراً وصل إلى قناعة بأنه ليس هُناك إله كما يعتقد البعض ولكن كل شئ في الكون يخضع لقوة غير عادية مُتمثِلة في التفاعلات الطبيعية وتأثيرها في العالم مِنْ حولنا.

استيقظ العالم مِنْ تفكيرهِ العميق على طفل صغير كان قد حَفَر حُفرة في رمال الشاطئ.   الطفل يحمل في يدهِ دلواً صغيراُ يذهب إلى المياه القريبة مِنْ الشاطي يملأ الدلو ويرجع ليصبه في الحُفرة.  ظل الطفل على هذا المِنوال ذِهاباً وإياباً بين المياه والحفرة ؛ يملأ الدلو ليصبه في الحُفرة.

إقترب العَالِمْ مِنْ الطفل الصغير وربَتَ على شعره الأصفر الناعم الذى تبلل مِنْ حبات العرق المُتساقِطة مِنْ جَبينهِ المُتورد بالإحمرار ؛  فرفع الطفل عينيه نحو الرجل مع إبتسامة بريئة وأنفاساً مُتلاحقة بسبب العمل الذى يقوم به. 
إبتسم العَالِمْ وقال له:  ماذا تفعل ياحبيبي؟
أُريد نقل البحر في الحُفرة.

البحر كبير جداً وعميق جداً والحفرة بتاعتك صغيرة جداً.. ولكن لماذا تريد نقل البحر في الحفرة؟
أبي قال لي أن الله كبيراً جداً وعميقاً جداً مثل البحر ؛  وأنا بحب ربنا كثير قوى وعلشان كده عايز أنقله وأضعه في الحفرة بتاعتي.
إبتسم العَالِمْ وربت مرة أُخري على رأس الطفل الصغير وتركه قائلاً لنفسه: حقاً كيف لعقلي المحدود أن يستوعب الله الغير محدود! 

هذا حقيقي أنهُ مِنْ الصعب لعقُولنا المحدودة أن تستوعب وتفهم الله الأبدي الغير محدود!
لقد قيل، لو أن الله صغيراً بالكاد لكى نستوعبه بعقولنا المحدودة؛  فهُوّ بالتالى ليس كافياً وليس قديراً على تدبير إحتياجاتنا.

ولذلك يجب ألا نُصاب بالإحباط لو كنا غير قادرين على أن نفهم مَنْ هُوّ الله لأننا سوف نجد الحقيقة وما نريد أن نعرفه عن الله مِنْ خلال كلمتهِ.

وللحديث بقية..... 
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter