ماذا تفعل إذا وجدت ابنتك تتحدث مع الغرباء وتتواصل معهم عبر الفيس بوك وتتبادل معهم الأحاديث والأخبار والصور الشخصية؟!
وهل يجوز للبنات إنشاء صداقات مع الغرباء عبر الانترنت خاصة ان وسائل الاتصال الحديثة تتيح للجميع التحدث مع آخرين في أي وقت أو أي مكان حول العالم بواسطة الكمبيوتر او التليفون المحمول أو التابليت دون رقابة من الأهل ؟
دار الإفتاء المصرية وعلماء الدين يؤكدون أن استخدام البنات للفيس بوك يجب أن تحكمه ضوابط شرعية.
ويطالبون الآباء والأمهات بفرض مزيد من الرقابة علي تلك الأوقات التي يقضيها الشاباب أمام شاشات الكمبيوتر, والتوسع في استخدام برامج المراقبة الالكترونية في المنازل لضبط المصطلحات وحجب الصور والمواقع الإباحية حتي لا يقع الشباب فريسة لها.
والأهم من كل ذلك تعزيز الثقافة الدينية والجوانب الأخلاقية والقيم لدي الأبناء خاصة صغار السن, حتي لا يقعوا فريسة لمبادرات الصداقة عبر الفيس بوك, وتفعيل الجانب الرقابي من قبل الأهل ودعوتهم إلي تجنب ترك أولادهم بحالة العزلة.
ردا علي فتوي حول محادثات الجنسين علي الإنترنت قالت دار الإفتاء المصرية إنه لا تجوز المحادثة الإلكترونية بين رجل وامرأة كل منهما أجنبي عن الآخر إلا في حدود الضرورة, لما فيها من فتح أبواب العبث والشر ومدخل من مداخل الشيطان وذريعة للفتنة والفساد, ولقد امتدح الله المؤمنين بإعراضهم عن هذا فقال تعالي( والذين هم عن اللغو معرضون) وكذلك لا ينبغي أن ترسل المرأة صورتها لمن لا تعرف صيانة لنفسها.
أوضحت دار الإفتاء انه إذا كانت هذه المحادثة الإلكترونية بين رجل وامرأة كل منهما أجنبي عن الآخر, فإنها تكون ممنوعة ولا تجوز إلا في حدود الضرورة, وذلك لما أثبتته التجارب المتكررة خاصة في عصرنا أن هذا النوع من المحادثات مع ما فيها من مضيعة الوقت واستهلاك له بلا طائل أو فائدة صحيحة باب من أبواب العبث والشر ومدخل من مداخل الشيطان وذريعة للفتنة والفساد, ونهي سبحانه عن التعاون علي الشر فقال( وتعاونوا علي البر والتقوي ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب), كما أمر بسد الذريعة المؤدية إلي الفتنة فقال سبحانه( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلي ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون).
وأكدت دار الإفتاء أنه لا ينبغي أن ترسل المرأة صورتها لمن لا تعرف صيانة لنفسها وحفظا لكرامتها وعرضها خاصة وقد كثرت الاستعمالات الفاسدة لهذه الصورة من قبل المنحرفين العابثين.
رقابة منزلية
ويري الدكتور عبد الفتاح إدريس, أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بجامعة الأزهر, ضرورة منع الفتيات من التواصل مع الجنس الآخر, حتي لا تؤدي هذه المواقع إلي مفسدة, واذا كان تفقد المواقع لمعرفة الأحداث الجارية والاستفادة من الرأي الآخر بات ضوررة, ويوفر المزيد من المعرفة عن الأحداث الجارية فانه يجب أن تنضبط عمليه التواصل بالمعيار الشرعي, أي لا يسمح لجنس معين بإقامة علاقة مع الجنس الآخر عبر الفيس لما يترتب عليه من مفاسد, المجتمع في غني عنها.
ويجب أن تحكم التواصل مع الآخرين ضوابط منها عدم السماح بالتواصل مع الغرباء والجنس الآخر, كما انه لا ينبغي أن يكون للفتاة صورة موجودة علي صفحتها الشخصية بالفيس بوك حتي لا تستخدم من قبل بعض العابثين لاستغلالها كما هو حادث الآن في بعض الجهات حيث استغلت صور لفتيات علي مواقعهن وذلك لابتزازهن ماديا ومعنويا, ولذلك أناشد الفتيات عدم نشر صورهن علي أي موقع الكتروني حماية لهن في المقام الأول والأخير ومنعا لأي عابث من استغلال تلك الصور أو إحداث اي تشويه لها عن طريق المونتاج او الفوتوشوب مما يسيء لسمعة الفتاة ولأسرتها إساءة بالغة.
المحادثات السرية
ولكن هل يجوز للبنات تبادل الصور, والدخول في محادثات مع آخرين ؟ يجيب الدكتور محمد الشحات الجندي, عضو مجمع البحوث الإسلامية, قائلا: إن التطور الحديث الذي نعيش فيه افرز أنماطا جديدة من العلاقات عبر شبكة المعلومات الدولية من خلال التواصل الاجتماعي عن طريق المحادثات بين البشر سواء داخل الدولة او خارجها او بين المواطنين فيها وعبر شبكات التواصل الاجتماعي وعبر الأثير أو البريد الالكتروني من خلال لقاءات للتعارف وتبادل حوارات فكرية والتباحث حول مسائل اجتماعية وعلمية وغيرها, ومثل هذه العلاقات التي تتم حول عالم متسم بالانفتاح لأفراد لا يعرفون بعضهم البعض الأمر الذي يدعو إلي انفتاح المجال عبر شبكات التواصل إلي سلوكيات بعضها في نطاق المشروعية والبعض الآخر يخرج عن أطار المشروعية.
ويؤكد الدكتور الشحات الجندي أنه إذا كان استخدام الفيس بوك أو الشات للتواصل مع الإخوة أو الأخوات ممن داخل الدولة أو خارجها, فمثل هذه المحادثات مفيدة وجادة وبناءة وتندرج تحت صلة الرحم والاطمئنان علي الأحوال ومتابعة ظروف الأهل, وهذا يعد من قبيل صلة الرحم لمن تتباعد أوطانهم, لكن ليست هذه الصورة الوحيدة للعلاقات عن طريق الفيس بوك بل هناك علاقات بين شباب وشابات تدخل في نطاق السرية وتندرج ضمن الخصوصيات ويتم فيها التطرق لموضوعات تدخل في نطاق المحرمات الشرعية خاصة إذا ما اقترنت بإرسال صور من جانب الشابة لمن تتحدث معه, وهذا التبادل يعد من قبيل الخلوة الشرعية من حيث التحريم لأنهم غرباء عن بعضهم البعض حيث لا يطلع عليهما أحد ويتبادلان أمورا تتعارض مع الحياء ومثل هذا يعد حراما وخلوة شرعية لا تجوز بين شخصين لا تربطهما علاقة زواج أو مصاهرة
أما الصور التي يتم تبادلها في بعض الحالات مثل طالبة تقوم بتحضير دراسة علمية قائمة علي عمل علمي وتقوم بتبادل المعلومات مع أساتذتها فأن هذا من قبيل اكتساب المعرفة العلمية والخبرة المعرفية فهذا يعد من قبيل المباح شرعا, لأن القاعدة الشرعية تقرر( الأصل في الأشياء الإباحة), وان التحريم هو الاستثناء وان هذه المعاملات من خلال شبكة الانترنت هدفها اكتساب علم أو اكتساب ثقافات وهذا يعد من العلم المطلوب شرعا, فالعلم فريضة شريطة أن تقف عند هذه الحدود التي تخرجها من دائرة الإباحة إلي دائرة الحظر وعدم المشروعية لو كان هناك اختلاط.
ضوابط شرعية
ولا يمكن الجزم مطلقا بتحريم الفيس بوك او تحريم التواصل عبر شبكة الانترنت, شريطة أن يتم في إطار المشروعية الإسلامية, بمعني أن تكون النية حسنة وبهدف تحقيق أمر ايجابي وخلاق وبناء, وان يكون موضوع هذه المحادثات مما لا تحرمه الشريعة الإسلامية, ومما تحرمه الشريعة مثل المحادثات من أجل التعاقد علي بيع صفقات محرمة او صفقات تنطوي علي غش أو ربا او صفقات التسويق الالكتروني المحرم مما يعد ذلك كله من قبيل الحرام, وكذا إجراء المحادثات غير المشروعة بين الشاب والفتاة فكل تلك الأفعال تحكمها القاعدة الشرعية: لا ضرر ولا ضرار وألا تتضمن محظورا شرعيا, وألا تكون علي حساب الفروض الشرعية لان هناك من يضيع وقته علي الانترنت ويترك الصلاة او يؤخرها مما يعد إدمانا, فالطالب الذي ينشغل عن دروسه, والموظف الذي ينشغل عن عمله بحجه الانترنت, فهذا يعد إهدارا للوقت وكما يقول الرسول الكريم: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ بمعني أن المسلم ينبغي أن يقضي وقت فراغه في عمل نافع ايجابي وليس في مجرد عمل يستهدف إضاعة الوقت فيه دون فائدة.