بقلم : مجدي جورج
يلاشك ان رجب طيب اردوغان تمتع بذكاء ملحوظ لا يمكن إنكاره، فالرجل ذو التوجهات الإسلامية جاء الي الحكم بعد فشل أكثر من تجرية حكم إسلامية سابقة حاول فيها الزعيم الاسلامي السابق نجم الدين اربكان تطبيق سياسات اسلاميه مضادة للعلمانية الاتاتوركيه القائمة بالبلاد ولكن الجيش التركي والقضاء التركي كان له بالمرصاد ففشلت تجاربه جميعها
ولكن تلميذه النجيب رجب طيب اردوغان تعلم من أستاذه اربكان الدرس وقام بعدة خطوات أتاحت له فيما بعد تطبيق رؤيته الإسلامية في الحكم واهم هذه الخطوات هي :
أولا عمل علي كسب الطبقات الشعبية بتحسين ظروفهم المعيشية ورفع معدل أداء الاقتصاد التركي والقضاء علي الفساد الذي كان مستشري فأصبحوا ظهيرا وسندا له في كل إجراءاته وقراراته.
ثانيا انه سار بتمهل وتؤده لأسلمه النظام التركي فلم يستعجل كما يستعجل إخوان مصر ومالم يستطع تطبيقه عاجلا فانه يؤجله للوقت المناسب حتي يستطيع تطبيقه.
ثالثا انه قضي علي تدخل الجيش والجنرالات في السياسة من خلال تحجيم مجلس الأمن القومي وعزل كبار الجنرالات وحاكم بعضهم في تهم قيل أنها محاولات انقلابية سابقة علي الحكومات التي كانت قائمة.
رابعا لجم المؤسسات القضائية وحجم تدخلها بل وسيطر عليها مؤخراً لدرجة أنها سمحت بارتداء المحاميات الحجاب في المحاكم.
خامسا انه فعل كل ذلك ليس بمباركة اغلبيه القوي الداخلية فقط بل انه اتخذ فى بداية عهده من القوي الخارجية خصوصا الغربية سندا له أيضا في تقليم أظافر الجيش بحجة أبعاد الجيش عن السياسة.
نجح رجب طيب اردوغان واستمر في الحكم منذ عام ٢٠٠٢ وللآن فقد سيطر هو علي رئاسة الوزراء وسيطر صديقه ووزير خارجيته سابقا عبد الله جول علي الرئاسه ونفذ برنامجه الخفي في أسلمة تركيا والقضاء علي العلمانيه التي كانت بها ، ورأينا في عهده انتشار للتطرف وكراهية الآخر في تركيا ورأينا قتل للكهنه وتهديد للاقليه المسيحية التي نجت من المذابح العثمانيه.
نجح اردوغان في اسلمة تركيا وكانت اخر قراراته هي حظر إعلانات الخمور وحظر بيعها ليلا وبالطبع ان رجب طيب اردوغان ما كان سيتوقف عند ذلك ولكنها سياسة الخطوة خطوة التي ينتهجها فاليوم يمنع الإعلانات ويمنع بيعها ليلا وغدا سيمنع بيعها نهائيا.
دانت السيطرة لرجب طيب اردوغان وأغراه بقائه في الحكم كل هذه الفترة الطويلة نسبيا في تركيا علي المزيد والمزيد من اسلمة كافة اوجه نواحي الحياه هناك ، واخيرا قررت الحكومة هناك الاستيلاء علي احدي الحدائق العامة التاريخيه وتدعي حديقة غازي بميدان التقسيم الجميل والتاريخي في إسطنبول وإقامة عدة مبان عليها منها مسجد كبير.
ولكن الجماهير والشباب التركي والأحزاب المعارضة وعلي رأسها حزب الشعب الجمهوري لم يرضوا بهذا التوجه لاردوغان فخرج مئات الآلاف من الشباب ينددون بهذه الخطط في العديد من المدن التركية كاسطنبول وادرنه وأنقرة وازمير وتصدت لهم الشرطة بعنف شديد مما نتج عنه مئات الإصابات ولكن الشباب لم يتراجع فاضطر اردوغان الي سحب الشرطة ولكن مع تصميمه علي استكمال إزالة هذه الحديقة التاريخية ((هل تتذكروا الان حديقة ميدان العباسية التي اقاموا فوقها مسجد النور والذي عارضه المناضل الراحل فرج فودة ، هو نفس السيناريو ولكن الفرق بيننا وبينهم كبير ؟)).
من الواضح ان إغراء السلطة المطلقة التي يتمتع بها اردوغان وحتي وان كانت بناء علي اختيار الصندوق في ظل ضعف وتشرذم أحزاب المعارضة جعلته يتخلي عن ذكائه ونهجه الذي عرف به فبدلا من إلغاء خططه او تأجيلها في شأن هذه الحديقة وجدناه يركب راسه ويعلن انه لا إلغاء ولا تأجيل لمثل هذه الخطط ، وربما تكون هذه بداية ربيع تركي جديد يتخلص فيه الأتراك من هكذا نظام يتخفي ويتلون من اجل تنفيذ أغراضه وأهدافه في أسلمة تركيا وتقييد حرية مواطنيها.
ربيع تركي يخلع حزب العدالة والتنمية القائم علي أساس ديني (وان كان قد نجح في إخفاء ذلك للان ) ويأتي بأحزاب نظيفة قويه لا تلعب علي وتر الدين.
ربيع تركي قد يكون مقدمة لربيع عربي حقيقي يخلع الإخوان في مصر الذين يتحكمون ويحكمون فينا بغباء وبجهل وتسرع ويأتي بأحزاب تهتم بحياة المواطن واحتياجاته علي الأرض ولا تصب جل اهتمامها علي مصيره بعد مماته.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع