بقلم / حنان بديع ساويرس
توقفت قليلاً الأيام الماضية عن الكتابة فقد إنتابنى شعور بالإحباط واليأس مثلى مثل سائر المصريين مما يحدث فى مصر الآن ، فالأحداث مُتلاحقة وبلا فواصل فقبل أن نستريح بُرهة إلا ونُفاجأ بحدث أو حادث أصعب مما سبقه ، فربما لكثرة الأحداث وتِكرارها شعر قلمى لتوه بالملل والسأم وأنه لا جديد تحت الشمس وكما قال الزعيم الوطنى سعد زغلول "مفيش فايدة" وحتى إذا حدث وكان هناك فاصل بين حدث وآخر فيكون الفاصل عبارة عن تصريحات تبعث بالنفس حالة من الإشمئزاز من السادة مسؤولى هذا الزمن العجيب الذى نحياه !! فتارة يخرج علينا رئيس الوزراء تاركاً أمور جسيمة تجعل البلد على حافة الإنهيار ويتحدث عن الرضاعة وكأن مصر فاقت أوروبا ولم يتبقى سوى الحديث عن النظافة الشخصية للمرأة المُرضعة ، فلم يخلو حديثه من ألفاظ خادشة للحياء والخوض فى أخص خصوصيات المرأة والتى لم يتجرأ الخوض فيها حتى برامج توعية المرأة والأمومة الحديثة !! بل يخرج علينا فى فاصل آخر أيضاً وزير الإعلام مُتحرشاً بالصحفيات بكلام خادش للحياء وفى إصرار رهيب منه يقوم بتِكرار الجملة التى أثارت إستياء الشعب المصرى ، وكأنه يضرب بالرأى العام والغضب الشعبى العارم ضده نتاج أقواله الركيكة الهابطة بعرض الحائط عندما قال لإحدى الصحفيات " تعالى وأنا أقولك فين" كما قام بتكرار نفس الجملة مع صحفية آخرى قائلاً " هاقولك زى ما قلت لزميلتك .... " ولم يتورع نفس الوزير أن يقول لإحدى المُذيعات " كلامك سخن زيك!! فهذه هى الثقافة الجديدة التى يُريد وزير الإعلام نشرها بمصر؟! فهذه اللغة غريبة علينا ولم نعهدها من المسؤولين فى سائر الأنظمة المُختلفة ولكن واضح أن النظام الإخوانى هو صاحب الريادة فى الفواصل الإباحية!!
- هذا عن الفواصل وفترات الراحة .. أما عن الأحداث ذاتها فأعاننا الله كمصريين عامةّ وكأقباط خاصةّ على إحتمالها لأن الأقباط دائماً وأبداً لهم نصيب الأسد فى إنحرافات أى نظام ، فإستغلال الورقة الطائفية ربما كانت رابحة فى الأنظمة المُتعاقبة .. لكن الآن لا أعتقد ذلك .. لأن المصريين علموا الآن من معهم ومن عليهم . فقد رأينا أنه ما بين صناعة الدستور "المَلاكى" فى خِلسة ليلية .. إلى مشكلة سد النهضة بأثيوبيا مئات الأحداث العامة والطائفية التى لايتسع لها هذا المقال وهذا ليس من ناحية كم الأحداث فحسب .. بل أخشى سردها حتى لا ينفجر المقال فى وجهى ووجوهكم وأنتم تقرأونه بسبب صعوبة وغرابة بعض الأحداث!! ، لذا سأكتفى بذكر بعض الأحداث على سبيل المثال وليس الحصر فمثلاً : أحداث الخصوص وتوابعها التى كانت بمثابة الزلزال وليس التابع وهى أحداث الكاتدرائية فلم يحدث مثلها فى تاريخ مصر الحديث أو القديم أن يتم الهجوم على مقر البطريرك وهو رمز الكنيسة القبطية فى العالم تحت رعاية ومُساندة وتشجيع رجال الداخلية .. فقد شاهدنا جميعاً كما شاهد العالم أجمع ما فعله رجال الداخلية والإبتسامات المُتبادلة بينهم وبين المأجورين لهذه الفعلة الشنعاء . * فنرى مصر فى ثوبها الجديد مابين ظلام دامس لم نعهده من قبل بسبب إنقطاع الكهرباء ليلاً تارة ونهاراً تارة ولا سيما فى أيام الصيف شديدة الحرارة فنلاحظ عند إعتدال الطقس لاينقطع التيار الكهربائى بل يتم قطعه فى حالة الإرتفاع الشديد لدرجات الحرارة ولا مانع من قطعه أثناء فترات الإمتحانات كما لا يوجد إستثناءات لإنقطاع الكهرباء فى الأماكن الحساسة التى قد يتسبب إنقطاعه فيها فى كارثة مدوية فلا تُستثنى المُستشفيات والتى راح ضحيتها جراء ذلك طفل حديث الولادة بالحَضَانة مُنذ شهور ووفاة مواطنة بمترو الأنفاق الصيف الماضى بعد أن توقف المترو فترة طويلة وهو مُتكدس بالركاب فى وقت الذروة ، فلا أدرى هل هذا يعتبر بمثابة إنتقام من المصريين أم ماذا ...؟! ، والغريب أننا نلاحظ وجود لامبالاة عجيبة من المسؤولين فيخرج أحدهم يحث المواطنين على غلق الغسالة والثلاجة والتكييف !! وهذا ذكرنى بمقولة شهيرة للرئيس السابق مُبارك عندما شكى له البعض من غلاء الأسعار فقال فى تصريح مُستفز يُشبه تصريحه فى الجلسة الإفتتاحية لآخر مجلس شعب فى عهده "خليهم يتسلوا" أقول عندما رد مبارك على أمر الغلاء قائلاً " اللى معهوش يشترى بطيخ مايشتريش مش لازم يأكل بطيخ" فقد إستهان مُبارك بالطلبات البسيطة والمشروعة للفقراء ونهاهم بشكل مُستفز عن أكل أرخص أنواع الفاكهة التى يأكلها الفقراء بدلاً من حل مشاكل الغلاء وهو يستمتع بأكل الكفيار ومالذ وطاب من الأكلات ولعب الأسكواش!!
- كما أرى مُحاولات مُستميتة لترهيب قبط مصر فهناك مُحاولات للإستيلاء على أموال الأثرياء منهم عن طريق عمليات إختطاف مُنظمة ومُمَنهجة لأبناءهم وبناتهم سواء كانوا من الشباب والشابات أو الأطفال وبعدها يُطلب فدية مُبالغ فيها أو تهديدهم بالقتل ، أو عن طريق إبتزاز رجال الأعمال المعروفين والذين لهم دور بارز فى إقتصاد مصر كما حدث مع آل ساويرس !!!! وهذه المحاولات ربما يكون الغرض منها هدم الكيان القبطى لأنهم يعلمون جيداً مدى قوته إذا قال "نعم أو لا" لذا يُريدون أن يتملك الأقباط الشعور بالضعف واليأس وعدم الإستقرار لإلهاءهم وإقصاءهم عن المشهد السياسى برُمَتِه ، وعلى الجانب الآخر يعُاقب الأقباط عن الثأر القديم أثناء الإنتخابات الرئاسية عندما توجهوا بالتصويت للمُرشحين المدنيين رافضين الدولة الدينية أم مُساندة الإخوان .
* بخلاف ما نشهده فى الأيام القليلة الماضية من إحتراق وتفحم كنائس بأكملها ودائماً وأبداً نعلم أن السبب فى إحتراق جميع الكنائس الذى أصبح عادة يومية هذه الأيام هو " الماس الكهربائى" وكأن الماس الكهربائى مُتعهد ومُتخصص حرق كنائس ، فلم أسمع مرة واحدة أنه قد حدث ماس كهربائى فى أحد المساجد .. فله فى ذلك حكم !!!!
- كما نرى ونسمع عن أحداث قتل أو إختطاف أقباط فمنهم طبيب شاب ومنهم رجال أعمال ونسمع عن سحل أورجم أوذبح شاب أو شابة من أبناء الأقباط وأعمال عنف وقتل فردية أو جماعية فيَقدِم شخص أو عِدة أشخاص لقتل فرد أو مجموعة من الأقباط فدماء الأقباط مُستباحة ، فمثلاً قد قتل شخص أربعة أقباط منهم ثلاث أشقاء والقاتل يعمل لديهم والسبب فى قتلهم كما أدعى الجانِ أنهم كانوا يعاملونه مُعاملة لم تروق له !! ، فكان من باب أولى أن يترك العمل بدلاً من قتلهم غدراً كما يفعل أى إنسان طبيعى لو أساء معاملته صاحب العمل ، لكن أصحاب العمل هنا أقباط فهو ومن على شاكلته يعلمون جيداً أنهم سيفلتون من العقاب أو على أقصى تقدير سيكون العقاب غير رادع لأننا لسنا فى دولة قانون وعدالة بل فى دولة بلطجة ولا سيما إن كان الضحية قبطى !! والأغرب من ذلك قيام أحد المُسلمين بالذهاب لأحد الدجالين فقال له أن جارك المسيحى قام بعمل سحر لك وبناء عليه قام بذبح جاره المسيحى فى وسط الشارع !! كما حدث على مقربة من كنية منشية الصدر مُنذ شهور قليلة وقام رجل مُسلم بقطع طريق المارة الأقباط وقرر قتل من يجدهم وبالفعل قام بضرب رجل وأستطاع أن يفلت منه وبعدها وجد إمرأة قبطية قام بتهشيم رأسها وأسنانها بالعصى والزجاج إلى أن فارقت الحياة وبدون أدنى ذنب إقترفته وسالت دماءها وهى تتوسل إليه وتترجاها أن يتركها لأنها لم تفعل له شئ لكى يقتلها بهذا الشكل الوحشى الجنونى !! * وما لفت إنتباهى وإستفز مشاعرى لأمسك بقلمى ثانية فى ظل هذه الظروف الكئيبة التى لاتُثير سوى الإحباط هو إنتشار إلصاق تهمة الإزدراء بالأقباط المُقيمين بمصر أوخارجها فأصبح هذا الإتهام هو الشغل الشاغل للنظام الحالى فلا أدرى هل يريد الزج بالأقباط فى السجون ؟!
- فبدءاً من تهمة الإزدراء التى نالت ثمانية من أقباط المهجر وعلى رأسهم القمص مرقس عزيز والحكم عليهم بالإعدام فى تحدِّ سافر يملؤه العبث والتعصب الأعمى !! مروراً بإتهام طفل قبطى لا يتعدى التاسعة من عمره بإزدراء الإسلام بل وصل الأمر بهم للتحفظ على الطفل فى محاولة لحبسه بخلاف ضربه من أحد السلفيين وركله بقدمه إلى أن أطاح به و أوقعه أرضاً وبدون تدخل رجال الأمن الذى شهدناهم فى مشهد ساخر بجوار الكاتدرائية أثناء تشييع جثامين أقباط الخصوص يحرسون القتلى والمُجرمون والبلطجية من مُهاجمى الكاتدرائية !! - لاحظت أن إتهام الإزدراء يوجه فى حالات كثيرة للمدرسين الأقباط .. فمُنذ شهور تم تلفيق تُهمة إزدراء لمُدرس يُدعى بيشوى ، ويليه مُعلمة شابة بأحد مدارس أسيوط وكانت حامل فى ذلك الوقت وعلى وشك الوضع ، وقد قامت الشرطة بمُحافظة أسيوط بالقبض عليها بعد أن تجمهر البعض وقاموا بإتهامها بإزدراء الإسلام وقد تم تحويلها ومعها مُديرة المدرسة المسيحية أيضاً للتحقيق ، ووقتئذ نفت المُدرسة كل الإتهامات التى وُجِهَت إليها ، بل أكدت أن الطالب صاحب البلاغ لم يكن موجود بالمدرسة فى اليوم الذى قال فيه أنها قامت بسب الإسلام بالحصة !! ، وهذا يدل على تلفيق الطالب وولى أمره هذه الإتهامات والإفتراءات لها حتى يضيع مُستقبلها كغيرها من المُتهمين والمُتهمات بالإزدراء أو لإغراض آخرى .
وآخيراً وأعلم جيداً أنه ليس بأخر وبنفس السيناريو وبلا رتوش تم توجيه ذات التُهمة لمُعلمة تُدعى دميانة عبد النور من مُحافظة الأقصر بالإضافة إلى إتهامها بالتبشير وهى تؤدى مهامها الوظيفية فى شرح مادة الدراسات الإجتماعية !! وسألقى الضوء على بعض النقاط فى تلك القضية .
• فكان من ضمن الأسئلة التى تم توجيهها لها أثناء التحقيق معها س - هل عندما ذُكر أسم الرسول وضعتِ يدك على رقبتك طبقا لما قالته التلميذة الثانية فى 4/2 وهل وضعتِ يدك على بطنك عندما ذكر الأسم مرة آخرى كما ذكرت التلميذة الثالثة فى نفس الفصل؟ وقد نفت المُعلمة تماما أنها ذكرت ذلك من الأصل .
- ولى هنا سؤال ربما أجد إجابة شافية له من أحد ما الإزدراء فى هذه الإشارات حتى لو كانت حدثت منها بالفعل أثناء الشرح .. فما معنى أنها وضعت يدها على رقبتها أو بطنها أثناء شرحها للدرس ؟!! ما معنى هذه الإشارات من وجهة نظر التلميذات المُخضرمات اللاتى لم يتجاوزن العشر سنوات ؟!! بالله عليكم أن يفتينى أحد ويفسر لى معنى هذه الإشارات ؟!! فوارد أن يُحرك الإنسان يديه ويشير فى أى إتجاه عفوياً أو لا إرادياً وهو يتحدث ومعروف أن الشعب المصرى يُحرك يديه كثيراً أثناء الحديث أم أن الأقباط ليسو ببشر والدخول فى نواياهم أمر مُستباح !! وحتى لو إفترضنا أنها قامت بفعل هذه الإشارات والتى أكدت أنها لم تقم بفعلها أثناء التحقيقات معها .. فهل من المنطق أن تعرف التلميذات تفسير هذه الإشارات الذى أراها بلا معنى أم أنهن مُلقنون بما يتلونه من أقوال ظهرت مُتضاربة أمام مدير المدرسة لذا قام بتبرئتها من الإتهام المفبرك الموجه إليها ومن أجل ذلك قاموا بإيقافه عن العمل بالمدرسة .. بمعنى أنهم يريدون من الرجل أن يشهد زوراً حتى لا يتعرض للأذى وحتى لا يتجرأ غيره أن يقول كلمة حق فى صالح قبطى !!
- - الأغرب من ذلك أن النيابة بجلالة قدرها قامت بالتحقيق فى الموضوع الذى وصل إلى حد التصعيد وحبس المُعلمة أربعة أيام على ذمة التحقيق وهذا كله بناء على شهادة أطفال عمرهم لا يتجاوز العاشرة ومعروف فى القانون أن شهادتهم لا يُعتد به ، وبعد ذلك أمر النائب العام بإخلاء سبيلها بكفالة قدرها 20ألف جنيهاً كما أمر بسرعة تحديد جلسة قضائية لها وذلك رغم أن نتيجة التحقيقات كلها لصالحها .. ولاسيما أن كما سبعون من أولياء الأمور أرسلوا فاكسات وتليغرافات لإعادة المُدرسة لعملها هى ومُدير المدرسة ، كما أن أحد المُحققين وقّع فى ورقة مجلس أمناء المدرسة بأنها لم تقم بذلك، ومع ذلك تطورت الأحداث وتصاعد الموقف بقيام بعض أولياء الأمور الذين لجأوا إلى محامين وقاموا بتقديم شكوى لنيابة الأقصر بذلك مُتهمين المُعلمة بإزدراء الدين الإسلامى وبالتبشير .
فى حين أنه يتم إزدراء المسيحية جهراً وعبر قنوات فضائية أكثر إنتشاراً ويشهد عليهم الملايين من البالغين وليس الأطفال والقصر !! وبشكل مباشر وبصريح القول وليس الإتهامات الإحتمالية والخوض فى النوايا !! فكم من مُتطرف يُدعى داعية يسب ويلعن فى الأقباط وإله الأقباط وكم منهم من سب بابا الأقباط الراحل والحالى ، وكم من مرة قاموا بتكفير الأقباط على الملاً وبدون أدنى حياء، فحدث ولا حرج ولم يُردع أحد ولو بيوم واحد !!!!!
- فقبل الثورة أستخدم النظام السابق الفاسد اللعب الطائفى المُستمر وضربه للكنائس سواء بشكل مباشر أو عن طريق إستخدامه للجماعات المُتطرفة وتمييزه المُستمر ضد الأقباط فى الوظائف السيادية بل حتى الوظائف الثانوية !! وإختطاف القبطيات أو التغرير بهن وعمل ولائم جماعية يُذبح فيها بسطاء الأقباط الذين ذهبوا ضحايا الغدر والخيانة من نظام نشر التطرف والتعصب الدينى بشتى الأشكال .. وللأسف بعد ثورة يناير التى توسمنا بها خيراً أستخدم النظام الحالى ما كان يفعله نظيره السابق بل بشكل أسوأ وكما يقول المثل "عينى عينك"
فلم يختلف اليوم عن البارحة بل أصبح أسوأ من ذى قبل وننتظر المزيد من الأحداث الجِسام وبينهم فاصل إباحى .. ونواصل !!