الأقباط متحدون - الدور التاريخي للكنيسة لحل مشكلة المياه
أخر تحديث ٠٤:٠٧ | الاربعاء ٥ يونيو ٢٠١٣ | ٢٨ بشنس ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٤٨ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

الدور التاريخي للكنيسة لحل مشكلة المياه

بقلم : لطيف شاكر
في عهد المستنصر بالله  الفاطمي  شحت مياه النيل وقلت في المجري المخصص للنهر العظيم وعم القحط نواحي مصر بسبب بناء الاحباش سدود علي النيل في بلادهم منعت تدفق الماء علي مصر .فبعث المستنصر بالبطريرك ميخائيل الي الحبشة حمله بهدايا للنجاشي حاكم الحبش وتكلم البطريرك مع النجاشي فوافق علي فتح سد كان حائلا دون تدفق مياه النيل, وتحسنت العلاقات مابين مصر والحبشة وجرت مياه النيل بالخير لكل المصريين وانتعشت البلاد وانتشر السلام بين ربوع مصر
 وتكرر شح المياه ايام المماليك  وكانوا قساة علي المصريين واذلوهم ,  وعم الجفاف والقحط في البلاد واضطروا الي دفع البطريرك للتوسط مع حاكم الحبشة ونجح في حل مشكلة المياه وتدفقت المياه حاملة البركات والنعم بعد القحط الشديد
وتكررت نفس المشكلة في عهد محمد علي حاكم مصر عام 1834  وعن طريق البابا بطرس الجاولي تم حل مشكلة المياه وتحسنت العلاقات وازداد الود وعم الرخاء وزادت التنمية في كل المجالات .

وفي عهد سعيد باشا الذي حكم مصر عام  1845 وكان متعصبا للاقباط في اول حكمه وفي عهده كاد يجف مياه النيل وهدد مصر بالعطش والموت,  فبعث الخديو سعيد بالبابا كيرلس الرابع لحل مشكلة المياه  واستطاع البابا كيرلس بحكمته الرصينة  حل هذه المشكلة التي كانت ستسبب في  موت الكثيرين عطشا وتبوير الاراضي ونفوق المواشي .
  وهكذا كلما حلت مشكلة  جفاف مياه نهر النيل  وتهديد شعب مصر بالموت عطشا وتحويل خصوبة الارض الي  التصحر يلجأون الي وساطة البابا للتدخل مع حكام اثيوبيا(بلد المنبع) لحل المشكلة وفي كل مرة يستجيب  رئيس الحبشة لكلام بابا الاقباط وتنفرج ازمة الشعب المصري ويخلد الي الراحة ويعم السلام في ارجاء الوطن . 

 وكانت العلاقات الأثيوبيه المصريه في أزهي صورها في عصر الرئيس جمال عبد الناصر لان مصر كانت لديها ورقه مؤثرة احسن  استخدامها آنذاك وهو  دور الكنيسة المصرية .    فأثيوبيا في ذاك الوقت كانت تابعه للكنيسه الأرثوذ كسيه المصريه ,وكانت الكنيسه الأم في مصر  ترسم لهم الاساقفة وترسل القساوسه  للعمل في الكنائس الأثيوبيه, وكان البابا كيرلس السادس له علاقات شخصيه بالإمبراطور هيلاسلاسي و كثيرا ما كان الرئيس جمال عبد الناصر يوظفها في خدمه المصالح المشتركه ,وكثيرا كان الامبراطور  يدعو قداسة البابا لافتتاح وتدشين الكنائس في اثيوبيا وكانت الدولة المصرية تؤازر هذا العمل وتشجعه .
وهكذا كانت الكنيسة الوطنية  كدأبها المستمر في خدمةالشعب المصري دون  تفرقة وتساهم بجدية في حل المشاكل  التي تواجه مصر لانها جزء من مصر  ويعيش الوطن  في  قلب الكنيسة ورعاتها وشعبها.
ولاسباب عديدة  تعقدت  الامور ودب الفتور بين مصر واثيوبيا وضعفت العلاقة بين الكنيستين  وتفاقمت مشكلة النيل للاسباب التالية:
اولا : تجاهل الرئيس المخلوع وحكوماته المتعاقبة  امر اثيوبيا  بعد محاولة اغتيال مبارك في اديس ابابا بيد  نفر من السودانيين, وعلي اثرها ساءت العلاقات بين مصر واثيوبيا  وتم التعامل مع الاخيرة باسوب التكبر والاستعلاء والتهديد ولم تلتفت مصر الي النيل  ومستقبل الايام ,والرهان علي الجيش المصري القادر علي ضرب اي مشروع علي النيل وحتي تركع اثيوبيا ودول حوض النيل  امام قوة مصر علي الدول الافريقية  ويذعنوا لرغبة مصر ورئيسها   ولكن دوام الحال من المحال فاثيوبيا الضعيفة صارت بتعضيد البلاد المشاركة في يناء سد النهضة  والتي تملك ترسانات تووية  واسلحة متقدمة  ,تقف  حائلا دون اي هجوم عسكري او تخريبي علي اثيوبيا خوفا علي مصالهم واستثماراتهم .

ثانيا : ان الكنيسة القبطية ليس لها نفس الدور الماضي اواليد الطولي في اثيوبيا  لان الامور تغيرت  فالحكم ليس امبراطوري ولايبالي بالايدلوجية الروحية وباتت الكنيسة الاثيوبية احدي مؤسسات الدولة الخاضعة للحكومة, ولم تعد الشريك الروحي في حكم اثيوبيا ناهيكم عن  علاقة الكنيسة الاثيوبية بالكنيسة المصرية  اخذت شكلا مختلفا عن السابق   واصبح لاثيوبيا   الان بطريريكا مستقلا  ومجمعا مقدسا يدير شئون الكنيسة  في ظل حكم لايعير للدين اهتماما يذكر , وتحولت البنوة بين الكنيستين الي اخوة والفرق شاسع بين الطاعة   البنوية والعلاقة الاخوية .
ولا اظن ان الكنيسة القبطية في قدرتها التاثير علي الكنيسة الاثيوبية والزامها بالطاعة اولا لاستقلالها ثانيا لاذعانها لحكم جمهوري له مشاربه  الدنيوية  ومقاصده التنموية  واردته الشعبية فضلا عن المطامع الاجنبية فصار الطريق شائكا والامور معقدة والحلول ليست علي قدر البطاركة او في  متناول المجامع الكنسية.

ثالثا : لا يوجد في الحقيقة اتفاق بين دول المنبع والمصب على طريقة توزيع مياه النيل أو رصد أحواله أو تقنين سريانه في مختلف الدول. فمعظم الاتفاقيات مع دول الحوض قديمة تمت مع القوى الاستعمارية وفي اطار نظام عالمي راح زمانه. ومن العسير أن يتصور المرء أن تقبل أي حكومة مستقلة أن لا تكون لها سيادة على أنهارها. وقد أبلغت دول المنبع كلا من مصر والسودان في مذكرات عديدة عن رفضها الالتزام بما جاء في المعاهدات والاتفاقيات والمذكرات المتبادلة بين القوى الاستعمارية التي كانت وكيلا عنها وقت توقيعها ودول المصب. ومن الأمثلة على ذلك المذكرة التي أرسلتها  تنزانيا إلى كل من مصر والسودان وبريطانيا سنة 1962 فور اعلان استقلالها، لتبليغهم عدم التزامها بأي تعهد كانت قد قامت به الحكومة البريطاني ينقص من سيادتها على الأنهار أو البحيرات بأرضها،
ومن نافل القول :ان اثيوبيا ارسلت  احتجاجا  على بناء السد العالي  في حينه الذي اتخذ قرار بنائه دون التشاور معها او مع دول حوض النيل  في مذكرة سلمت للخارجية المصرية في 23/9/1959 جاء فيها " إن أي دولة نهرية تنوي القيام بانشاءات كبيرة كتلك التي تقوم بها مصر يتوجب عليها بحكم القانون الدولي أن تخطر مقدما الدول النهرية الأخرى وتتشاور معها"
كما اكدت في مذكرة أخرى بتاريخ 8 فبراير 1978 عدم موافقتها على تحويل أي جزء من مياه النيل إلى خارج حوضه تلتها مذكرة أخرى في 5 مايو 1980 تحتج فيها على اعلان رئيس مصر نيته بتحويل جزء من مياه النيل إلى إسرائيل وفي أعقاب هذا الاعلان تم البدء في حفر ترعة السلام بين فارسكور والتبنة.

اذا مالحل.. وكيف الخروج من هذا المأرق الكبير .. لابد من استخدام العقل وايجاد حلول بديلة وسريعة داخليا وخارجيا , فبالنسبة للداخل   لابد من ترشيدالمياه  واعتبارالنيل خط  احمر مقدس واحترام حدوده  وعدم تجريفه وتلويثه  وعدم اهانته بالاستخدام السئ  حتي لايغضب علينا فيشح بمائه ولايجود  علينا بترياق الحياة  اضافة الي  الاستفادة بالتقنية الحديثة والتكنولوجيا المائية  المتقدمة  كالبلاد التي لاتملك انهار  مثل السعودية والكويت  اما خارجيا  عن طريق مائدة المفاوضات مع اثيوبيا ودول المنبع مع الاخذ في الاعتبار اظهار النوايا الحسنة و كسب صداقتهم  وتقديم الاقتراحات التي تخدم الطرفين ولصالح دول حوض النيل  وبضمانات دولية .


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter