من يعتقد ان القرضاوي في دعوته لقتل الشيعة دون رأفة ولا رحمة ولا شفقة، قد اخطأ او قد خالف شريعة الاسلام فهو واهم. القرضاوي كان مخلصا لتراث سلفه وتراث شريعته الاسلامية الدموية. واذا ما اراد احد ان يجادله ويحاججه، فعليه ان لا يختار القرآن او الحديث او السنة كمنهج للحوار او الجدال، فقد سبق وان رفض الامام علي بن ابي طالب اتخاذ القرآن اساسا للتحكيم ووصفه وصفا بليغا لا يجرأ احد اليوم، حتى من الذين يدعون انهم شيعته، ان يجهر بالقول بان القرآن حمال اوجه.
وان كان للرحمة في القرآن والسنة باب، فان للنقمة والارهاب عشرات الابواب، ومن ابواب النقمة هذه دخلت زمر الشر وعصابات قطع الرقاب، من هذه الابواب دخل مغتصبوا النساء ومهشموا رؤس الاطفال ، من هذه الابواب دخل القرضاوي والزرقاوي والظواهري وابو عمر البغدادي والمصري وكل بغاة الاجرام الديني بعهرهم وانحرافاتهم النفسية والجنسية، وبكل دنسهم وخبثهم ودنائاتهم.
ان السادية الاجرامية التي نسمعها في الفتاوى او في خطب الجمعة، او تلك التي رأينا خزيا من مشاهدها في افغانستان وفي العراق وفي سوريا وكان الرذيل القرضاوي من ابرز دعاتها، ما هي الا نماذجا مصغرة لاحداث كان الغزاة المسلمون يقترفونها في حقبهم الغابرة على نطاق اوسع واشمل وابشع، رواها لنا المؤرخون الاسلاميون بعين الرضا والاعجاب، ولا زال المسلمون يفتخرون بها ويمجدون ابطالها ويستلهمون من تاريخهم العبر ويتبعون مثالهم، ويخلدون ذكراهم بتسمية الشوراع والجامعات والمدارس واهم معالم المدن باسماء رجال عندما تقرا عنهم تكاد تسمع صراخ وعويل ضحاياهم وتترآى لك ملابسهم وقد علقت عليها اشلاء بشرية واياديهم وسكاكينهم تقطر منها الدماء.
لقد كان القرضاوي، وهو يحرض على العنف، حريصا ان لا يخلط الايدلوجيا الدينية بالسياسة كي لا يحدث ثقوبا في دعوته، فالسياسة حتى في معسكره تثير القيل والقال وتجد دائما من لا يتفق مع نقاطها، لذلك اعتمد على اسلوب طالما اعتمد عليه خلفاء وامراء الشر في التخلص من خصومهم، اسلوب التكفير، فما كان على الخليفة الا ان يأمر رجل الدين، كما يامر صاحب قطر القرضاوي، ان يكفروا هذا او ذاك، فيصبح القتل حكم بداهة عند اي مسلم ومسلمة، فأن ذُبح بريء او صلب او قطع امام مرآى ومسمع الجمهور، كما ذُبح الجعد بن درهم وكما صُلب الحجاج وكما قُطع غيلان الدمشقي وكما قُتل ابن المقفع وبشار بن برد، لن يحتج احد على قتله او يتأسف لرحيله، سوف لن يجرا قومه على المطالبة بدمه او اخذ ديته او اقامة مجلس او مأتم حزن وعزاء على فقدانه.
التكفير والاتهام بالزندقة والهرطقة والبدعة كان ولا يزال سلاح بيد السلطات الاسلامية الحاكمة او يبد عصاباتها السارحة تشهره بوجه من يقف ضدها او يعارضها، فلماذا لا يكون بيد حاكم قطر، لماذا يكون حكرا بيد ال سعود ومملكتهم الوهابية البائسة التي تضطهد الملايين من شعبها بذريعة التكفير؟
الفتوى التي اطلقها القرضاوي بتكفير الشيعة من على منبر الجمعة في امارة قطر، ليست جديدة، بل انها تمثل الميل العام والرأي الغالب في التيارات السلفية والوهابية والاصولية السنية، وهي حقيقة يغمض رجال الدين الشيعة اعينهم عن رؤيتها.
القرضاوي والاخوان المسلمون والوهابيون والسلفيون والاصوليون لا ينظرون الى الشيعة كخصوم سياسيين حتى لو كان النزاع سياسي، بل ينظرون اليهم كخصوم دينين ويصورون الصراع على انه صراع الحق ضد الباطل، انه صراع دائم وليس صراع وقتي تحسمه المصالح والاتفاقات السياسية، وهذه هي لب المشكلة في العراق، والتي تحاول الحكومة العراقية الاسلامية ان تحلها بدفع الرشا والتطميع بالرواتب الضخمة والامتيازات التي فاقت امتيازات اهل الجنة. ان الاحزاب الاسلامية الشيعية الحاكمة في العراق، تحاول ان تشتري ولاء الاحزاب السنية ورجال دينهم ليس بالاقناع او بالعمل المشترك لخدمة المواطن، بل بدفع الرشا وشراء الذمم للقبول بحكم الشيعة.
القول بان القرضاوي هو عميل امريكي او انه مفتي الناتو، هو وصف سياسي سيزول بزوال الخصومة او بزوال الصراع وحولول التصالح، اوعندما يغير الطرفان او طرف منهما موقفه من هذا الحدث او القضية او تلك فيتلاقيان على حل وسط، لكن عندما يصف القرضاوي حزب الله بحزب الشيطان والشيعة بقتلة اهل السنة، فان ذلك يعبر عن موقف ديني لا يستند على العاطفة بل يستند على اديلوجية التكفير شائعة الاستخدام في الاسلام على وجه العموم وفي المذهب الوهابي والسلفي على وجه الخصوص.
ولا يستطيع رجل الدين الشيعي ردع او اقناع القرضاوي بالتراجع عن تكفير الشيعة، بالقول بانهم مثله، يشهدون لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله وانهم مثله يكفرون المخالفين ويقومون عليهم الحدود ويطالبون بحكم الشريعة الاسلامية، ومهما كثرت المتشابهات فان القرضاوي سوف لن يعدل عن رأيه او يغير فتواه، اذ ان ايدلوجيا التكفير غير معنية اساسا بنقاط التشابه، فهي تتركز كليا على نقاط ومحاور الخلاف.
المحير والغريب في انتقاد بعض رجال الدين السنة او رجال الدين الشيعة لفتوى القرضاوي، ان انتقاداتهم تتركز على ان الشيعة لا يستحقون القتل ولا التكفير، لانهم مسلمون ايضا، ويشهدون بان الله واحد لا شريك له ويعترفون بنبوة محمد ويصلون ويصومون ويحجون ويزكون ويقرآون نفس القرآن وبذلك فهم لا يستحقون القتل. ان ذلك يعني ان غير المسلم، اوذلك الذي يخالف طقوس وشعار العبادات، لا مانع ان يقتل باي شناعة يختارها القاتل.
انهم لا ينتقدون القرضاوي لدعوته الاجرامية لسفك الدماء، ولا لانه لا يعير وزنا للانسان، بل لانه لا يعير وزنا للاسلام. ان ذلك يتشابه والمنطق الذي اعتمد عليه القرضاوي في اصدار فتواه، فهو ايضا يقول لتترمل النساء ولتتيتم الاطفال وليقتل الرجال وليعم الخراب في الارض في سبيل الاسلام. القرضاوي يرى حزب الله والشيعة يمثلان خطرا على الاسلام ومنتقدوه يرون ان فتوى القرضاوي تمثل خطرا على الاسلام. وكلا الموقفين يستندان على منطق اعوج يغلب الدين على الانسان.
القرضاوي وقد بلغ اخر مراحل عمره، لا يهتم كثيرا بتحسين قباحته التي عرف بها، ولا تجميل البشاعة التي تحملها قسمات وجهه، ولا التخفيف من ثقل الاثام التي ينوخ بها وزره، ولا التخلص من فتاوى الدم التي صرخ بها بالخطب وفي المساجد وفي المؤتمرات، فيكون سفير سلام ووسيطا للمحبة والتصالح، وساعيا للخير، وحاملا لاكاليل الصداقة، لو حاول ذلك، لربما كان له املا كبيرا في النجاح وفي المساهمة في حل المشكلة او على الاقل احياء امل في نهاية سفك الدماء، لكنه ومثل بقية رجال الدين، غير معنيا بالحياة ولا بالنفوس التي ستزهق ولا بالبيوت التي تدمر وتخرب، ان ما يهمه ان ينتصر السنة على الشيعة. ان ينتصر مليار ومئة مليون على مئة مليون. حقا لقد ابت الحماقة ان تفارق اهلها
هو بالطبع ليس نموذج شاذا، بل هو النموذج الاصلي، المتكرر
Stereotype
لرجل الدين الاسلامي الاصولي الذي اينما ذهبت ستجده ماثلا امامك كتنين احمق ينفث نيران الحقد والبغض في كل الاتجاهات.
نقلان عن الحوار المتمدين