الأقباط متحدون - حملة تمرد... هل تكون بروفة لصندوق الانتخابات؟ قراءة في ملف الأمور المسكوت عنها (441)
أخر تحديث ٠٨:٠١ | الأحد ٩ يونيو ٢٠١٣ |   ٢ بؤونة ١٧٢٩ ش   |   العدد ٣١٥٢ السنة الثامنة  
إغلاق تصغير

حملة تمرد... هل تكون بروفة لصندوق الانتخابات؟ قراءة في ملف الأمور المسكوت عنها (441)

بقلم يوسف سيدهم

بينما الساحة السياسية تعج بالأحداث والتطورات, وتتلاطم فيها موجات الأفعال وردود الأفعال, تجري علي قدم وساق حملة تمرد عاقدة العزم علي جمع توقيعات ملايين المصريين الرافضين لرئيس الجمهورية -بما يجاوز ملايين الأصوات الانتخابية التي حصل عليها وصعد بها لرئاسة الدولة- وذلك قبل نهاية هذا الشهر الذي يمثل انقضاء العام الأول من فترة ولايته, إيذانا بإطلاق الدعوة لتخليه عن منصبه أو إلزامه بالدعوة لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة قبل انتهاء فترة ولايته التي تنتهي عام 2016.

الحملة في حد ذاتها تعبير قوي عن الاسم الذي تحمله تمرد فها هو قطاع عريض من الشعب يسعي لأن يثبت للقطاع الآخر أنه يمثل أغلبية لا يستهان بها رافضة لحكم الرئيس مرسي وغاضبة من تقاعسه عن الوفاء بوعوده الانتخابية ومحتجة علي فشله في إدارة البلاد علي كافة الأصعدة سواء ما يتصل منها بتحقيق توافق سياسي بين أطراف الخريطة السياسية أو ما يتصل بإقالة الاقتصاد المتعثر من ترديه المتسارع إلي الأسوأ أو ما يتصل باستتباب الأمن وفرض سطوة القانون واستعادة هيبة الدولة أو ما يتصل منها بتحسين المستوي المعيشي للمواطن المطحون المحروم المعذب بما يحقق أهداف ثورة 25 يناير من حرية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية.

الحقيقة الواجب الاعتراف بها أن جميع أسباب رفض أداء رئيس الجمهورية صحيحة وثابتة, وتنامي مخزون الغضب والقهر في صدور وعقول المصريين إزاء ما حاق ويحيق بمصر منذ صعوده للسلطة لا جدال عليه, واستمرار إصراره علي تحدي جموع المواطنين واستفزازهم بقراراته المتخبطة وتصريحاته المتسرعة وسكوته -أو مباركته- علي اجتياح جماعةة الإخوان المسلمين لمؤسسة الرئاسة سعيا للانقضاض علي شتي مؤسسات الدولة لإزاحة من لا ينتمي للجماعة ولفرض الأفكار المتطرفة المتشددة واغتيال الوسطية والاعتدال في المجتمع المصري, بات أمرا مقلقا جدا يهدد هذا المجتمع في ثوابته ويزعزع دعائمه وأركانه.. وكانت قد علت الأصوات تعبر عن التوجس وتطالب بالحساب بعد انقضاء مائة يوم علي صعود الرئيس مرسي للسلطة باعتبار أنه هو الذي حدد ذلك الموعد لتحقيق طفرة إيجابية نحو علاج الملفات الخمسة الشائكة والأكثر تأثيرا في حياة المصريين -وكان ذلك في أكتوبر الماضي- ولكن الكثيرين وأنا منهم نادوا بالترفق به وإعطائه فرصة عادلة قبل التقييم والحساب وهي عام علي الأقل ليستطيع إنجاز خططه والوفاء بوعوده... لكن ها هو العام الأول يوشك علي الانصرام والمشهد العام للبلاد يتردي من سئ إلي أسوأ.

إذا الأوضاع لا تدعو إلي التفاؤل وانفجار مخزون الغضب والاحتجاج لا مناص منه واندلاع حركة تمرد مفهوم ومبرر بعد كل هذا الفشل من جانب الرئاسة في حكم البلاد... لكن دعوني وقد سجلت ذلك, أقول إن المسكوت عنه وراء حركة تمرد هو انفجار مخزون الإحباط والحسرة أيضا إزاء عجز قوي المعارضة وإخفاقها البشع عن الاشتباك السياسي مع الرئاسة والحكم بهدف تغيير الأوضاع... وعندما أقول الاشتباك السياسي أقصد العمل الإيجابي بكل أدواته من حوار ومفاوضات ومناوشات ومعارك وضغط, وليس من هذه الأدوات الانعزال والرفض والشجب والمقاطعة وترك الساحة السياسية خالية إلا من المستولين عليها يمعنون في استحواذهم واستبدادهم ثم يقولون دعوناكم للحوار فلم تأتوا... هكذا وجد شباب الثورة أنفسهم ضحية مقهورة مغلوبة علي أمرها بين حكم فاشل ومعارضة متهرئة عاجزة.

ولعل من علامات عجز المعارضة انصياعها لحملة تمرد بالتأييد والتصفيق دون أن تتحمل مسئوليتها في تبصير الشباب القائمين علي الحملة بأن حماسهم ومجهودهم الذي يبذلونه في توزيع الاستمارات وجمع التوقيعات, إذا كان من شأنه أن يعكس جسامة مخزون الغضب والرفض إلا أنه لا سبيل أمامه لتغيير الواقع السياسي أو فرض الانتخابات الرئاسية المبكرة علي رئيس الجمهورية أو إجباره علي ترك موقعه بدعوي إشعاره بأن غالبية ناخبيه باتوا لا يريدونه... هذه آمال نابعة من شحنة الغضب لكنها لا تستند إلي شرعية سياسية ولا إلي قواعد معمول بها في نظامنا الرئاسي... مبدأ الانتخابات المبكرة متاح في الدول ذات الأنظمة البرلمانية كطوق إنقاذ للأغلبية الحاكمة إذا شعرت بفقدانها لأغلبيتها البرلمانية أو باهتزاز التأييد السياسي الذي تتمتع به في الشارع... أما في النظام الرئاسي فلا يوجد شئ من هذا القبيل ولا يجب التمادي في عدم تبصير شباب حملة تمرد بذلك لأنهم يكفيهم ما يحملون في صدورهم من مخزون الغضب والإحباط والحسرة.
إنني إذ أراقب حملة تمرد عن كثب يتملكني الكثير من الإعجاب بما تعكسه من إصرار وجلد وحماس نحو الوصول إلي الجماهير وحشدها وتسجيل أصواتها... وإذ أتأمل ذلك أتساءل: إذا كان في إمكان تيار المعارضة أن يفعلها ويحشد الملايين لتوقيع استمارة تمرد لماذا لا نطلق الدعوة لاستثمار ذلك في إحياء قوي المعارضة السياسية وتوحيد صفوفها وبعث ائتلافها وترتيب أوراقها لخوض انتخابات مجلس النواب؟... لماذا لا نحسن توجيه قوة الدفع التي فجرتها حملة تمرد للاحتشاد أمام صناديق الانتخاب حيث السبيل الحقيقي لإزاحة الهجمة الشرسة التي تتعرض لها مصر؟... لماذا لا تعتبر حملة تمرد بروفة سياسية لانتخابات مجلس النواب؟... ذلك المجلس الذي باتت آمال إنقاذ مصر معقودة عليه بعد حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان مجلس الشوري
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter