فى أول رد فعل على المذبحة الجديدة التى نفذها علاء عبدالعزيز، وزير الثقافة، بإقالة أغلب قيادات الوزارة وآخرهم قيادات دار الكتب والوثائق القومية، بعد أقل من أسبوع من تعيين القيادى الإخوانى خالد فهمى رئيساً للدار، التى تحوى آلاف الوثائق المصرية النادرة والمهمة، ناشد المثقفون المعتصمون بوزارة الثقافة القوات المسلحة، سرعة التحرك وإنقاذ تاريخ مصر بتشكيل لجنة محايدة ومتخصصة للإشراف على دار الكتب والوثائق القومية، لما تحويه من وثائق سيادية تمس الأمن القومى.
وأشار المثقفون المعتصمون إلى أن الوثائق السيادية الموجودة بالدار تتضمن وثائق ترسيم الحدود المصرية، والأملاك اليهودية، وتاريخ تنظيم الإخوان منذ تأسيسه، والرسومات الهندسية الخاصة بالمبانى الأثرية المصرية، مطالبين القوات المسلحة بالتحرك لضمان عدم المساس بمقتنيات الدار، موضحين أن تعيين أستاذ اللغة العربية خالد فهمى، رئيساً لدار الكتب والوثائق القومية، بمثابة التمهيد لتنفيذ خطة الإخوان للسيطرة على وثائق مصر.
فيما أوضحت القيادات التى أنهى الوزير انتدابها وهم رئيس الإدارة المركزية لدار الوثائق القومية، ورئيس الإدارة المركزية للمراكز العلمية، والمشرف العام على دار الكتب بباب الخلق، والمشرف على جودة الأعمال الفنية بدار الوثائق، فى بيان لهم، أمس، أنه «قبل نهاية انتداباتنا بشهور، دون أسباب أو مقدمات.
وأضاف البيان «ما نريد تأكيده أن إنهاء انتداباتنا لا يمثل خسارة شخصية لنا، بقدر ما يمثل مزيداً من الخوف على مؤسسة ثقافية أخرى نخشى على مستقبلها ونعرف أهميتها حق المعرفة، وإذا كانت أهمية الهيئة تنبع فى الأساس مما تحتفظ به من تراث فريد وثائقى ومخطوط ومطبوع وما تقدمه من رسالة فكرية وتنويرية، فإن خوفنا يأتى على مستقبل هذا التراث من العبث به ممن يخافون من تاريخهم، وعلى رسالة الهيئة التى نخشى من تحولها، من جانبه، أكد الدكتور عبدالواحد النبوى، رئيس دار الوثائق المنهى انتدابه، أن هناك مخاطر تحيط بواحدة من أهم المؤسسات القومية التى تحوى مليونا و100 ألف وثيقة تتبع رئيس الدار مباشرة، وهو الذى له كامل الحق فى إعارتها أو ترميمها والتحكم فى أجهزة الإنذار المحيطة بها، ومن بين تلك الوثائق النادرة وثائق التقارير السرية للبوليس السياسى عن الإخوان والجرائم التى ارتكبوها وسلسلة الاغتيالات وحتى وثائق الطب الشرعى عنهم، ما يعنى أنه يمكن محو تلك الوثائق بسهولة، خاصة أن القائمين على حمايتها من الإخوان، هذا بخلاف وثائق تقسيم الحدود المصرية، وعلاقة مصر بالخليج، واعتراف قطر والبحرين بالسيادة المصرية عليهما، ووثائق بالرسومات عن الملكيات المصرية بفلسطين واليونان وأوروبا والحجاز وحتى أفريقيا، علاوة على معاهدات مياه النيل، بل ووثائق ملكية الأفراد ووزارة الأوقاف وأملاك اليهود فى مصر. مضيفاً: «أخلينا مسئوليتنا بإبلاغ الأمن القومى عن خطورة الوثائق الموجودة بالدار، وطالبنا باختيار لجنة محايدة لإدارة الدار فى هذه الفترة التى تشهد قلاقل سياسية غير مسبوقة». وقال عبدالناصر حسن، رئيس الدار السابق، لـ«الوطن»، إن الوزير حاول إرغامى على الاستقالة ولكنى رفضت حفاظاً على كنوز لا تقدر بثمن تضمها دار الكتب والوثائق من بينها وثائق لتاريخ الإخوان وثورة يوليو، لذا فضلت إنهاء انتدابى لكى أكشف نوايا الوزير الذى يدعى أن الهدف من الإقالات هو ضخ دماء جديدة فى الوزارة.
من جانبه، قال الروائى يوسف القعيد إن مجرد تعيين القيادى الإخوانى خالد فهمى فى واحدة من أهم المؤسسات التى تحوى وثائق الأمن القومى يعد جريمة، مشيراً إلى أن تعيينه يعنى أن التزوير سيمتد للتاريخ، معلقاً: انتظروا إعدام كافة الوثائق التى تكشف جرائم الاغتيال التى قام بها التنظيم الخاص للإخوان فى الفترة من 1936 وحتى 1948، وانتظروا محو جميع وثائق إنجازات الرئيس الراحل جمال عبدالناصر والإبقاء فقط على ما يخص تعذيبهم فى السجون.
وتابع «القعيد» أن أخطر ما سيكون هو بيع التراث بالتجزئة لمن يدفع أكثر من أثرياء الخليج، فهؤلاء قوم لا يؤمنون بالتاريخ ولا بالتراث ولا يعرفون قيمة الوثائق، مشيراً إلى أنه قبل تولى «فهمى» المسئولية رسميا زوّر الوقائع بزعم أن عمال الهيئة خرجوا لتأييد الوزير وأمر بطباعة لافتات لهم، لينكشف الأمر ويتضح أن العمال خرجوا لعرض مطالبهم على الوزير.