الأقباط متحدون - من ينصف دميانة؟
أخر تحديث ٠٣:٣٨ | الاربعاء ١٢ يونيو ٢٠١٣ | ٥ بؤونة ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٥٥ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

من ينصف دميانة؟

بقلم : منير بشاى

الى اين تذهب دميانة والى من يلجأ اقباط مصر ليحصلوا على العدل؟ 
الحكم الصادر ضد دميانة فى مواجهة ادعاءات ازدراء الاسلام.  يغلق الباب أمام ما كنا نظنه الملاذ الباقى لكل مظلوم والحصن "الشامخ" الذى يلجأ له كل من حرم من العدالة، وهو القضاء. 
 
أعلم اننى أكتب هذا الكلام مخاطرا ان اأتهم بالاعتراض على أحكام القضاء.  وهو اتهام أتحمله بكل فخر فالظلم ليس له ما يبرره ولا يجب ان يكون له ما يؤيده ويحميه.  والقضاة منهم المحترمين العادلين ولهم منا كل التقدير والاحترام.  ولكن منهم أيضا المتعصبين والذين لا ضمير لهم وهم لا يستحقون احتراما من أحد، بل  ولا يجب حتى ان يجلسوا على منصة القضاء الشريف.
 
قضايا ازدراء الأديان زادت عن حدها ويبدو انها تتجه الى اتجاه واحد وهو ازدراء الاسلام والرسول والقرآن والذات الالهية.  مع ان الله تعالى اسمه لا يمانع العبد من نقاشه وسماع عتابه فى احكامه ليثبت له انه أعدل العادلين ودون ان يؤدى هذا بغضب الله على الانسان وطرحه فى جهنم وبئس المصير.
أتعجب كثيرا عن تعنت الانسان ضد الانسان دفاعا عن الله، بالمقارنة بتسامح الله وصبره (وديمقراطيته) فى تعامله مع الانسان.  لقد سمح الله لأبينا ابراهيم أن يدخل فى حوار معه يسمع فىيه رأيه ويرد عليه عندما قرر الله حرق سدوم وعمورة بالنار.  كان الله يريد من ابراهيم ان يقبل قراره عن اقتناع وليس عن اجبار.  وهنا نجد الله يتناقش مع ابينا ابراهيم فيقول له "هل أخفى عن عبدى ابراهيم ما أنا فاعله" (تكوين 18) وعندما يعرف ابراهيم عن نية الله حرق المدينتين الشريرتين نجد ابراهيم يعترض (نعم يعترض) ثم يعاتب الله قائلا "أفتهلك البار مع الأثيم عسى ان يكون خمسون بارا فى المدينة.  حاشا لك ان تميت البار مع الأثيم.  أديان كل الأرض لا يصنع عدلا؟" ولكن العجيب أن الله يستمر يستمع الى ابراهيم ويتحاور معه ويرد عليه بأنه لا يوجد فى المدينة حتى هؤلاء الخمسين.  ويستمر ابراهيم فى التحاور قائلا ربما يكون عدد الأبرار أقل من الخمسين بخمسة فيجيبه الله انه لن يهلك المدينة اذا وجد هذا العدد ويستمر ابراهيم فى حواره مع الله ليعرف انه لا يوجد حتى عشرة أبرار.  أنهم جميعا من الأشرار.  ومع ذلك فان الله العادل يحرص على ان ينقذ لوط وعائلته فلا يهلكون مع أهل سدوم وعمورة. 
 
وتصورت لو كان الله قد طبق على ابينا ابراهيم بعض مبادىء الازدراء التى تنتشر فى هذه الأيام لكان مصير ابراهيم الحرق بالنار مثل أهل سدوم وعمورة.  ولكن الله الذى هو أعدل العادلين هو أيضا أرحم الراحمين وهو يعطى الانسان الفرصة تلو الأخرى ليتوب عن خطاياه فيحيا. 
ولكن عدالة البشر العوراء التى ابتلينا بها فى مصر فى هذه الايام تحابى بالوجوه فتظلم المسيحى وفى نفس الوقت تبرىء المسلم.  هذا رغما عن الادلة ورغما عن نص القانون، هذه الظاهرة كانت دائما موجودة فى مصر ولكنها تزايدت كثيرا بعد صعود التيار الاسلامى للحكم.
هل من قبيل الصدفة ان من يتهموا فى قضايا ازدراء الأديان يكونون جميعهم من المسيحيين ضد الاسلام؟ وهل الطرف الآخر جميعهم من الملائكة الذين لا يزدرون بالدين المسيحى؟ أم اننا بصدد تمييز معروف ومقبول ويتم تنفيذه (عينى عينك)؟
هل من العدل ان يحكم فى قضايا سريعة بعقوبات مبالغ فيها لمواطنين كلهم من المسيحيين مثل المحامى رومانى سعد والطالب جمال عبده مسعود والمدرس بيشوى كميل والشاب البير صابر.  وقد قبض على طفلين اسمهما  نبيل بيشوى ( 10 سنوات) ومينا نادر (9 سنوات) بتهمة ازدراء القرآن مع انهما أميين لا يجيدان القراءة والكتابة ولا يعرفان انهما كانا يمسكان بالقرآن أو أى كتاب آخر واودعا السجن ولم يخرجا منه الا بعد ان نبه أحدهم الدكتور مرسى أن القبض عليهما مخالف للقوانين الدولية ومواثيق حماية الطفل فاصدر أوامره بالافراج عنهما.
 
وهل سمعنا عن فضيحة أكبر من ان يحكم على ثمانية من أقباط المهجر بالادانة والاعدام  فى فيلم عن الرسول لا وجود له فى عالم الواقع ولا صلة للمتهمين به من قريب أو بعيد؟ هل كانت هناك ادلة قانونية يستند عليها القاضى عندما حكم عليهم جميعا بالاعدام؟ وهل سيحكم على أبو اسلام بنفس العقوبة لحرقه للكتاب المقدس وتهديده للتبول عليه فى المرة القادمة؟ 
فى نفس هذا السياق يأتى الحكم الصادر ضد دميانة مدرسة الاقصر البريئة بتغريمها مبلغ 100 الف جنيه عقوبة عن جريمة لا صلة لها بها.  وهو حكم يثير عدة تساؤلات أهمها: هل بدأنا نرى استخدام القضاء الإن لابتزاز الأقباط ماليا فى محاولة لافقارهم ليتحقق ما قاله أنور السادات فى المؤتمر الاسلامى انه لن تمر عشرة سنوان الا ويتحول مسيحو مصر لماسحى أحذية؟
كدت أعلن أننى سأتطوع بجمع هذا المبلغ من كاليفورنيا الى ان تنبهت ان هذا لن يساعد حل المشكلة بل يزيدها تعقيدا.  فالاقباط الذين يتعرضون يوميا الى عمليات خطف أبنائهم وارجاعهم بعد دفع الأتاوات الباهظة، سيصبحوا ضحايا لابتزاز جديد وهو تلفيق قضايا والحكم عليهم اما بالسجن أو دفع الغرامات الباهظة.  والخضوع للابتزاز سيشجع على المزيد من الابتزاز.
 
آن الوقت ان نقف فى وجه الظلم ونعلن اننا مواطنون من الدرجة الأولى ولن نقبل الخضوع للنهب أو الابتزاز سواء من البلطجية أو النظام فيبدوا انه لا يوجد فارق بين الاثنين.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter