الأقباط متحدون - التمرد وحل الأحزاب الدينية وجهان لعملة واحدة
أخر تحديث ٠٠:٠٠ | السبت ١٥ يونيو ٢٠١٣ | ٨ بؤونة ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٥٨ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

التمرد وحل الأحزاب الدينية وجهان لعملة واحدة

بقلم: نبيل المقدس

من الآخـــــر ..    مصر دينها الأول الإسلام .... ماشي . اغلب سكانها مسلمين ... ماشي . عضو اساسي في منظمة الإتحاد الإسلامي الدولي ... ماشي . رئيسها مسلم ... ماشي . مسئولة عن نشر الدعوة الدينية الإسلامية ... ماشي . جامعة أزهرها بكلياتها المختلفة تمتليء بطلاب بلدان اسلامية علي حسابنا ... ماشي . مصر تمتليء بمدارس ازهرية وكليات ازهرية خاصة بالمسلمين المصريين ,التي علي أثرها ظلمت العديد من غير المسلمين حاصلين علي مجاميع أعلي من إخوتهم الآخرين أن ينولوا نفس الفرصة ... باردو ماشي .  لكن إللي مش ماشي ولا هيمشي ونرفضه تماما أن مصر تصبح دولة دينية . وبما أن أغلب سكانها يعتنقون الإسلام فتصبح مصر دولة دينية اسلامية ... وهذا ما نرفضه نحن كمسحيين وأغلب إخوتنا المسلمين ... أي أنه مش ماشي . وسوف تبقي مصــر بلدة مدنية حرة تحوي جميع الأطياف بدون تفضيل طائفة على أخري . 
 
   هناك رباط واحد لا بديل له يصل بين جميع هذه الطوائف هو نيلهــا , الذي به اُبدعتْ الهوية المصرية , وخرج من أعماقه  الشخصية المصرية . كانت مصر القديمة والتي تُعتبر رائدة العلوم بجميع جوانبها صاحبة أكثر الديانات عددا .. وصاحبة أكثر اللهجات تنوعا .. وذات العصبيات الجمة تبدأ من النوبيين مارة بالبدو من شرق وغرب نيلها , مخترقة بلاد الصعيد وبلاد مابين فرعي النيل  , محاطة بمناطق سواحلية علي حدود شرقها وأقصي شمالها , وبالرغم كل هذه التباينات بقي الوطن الواحد بين حدوده المعروفة .. حافظ افراد شعبها علي طينتها السمراء وعلي صحرائها الصفراء و علي حدودها التي ميزت موقعها الإستراتيجي بين الأمم بدون أن يخطر علي بالهم أو يأخذوا في إعتبارهم هذه الإختلافات والتباينات التي فيما بينهم .. فقد شربوا من نيل واحد وأكلوا من محاصيل أرضهم المشتركة والممتدة علي طول حدودها , وأبدعوا في فنونهم وفي ثقافتهم وفي علومهم , وفي حروبهم ضد الإستعمار والغزوات . يا له من زمن عظيم مر علي أرض مصر ويا له من حظ شعبها الذي عاش علي هذه الأرض طيلة هذا الزمن... !!
 
   كان المفروض الآن ان تكون مصر بعد هذا التاريخ الطويل والعميق من أوائل الدول تقدما و تطورا وخبرة واسعة في ممارسة  الديموقراطية .. لكن بالأسف الشديد أتت علينا ما يُقال عليها ثورة 25 يناير لكي تهدم هذا الصرح من الحريات .. ربما سوف لا يعجب هذا الكلام كثيرا من الناس .. لكنني أنا اكتب هذه الكلمات آخذا في الإعتبار كل مقاييس ومعايير الديموقراطية .. فلو نأخذ علي العهود السابقة أنها جعلت السجون مفتوحة  لمجموعات من الناس والذين يمسكون الآن الحكم والسلطة ومانراه اليوم من أعمالهم سوف نندم علي هذا الزمن , ولا نلوم هذه الحكومات ..!! 
 
    وعَدنا المجلس الأعلي بعد إستلامه السلطة .. انه سوف يحافظ علي مدنية الدولة .. وبناء عليه سوف يمنع قيام الأحزاب التي تتخذ الديانات خلفية لها .. صقفنا وهللنـا لهذا القرار الجريء .. لكن " فرحة ما تمت " فقد مرت الأيام وظهرت هذه المجموعة الدينية لكي تسيطر علي المجلس الأعلي العسكري , ونحن نعرف تطورات الأحداث فهي ليست مجالنا الآن في ذكرها .. لكن الأهم هو أن نذكر تبديل وتغيير المجلس العسكري رأيه وتساهله في قيام الأحزاب الدينية علي الملا وبدون استحيـاء ... ومن هذه اللحظة انشطرت مصر وانقسمت وتهلهلت وسقطت في مستنقع الفتن وعدم الإستقرار ... وعندما وصلوا إلي الحكم بطريقتهم المعروفة إنفتحت ابواب سيناء وإزدادت انفاق رفح لكل ما هو ارهابي , واصبحت سيناء غريبة عننا . 
 
   لم تستطع جبهات الإنقاذ , أو جبهات المعارضة , أو الأحزاب المدنية بجميع أطيافها ,أو الحركات التي تتبع حقوق الإنسان أن تثني من أعمال مؤسسة الرئاسة التي يغلب عليها مصالح أهله أكثر من مصالح الشعب المصري, وكم من النصائح تم توجيهها إليها بأن تنفصل المؤسسة الرئاسية عن خلفيتها العقيمة " مكتب الإرشاد " .. وأن يصبح الرئيس هو رئيس لكل المصريين , ويحافظ علي هويتها المصرية .. لكن باءت هذه المحاولات بالفشل .. بل تزداد المؤسسة الرئاسية عنادا ضد طلبات الشعب المصري .. فقد نقضت الرئاسة كل عهودها .. وفتحت السجون لنشطاء شباب يريدون مصلحة مصر , ولم تتنازل لسماع آرائهم مستمدة قوتها وتعاليها من إخوتها الأحزاب الدينية الأخري .. وبناء عليه أصبحت الأحزاب الدينية هي العقبة في اتخاذ اي خطوة إيجابية للإصلاح متخذين شريعتهم من وجهة نظرهم فقط غير معترفين بما يقوله الأزهر الشريف والذي هو بمثابة المرجعية الوحيدة لتعاليم الإسلام علي مستوي العالم الإسلامي كله ..
 
فكم خرجت من بعض هذه الأحزاب فتاوي للترهيب ضد الشعب المصري المسلم الأصيل حتي وصل بهم الحال بإصدار فتاوي  ضد كل ما هو جميل مثل الثقافة والتاريخ المصري القديم والفنون بأنواعها  .. ! مما حرك الشباب المسلم الذي يدرك معني الإسلام علي أصوله وحرك مشاعر الشباب المسيحي الذي يدرك معني التعايش السلمي بينه وبين أخيه الآخر ... تجمعت هذه النخب الشبابية وقدمت انظف وأعظم طريقة للمعارضة السلمية والقانونية , ألا وهي التوقيع علي استمارة " تمـــــرد " ... إنتشرت فكرة التمرد , واعتبرها الشعب المصري بصيص أمل لكي يغيروا هذا النظام , ويأتوا بنظام مصري أصيل . الشعب المصري اصلا متمرد ضد اي قوة غاشمة والتاريخ يشهد بذلك .. صحيح صبور لكنه يمهل ولا يهمل . 
 
   كل ما ننشده أن يُضاف إلي طلبات التمـــرد إلغــــــــاء الأحزاب الدينية فورا لأنها غير شرعية ... وليس معني وجود شخص من ديانة أخري في حزب جوهره ديني أنه يُحسب علينا حزب مدني .. المهم هو بنود وتوجهات هذا الحزب ... كما نناشد بإضافة " إلغـــــــــــــاء جميع الأحزاب الدينية او المدنية والتي تحمل بنود برامجها  متكررة أو ليست علي هوي عقل وطبيعة الشخصية المصرية. 
 
    تمــــــــــــرد مع إبقـــــــــاء الأحزاب الدينية .... سوف يؤدى بنا إلي المربع الأول مرة أخري وإلي المعاناة من الفتن والتشرزم بين طوائف الشعب .
   أما "التمرد .. وحل الأحزاب الدينية" هما وجهان لعملة واحدة غير مزيفة ومتجددة بإستمرار , وسوف تكون العملة الرابحة تسعي ورائها الشعوب وتسترد مصـــر وحدتها و مكانتها بين الأمم . 

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter