الأقباط متحدون - مَنْ هُوّ الله حتى أُطيعه؟ (03) إثبات وجود الله - 1
أخر تحديث ٠٠:٠٢ | السبت ١٥ يونيو ٢٠١٣ | ٨ بؤونة ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٥٨ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

مَنْ هُوّ الله حتى أُطيعه؟ (03) إثبات وجود الله - 1

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

بقلم: ليديا يؤانس

قال لي:  أنا أؤمن بالله وبالتالى بوجوده،  وكلمة الله تقول "طوبى لمن آمن ولم يرى."   أنا لستُ مِحتاجاً لإثبات وجود الله!
أكيد هذا حقيقى لِمن يُؤمِنْ بقلبهِ ولكن لِمنْ يُريد أن يؤمِنْ بعقله ليس كافياً،  وإذا كان القلب كافياً،  لماذا خلق الله للإنسان عقلاً؟  أليس ذلك لِكى يُفكِر الإنسان ويبحث عن الأدلة والبراهين التى تُثبِتْ صِحة ما يسمعه أو يراه!
على كُلْ حالٍ عَظيمُ إيمانك ياأخي، "الإيمان بالقلب وكفى!"   ولكن مِنْ حق الفلاسفه الذين يُفكرون ويُفلسِفُون ما يصل لآذانهم مِنْ حقائق أن يُثبِتوا بالأدلة والبراهين صِحة ما يسمعون.   من حق العُلماء الذين يفترضون نظريات علمية ويَنكَبون ليل نهار وسنين يبحثون لكى يصِلوا إلى حقائق تؤكِدْ نظرياتهم العِلمية أن يَجِدوا أيضاً أدلة وبراهين تُثبِت وجود الله .  وفوق هذا وذاك،  ما الضرر إذا إجتمع القلب والعقل لإثبات واحِدة مِنْ أهم الحقائق في الحياة وهي وجود الله!

إذا كان الله موجوداً ما هي الشواهد التى تثبِت وجوده؟
لو إفترضنا أن مُحقِقاً سَيقوم بالتحقيق في جريمة ما،  فإنه سَيضع إفتراضات ثم يقوم بالبحث لكى يكتشف إحتمالات تحقيق هذة الإفتراضات.   وكذلك لإثبات وجود الله يلزمنا نوع مِنْ التحقيق كالذى يعملُه المُحقِق لكى نكتشف إمكانية التحقُق مِنْ وجود الله.  هذه الحقائق قد تَترُك إنطباعاً عِندي،  ومُمكن لا تَترُك إنطباعاً عند شخص آخر بنفس الطريقة.

فيما يلى بعض الحقائق التى قد تقودنا للإعتقاد بوجود الله:
1-  وجود الكون المادي
2-  ترتيب وتصميم الكون
3-  دقة وموثوقية الكتاب المقدس
4-  طبيعة الإنسان
5-  شخص يسوع المسيح

أولاً: وجود الكون المادي يثبت وجود الله
ذَهبتُ إلى مرسى مَطروح مَعَ مُعسكر أقامتهُ الجامعة التى كُنتُ أدرس بِها.  فَرقُ شاسِعْ بين المدينة المُكتظة بِالسُكان والمنازل والسيارات وبين منطقة مرسى مطروح المَشهود لها بجمال الطبيعة وشواطِئها ذات الرمال الناعمة البيضاء والمياه الشفافة التى لها لون خاص.  في الليل جَلستُ على صخرة قُُربْ الشاطئ أنظُر البحر الكبير أمامي بأمواجهِ ومياههِ الشفافة،  رفعتُ عيني إلى السماء فوجدت القمر مُتلألِئاً بضوءهِ السماوي وقد تناثرت حَولهُ وعلى مَرمى البصر نُجوم السماء تَتَنَاغْم مع ضوء القمر فترسِم لوحة فنية رائعة تُحلِق بِكَ في السماويات.  إستغرقتني التأمُلات وبدأت أستنتِجْ أنهُ لابد مِنْ وجود شخص ما،  أكبر مني ومِنك عمل هذا الكون.  وبالتالى أدركتُ أن هُناك حقيقتان:
(1)  إذا كان هذا الشخص الكبير جِداً عمل هذا الكون العظيم جِداً إذن لابد وأنهُ كان مَوجوداً قبل عمل هذا الكون.  أليس هذا
       مَنطقياً!
 (2) أياً كان أو كيفما كان السبب وراء هذا العمل فلابُد مِنْ وجود قوة وقُدرة هائلة لإنجاز هذا العمل الإعجازي.

فيما بعد من خلال قِرائتي لكلمة الله وجَدتهُ يقول "السماوات تُحَدِث بمجد الله والفلك يُخبِر بعمل يديه" (مز 1:19).  وتستمر الكلمة الإلهية في إعلان مجد الله ووجوده فتقول "لان أُمُوره غير المنظورة تُرى منذ خلق العالم مدركة بالمصنوعات قدرته السرمدية ولاهوته حتى أنهم بلا عُذر" (رومية 20:1). 

الله المَوجود لا يَترُك نفسه بِلا شَاهِدْ فَهُوّ يُعلِن قُدرته اللامحدوده مِنْ خِلال خلقه العظيم.  الله غير المنظور نلمسه مِنْ خِلال مَصنوعاته العجيبة والعظيمة.  ولكن يبقى سؤال:  مِنْ أين جاءت المَواد التى استخدمت في الخلق؟  أنها لمْ تأتِ مِنْ أى مكان ولكن رُبما تجمعت مِنْ مجموعة ذرات وفي وقتٍ لاحق تَكَونت المادة التى اُستخدمت في الخلق.   خلق شئ يعني عمل شئ من لا شئ وهذة لا يستطيع عملها أى كائن مهما أُعطى مِنْ مَواهِب.  الخَلق في حد ذاته دليل على وجود الله الخالق. 
أليس وجود الكون دليل على وجود الله!
  
ثانياً:  ترتيب وتصميم الكون يثبت وجود الله
مَنْ الذى يُمكِنه أن يُفسِر لنا عمل الطبيعة التى لا يُمكِن للعقل البشري أن يُصدِقها؟  لِماذا الكواكب تبقى في المدار؟  وأيضاً قوانين الجاذبية مِنْ الصعب فِهمها.  ولكن  مِنْ خِلال التَطور مِنْ العَالَمْ التِلِسكوبي إلى العَاَلَمْ المِجهري تَكَشَفتْ لَنَا حقائق مُدهِشة عن ترتيب وتصميم المادة،  وكيف أن هُناك أشياء تنمو وأشياء تموت وأشياء تضمحل.  نعم يُمكِننا دِراسة ومعرفة القوانين التى وراء هذة الأسئلة،  ولكن كيف حدث كل هذا؟  ولماذا بهذة الطريقة؟
 
بولس وبرنابا رسولان مسيحيان تقابلا مع ناس وثنيين فى وسط تلال تركيا.  الوَثنيون إعتقدوا أنَ الرَسولان آلهه،   فأطلقوا إسم آلهتِهُم "هرمس" على بولس  و "زفس" على برنابا.  وأرادوا أن يذبحوا لهُم قرابين كما يفعلون للآلهة التى يتعبدون لها. الرسولان قالا لهُم  "أيها الرجال لِماذا تفعلون هذا نَحنُ أيضاً بشر تحت الآلام مِثلكم نُبشِركُم أن ترجعوا عن هذة الأباطيل إلى الإله الحي الذى خلق السماء والأرض والبحر وكل ما فيها.... مع أنه لم يترك نفسه بلا شاهد وهو يفعل خيراً يُعطينا مِنْ السماء أمطاراً وأزمنة مُثمرة ويملأ قلوبنا طعاماً وسروراً" (أعمال 14: 15-17).

نعم الله لا يترك نفسه بلا شاهد حتى الطبيعة نفسها شاهد دائم على وجود الأعلى في الفِكر والذكاء أى الله.
أليس ترتيب وتصميم الكون دليل على وجود الله!

ثالثاًً: دقة وموثوقية الكتاب المقدس تثبت وجود الله
مِنْ جميع المُؤلفات الدينية في عالمنا،  كِتاباً واحداً يقف فوق الجميع مِنْ حَيثُ الأصالة والسُلطة والمَوثُوقية والدِقة التاريخية.  الله هُوّ المُؤلِف النِهائي لِلكِتاب المُقدس وذو السُلطه للكشف عن ذاتهِ مِنْ خِلال كلمته.  ويُعتبر الكتاب المُقدس مِنْ أكثر الكُتب طِباعة على مدى التاريخ.

كُنتُ علي غذاء عَمَل مع صديق رَجُل أعمال وقُلتُ لهُ،  أنا عِندي ثِقة كاملة في موثوقية الكتاب المُقدس.   بادرني مُندفِعا قائلاً:  هذا غباء!  الكتاب المُقدس مَلئ بالتنَاقُضات والحكايات الخيالية!  طَلَبتُ مِنهُ أن يقول لي واحدة على الأقل مِنْ هذة التناقُضات أو الأساطير ولكِنهُ لم يستطع!   في الواقع كثير مِنْ الناس الذين التقيتُ بِهُمْ مِنْ قبل لم يقرأوا الكِتاب المُقدس!

لو أنا لا أعتقد بوجود الله،  بالتالى سَيكون صعباً عليّ شرح الكِتاب المُقدس نفسه.
الكِتاب المُقدس رسالة الله للبشرية ومِنْ خِلال رسالته المُعلنة للعالم يُعلِن عن ذاته،  الإله الأبدي القادر على كل شئ الذى يُحِب خليقتهُ فيكُلِمهُمْ عن ذاته وفي نفس الوقت يُكلِمهُم عن حياتهم الواقعية.

ما يُثبِت دِقة ومَوثُوقية الكِتاب المُقدس أنهُ كُتِبَ على مدى أكثر مِنْ 1400 سنة،  بواسطة حوالى 40 كاتباً مُختلفين في ثقافتهم ونشأتهم ووظائفهم،  فمِنهُم الأنبياء والرُسُل والمُلوك ورجال الله.  كُلُ مِنهُم كَتَبَ في فترة زمنية تختلف عن الآخر وبِالرغم مِنْ ذلك نجد أن ما يقوله هذا الكاتب يؤكِدهُ ما يقولهُ كاتِبْ آخر ولكن في وقت آخر أى بِفاصل زمني قد يصل للعشرات أو المئات مِنْ السنين.  
هؤلاء الكُتابْ يتكَلَمُون عن أحداث وظروف فورية في نطاق السياق التاريخي، ولكِنْ الكُلْ يتفق على وجود الله وخِطتهِ وطرقهِ.
هؤلاء الكُتابْ يُعلِنُون كيف أن الله تَكَلَمْ معهُم مُباشرة وقال لَهُمْ بالروح ماذا يكتُبون، وكيف أنه وجه أفكارهُمْ لما يُريد أن يكتُبوه.
هؤلاء الكُتابْ تَنبأوا عن المُستقبل الذى تحقق الكثير مِنْ نِبواتهِ بِكُل دِقة،  بالإضافة إلى أن بعض النِبوات لم تتحقق للآن.

عِلم الآثار مازال يدرس الحضارات القديمة ليؤكد الدِقة المُذهلة للكتاب المقدس بالرغم مِنْ تناقُضْ النظريات الإنسانية على مدى السنين.  الكِتاب المُقدس يتكَلَمْ عن حضارات عظيمة كانت موجودة في الماضى،  ولكن نَحنُ سَمِعنا عنها في الآونة الأخيرة وأكتشفنا أنها كانت موجودة فعلاً،  بالإضافةِ إلى أن حَفريات عِلمْ الآثار كشفت عن وجود كمية هائلة مِنْ الأدلة التى تؤكد موثوقية ودقة الكتاب المُقدس،  وذلك إعتماداً على تواريخ وأسماء وأماكن وأحداث وأشخاص مِنْ الماضى.

كيف نشرح كل هذا؟
هل كُل هذا كان مُصادفةً؟
كيف كان هؤلاء الكُتابْ قادرين على التنبؤ في الماضى بقيام وسقوط أمم وذلك قبل أن يُصبِح الحدث في حيز الوجود؟
كيف يُمكن أن يكون هُناك إتفاق في تحقيق النِبوات بِالرغمِ مِنْ أن هؤلاء الكُتاب لم يلتقوا مع بعض لتِفاوت الفترة الزمنية لتواجدهم والتى قد تَصِلْ لمئات السنين؟ 
أليس ذلك يعني وجود شخص غير منظور، سرمدي، كُلي القُدرة يُحرك العالم بأصابع غير مرئية! 
هل مُمكِنْ أن يكون هذا هو الله؟! 

أحبائي أترُكُكم في رعاية الإله الحي الموجود إلى أبد الآبدين وألتقي بِكُمْ في المقال التالي لإستكمال موضوع "إثبات وجود الله."

وللحديث بقية......
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع