الأقباط متحدون - يوم استرداد مصر..
أخر تحديث ٠٧:٠٣ | الاثنين ٢٤ يونيو ٢٠١٣ | ١٧ بؤونة ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٦٧ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

يوم استرداد مصر..

بقلم: منير بشاى
لم يتبقى على 30 يونيو سوى أيام. وهو اليوم الذى حدده الشعب ليخرج فى اكبر مظاهرة تمرد فى تاريخ مصر الحديث. وكان أكثر من 15 مليون مصرى قد وقع على استمارة تمرد لتطالب الدكتور مرسى بترك الحكم وتسليم السلطة لمجلس رئاسى مؤقت يصحح مسار الدولة وينقذها من الانحدار نحو الدمار المريع الذى ينتظرها.
 
ولكن فى هذه الاثناء تتوالى الاحداث بسرعة لتضيف للموقف أبعادا جديدة تزيده تعقيدا وترمى بنا الى آفاق لا يمكن معها  التكهن الى أى اين سترمى بنا المقادير.  وكانت محكمة جنح الاسماعيلية تنظر قضية الهجوم على سجن وادى النطرون وفتحه وتهريب المساجين وعددهم نحو 12 الف سجين ومن ضمنهم 34 سجينا من مكتب ارشاد جماعة الأخوان يضمون كبار المسئولين فى الحكم اليوم وعلى رأسهم رئيس الجمهورية د. محمد مرسى العياط.  ولكن التطور الخطير فى القضية انه فى غضون نظر القضية ظهرت تفاصيل جديدة خارج القضية المنظورة جعلت القاضى يضطر الى تحويلها الى التحقيق من جديد لأن الوقائع الجديدة ستحول المتهمين الى محكمة الجنايات فى تهم تتعلق بالتخابر مع دولة أجنبية ضد صالح الوطن والعقوبة فى مثل هذه الجرائم يمكن ان تصل للاعدام أو على الأقل السجن المؤبد.
 
وسط هذا الزخم من الحوادث التى تسير فى كل اتجاه لا يستطيع المرء ان يجزم بما سياتى به الغد. ولكن كل شىء ينبىء اننا بصدد وقائع كبيرة ستغير الخارطة السياسية الحالية لمصر. ونتوقع ان يتضمن التغيير وضع الاخوان من حكم مصر. وهو ما يدعونا الى مضاعفة الجهود فى مظاهرة 30 يونيو لأن بوادر التخلص من حكم الأخوان قد لاحت على الأفق. 
 
لقد أثبت العام الذى مضى منذ استلام جماعة الأخوان للحكم انهم لا دراية لهم بالحكم وخاصة فيما يتعلق ببلد فى حجم مصر.  كانت خبراتهم السابقة كلها فى العمل السرى والمؤامرات والانقلابات والاغتيالات.  وعندما غيّروا استراتيجيتهم لنبذ العنف اتّجهوا الى العمل الحر مثل ادارة محلات السوبرماركت لتدعيم عملهم الدعوى.  ولكن ادارة بلد محورى كبير كمصر تحتاج الى درجة عالية من فهم الاقتصاد العالمى، وحنكة فى التعامل مع السياسة الدولية المعقدة وتداعياتها.  كل هذه الخبرات جديدة عليهم، بل ولم يكن فى امكانهم استيعابها بعد صعودهم للحكم.
 
ولكن ان كان هناك شىء ايجابى قد حدث نتيجة حكم الاخوان فهو توحيد الأمة كلها بمسيحييها ومسلميها على الاقتناع ان الاخوان غير صالحين لحكم البلاد. وقد أجمع المواطنون على ان استمرارهم فى الحكم سيزيد الخراب الذى بدا فعلا.  شىء ايجابى آخر قد حدث، فلقد كان الأخوان يطالبون المجتمع  بتجريبهم مدعين ان لديهم الحل لمشاكل مصر. وها قد تم تجريبهم وتبين فشلهم الذريع. فلعل هذه التجربة تبكم صوتهم العالى الى الابد فيخرجوا من حكم مصر..ويخرجوا من التاريخ.
 
من أجل هذا تأتى أهمية الاشتراك فى مظاهرات 30 يونيو لأن الأحوال فى ظل حكم الاخوان أصبحت لا تطاق.  لقد استأثروا بالسلطة، وشقوا الوطن، وتسببوا فى تدهور مرافق الدولة، وانهيار الاقتصاد، وضاع الأمن والأمان، واصبحت البلطجة وفرض الأتاوات تهدد المواطنين فى غياب أو ضعف جهاز الشرطة. كما انتشر الفساد وزادت عمليات النهب والاستيلاء على المال العام والخاص. 
 
هذا وأن المستقبل لا يبشر بالخير.  لا يوجد مشروع قومى يلتف حوله الناس ويبعث فيهم الامل بان يكون الغد افضل من اليوم.  وما يزيد المشكلة انه أصبح من غير الممكن تصديق الاخوان فى شىء، فكل وعودهم الماضية قد حنثوا بها، مثل وعدهم باصلاح معظم مشاكل مصر المستعصية خلال ال 100 يوم الأولى من حكمهم، ووعدهم بمشروع النهضة الذى  تبين انه لا وجود له، ووعدهم بجذب 200 مليار استثمار دولى الى مصر.  بدلا من ذلك عرفنا ان الرصيد الذى تركه مبارك من العملة الصعبة  كاد ان ينفذ وان البنوك الدولية ترفض ان تعطينا المزيد من السلف..  وما يمكن اعتباره خيانة قومية هو ارتمائهم فى أحضان اسرائيل وأمريكا وتنفيذ كل طلباتهم ضد صالح مصر. ولكن مصيبة المصائب هو نيتهم الغاء شخصية مصر وتفردها وتحويلها الى دويلة صغيرة فى وهم الخلافة.
 
وبالنسبة للاقباط فمن المؤكد انهم سيخسروا أكثر من غيرهم فى ظل حكم الاخوان.  فتحويل مصر الى النظام الدينى بعيدا عن نظام الدولة المدنية سيسحب من الأقباط مواطنتهم ويحولهم الى ذميين يدفعون الجزية عن يد وهم صاغرون.  ومن أجل ذلك جاءت الضغوط عليهم من كل جانب.  حاولت الرئاسة ان تقنع الكنيسة بوقف اشتراك الأقباط فى التظاهر ولكن قداسة البابا رفض التدخل فى قرارات الشعب وحريته الشخصية.  وقامت السفيرة الأمريكية بمحاولة الضغط على قداسة البابا لنفس الغرض ومرة أخرى رفض قداسته التدخل.  ولجأ بلطجية الاخوان الى ااستخدام سلاح التهديد فوجه عاصم عبد الماجد نداء للاقباط قائلا "لا تضحوا بأبنائكم" فى اشارة الى انهم سيقتلوا اذا اشتركوا فى المظاهرات.  ولكن الأقباط تخطوا حاجز الخوف ولم يعد يرهبهم التهديد.
 
سيصبح 30 يونيو نقطة فاصلة فى تاريخ مصر الحديث.  سيسجله التاريخ كما سجل من قبله تخلص مصر من الهكسوس على يد أحمس الأول 1580 ق.م.. ولكننا لسنا فى وهم لنعتقد ان الأمر سيكون سهلا.  فمن المتوقع ان الاخوان سيتشبسون بالسلطة ويقاومون خلعهم بكل ما اوتوا من قوة..
تمنياتنا ان يكون 30 يونيو هو نهاية حكم الأخوان، وان لم يتحقق هذا فليكن ذلك اليوم بداية النهاية.  فبعد 30 يونيو هناك 1 يوليو و2 يوليو وشهر اغسطس وسبتمبر و..... ونحن مصممون على الاستمرار فى الكفاح، الى ان يتم استرداد مصر ممن اغتصبوها، مهما طال الزمن.
 
Mounir.bishay@sbcglobal.net 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter