جمعت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي لليابان بين أهداف سياسة واقتصادية وبين اهتمامات الرئيس بالشأن المصري الداخلي، ومسؤوليته كرئيس للاتحاد الأفريقي، ووازنت بين العلاقات المصرية اليابانية الثنائية المشتركة، والعلاقات المصرية الأفريقية اليابانية، في ظل علاقات مصرية يابانية تاريخية، وشراكة استراتيجية يابانية إفريقية.

 
وذكرت وكالة أنباء "الشرق الأوسط" الرسمية، أن ما يسعى الرئيس السيسي إلى تحقيقه من إنجازات سياسية واقتصادية لمصر يدعم قدرتها على مد يد العون لأشقائها في إفريقيا، ويعزز تطلعات القارة التنموية المستقبلية، والارتقاء بمعيشة شعوبها وتطلعاتها لغد أفضل، ويؤكد أيضا نجاح مصر في قيادة الإتحاد الأفريقي خلال عام رئاستها له.
 
وحققت الزيارة عدة أهداف أبرزها ما يلي:
 
1- دعم وتعميق أواصر الصداقة والتعاون بين القاهرة وطوكيو، والتي تشهد حاليا تطورا إيجابيا في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية وفي مجال التنمية.
 
2- طرح الرؤية المصرية تجاة قضية التنمية الشاملة في أفريقيا، والتي تتضمن تأكيد أهمية القدرات البشرية في العمل المشترك.
 
3- تأكيد ضرورة إيلاء الاهتمام الكافي بالشباب الأفريقي بزيادة الاهتمام بالتعليم، وتطويره على نحو يتيح للشباب اكتساب المهارات اللازمة للانخراط في سوق العمل، ورفع معدلات الإنتاجية والنمو، والتركيز على التحول إلى مجتمعات المعرفة وتعزيز البنية التحتية العابرة للحدود في القارة.
 
4- العمل على إيجاد تحالفات رائدة للاستثمار في البنية التحتية.
 
5- تعزيز ودعم تكتل اليابان أفريقيا "تيكاد" في زمن التكتلات التجارية الضخمة، والحرب الاقتصادية والتكنولوجية الشرسة بين القوى الكبرى وصراع الموارد والثروات.
 
وعلى الصعيدين السياسي والاقتصادي الثنائي، تجمع بين مصر واليابان وجهات نظر متقاربة في العديد من القضايا الدولية، مثل نزع السلاح، وحفظ السلام وحماية البيئة والحوار بين الحضارات والثقافات، فيما زادت الاستثمارات اليابانية في مصر لتصل إلى 162 مليون دولار للعام المالي 2017/2018، وارتفع حجم التبادل التجارى بين البلدين في 2018 بنسبة 30.5% وبلغ 1.565 مليار دولار مقارنة بنحو 969 مليون دولار خلال 2017.
 
ودعما للعلاقات الثنائية، استقبل إمبراطور اليابان الجديد ناروهيتو، الرئيس عبدالفتاح السيسي بالقصر الإمبراطوري، ومن جهة أخرى تطرقت مباحثات القمة الثنائية التى جمعت بين الرئيس السيسي ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، سبل دعم وتعزيز العلاقات الثنائية في جميع المجالات والتي تقوم على المصالح المتبادلة، إلى جانب عقد سلسلة من اللقاءات على هامش "تيكاد 7" (مؤتمر طوكيو الدولى السابع للتنمية في أفريقيا) لتشجيع وجذب الاستثمارات اليابانية.
 
وتحرص مصر على تعزيز آليات التعاون بين البلدين، خاصة في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار، والاستفادة من الخبرات اليابانية في إنشاء مدينة العلوم والابتكار بالعاصمة الإدارية الجديدة، والأكاديمية العليا للعلوم وتبادل الخبرات بين العلماء المصريين واليابانيين في المجالات البحثية ذات الاهتمام المشترك، وتقوم الشراكة التعليمية بين البلدين على الاستفادة من مميزات التعليم الياباني، من خلال تسهيل الحكومة المصرية إنشاء المدارس اليابانية في مصر، وكذلك الجامعة المصرية - اليابانية في برج العرب.
 
ومولت اليابان، العديد من المشروعات الأثرية والتنموية والبيئية في مصر من خلال برامج من القروض الميسرة والمنح، وأبرزها مشروع المتحف الكبير، والجامعة المصرية - اليابانية للعلوم والتكنولوجيا والخط الرابع لمترو الأنفاق، بالإضافة إلى العديد من المشروعات الاستثمارية المهمة في مجالات التجارة والصناعة والنقل والزراعة والكهرباء وتنمية وتطوير القطاع الخاص والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وبلغت قيمة التمويلات والمنح المقدمة من اليابان لدعم التعليم في مصر 282 مليون دولار منها 169 مليون دولار للمدارس المصرية اليابانية.
 
وعلى الصعيدين السياسي والاقتصادي الأفريقي، شهدت العلاقات اليابانية الإفريقية تطورا مستندا على حجم التبادل بينهما والذى زاد بنسبة 2.8%، وعززت قمة التيكاد التعاون الثلاثي بين مصر واليابان وأفريقيا من خلال الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية ووكالة جايكا اليابانية والبنك اليابانى.
 
ومن هذا المنطلق، أكد الرئيس السيسي أن قمة "تيكاد 7"، شكلت منعطفا مهما في دفع التعاون بين دول الاتحاد الأفريقي واليابان، ووجهت بوصلة الاهتمام لتطوير الموارد البشرية، بما يتسق مع الواقع الأفريقي، والأولوية التي تعطيها دول القارة لشبابها الذين يشكلون قرابة 65 % من سكان القارة.
 
وأشار الرئيس السيسي، إلى إقرار القمة ما يتطلع الاتحاد لتنفيذه في إطار خطة العمل وحددت آفاق التعاون للسنوات الثلاث القادمة سعيا لتحقيق تطلعات شعوبنا في الاستقرار والسلام والتحديث والرخاء والتصدي للتحديات التي تواجهها، وذلك من خلال تهيئة المناخ المناسب لتحقيق التنمية المستدامة، وإيجاد شراكة فعالة بين القطاعين العام والخاص، استنادا إلى مجموعة من الأفكار المبتكرة التي تتناسب مع الواقع وإمكانات شعوبنا وثرواتها البشرية.
 
وركزت القمة تحت شعار "إحراز التقدم في إفريقيا من خلال الإنسان والابتكار"، على ثلاث ركائز أساسية هي: التحول الاقتصادي، وبناء مجتمع مستدام للأمن البشري، وتحقيق السلام والاستقرار، بالإضافة إلى تشجيع الإستثمار الخاص من خلال الشراكة والتضامن بين القطاعين العام والخاص وتوسيع نطاق الأعمال التجارية، وتحسين بيئة الأعمال والمؤسسات خاصة، وتعتزم تقديم مساعدات تنموية لأفريقيا خلال هذا المؤتمر، وتوقيع العديد من الإتفاقيات الثنائية بين اليابان والدول الأفريقية.
 
ونجحت القمة في ترسيخ تطوير التعاون التجاري والاقتصادى مع القارة الأفريقية، خاصة بعد دخول اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية حيز التنفيذ في نهاية شهر مايو الماضي، وتمثل تلك الاتفاقية إحدى أدوات التكامل بين دول القارة في إطار أجندة أفريقيا 2063، للتنمية المستدامة إلى جانب تحقيق السلم والأمن في أفريقيا وتعزيز الحوار السياسي بين أفريقيا وشركائها للتنمية وحشد الدعم لصالح التنمية الأفريقية التنمية ويعد مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية الأفريقية "تيكاد"، أحد أهم القمم والتجمعات التي تسهم في تنمية وتطور القارة السمراء، ويلعب المؤتمر دورا كبيرا في تسهيل وتعزيز الحوار السياسي رفيع المستوى بين القادة الأفارقة وشركاء التنمية بشأن القضايا المتعلقة بالنمو الاقتصادي، والتجارة والاستثمار، والتنمية المستدامة، والأمن الإنساني، والسلم والاستقرار.
 
وحظي التعاون بين اليابان وأفريقيا بتاريخ طويل على المستويين الثنائي ومتعدد الأطراف، حيث تستضيف اليابان منذ عام 1993، قمة التيكاد والتي أطلقتها بعد الحرب الباردة مباشرة، بهدف تنمية أفريقيا من خلال عقد شراكة مع المجتمع الدولي لتحقيق النهوض والتنمية في القارة، وتعزيز الحوار السياسي رفيع المستوى بين أفريقيا وشركائها للتنمية، وحشد الدعم لصالح مبادرات التنمية الأفريقية، وشكل المؤتمر عاملا محفزا لإعادة التركيز الدولي على احتياجات التنمية في أفريقيا.