خان الخليلي من أشهر وأعرق الأسواق الشعبية في القاهرة والعالم على مر الزمان، والذي يعد أحد أكثر الأماكن التي تتمتع بجذب سياحي كبير ويتميز بوجود بازارات ومحلات ومطاعم شعبية، وتم اعتباره حياً مهما للأنشطة الاقتصادية والثقافية حيث يوجد به أعداد كبيرة من الأماكن الثقافية والتاريخية التي تقع في شارع المعز كما يوجد فيه مسجد الحسين وسوق الأزهر، كما يتميز خان الخليلي باحتوائه على العديد من البضائع المعروضة من أوان فضية فخمة وتحف ذهبية ومصابيح زجاجية وتحف متنوعة والأشغال اليدوية وهدايا الفراعنة القديمة والتوابل، كما يحتل الخان مكانة كبيرة حيث أنه كان مصدر إلهام الكثير من الكتاب والأدباء منهم نجيب محفوظ الذي ألف رواية باسم خان الخليلي.

يقع خان الخليلي في حي الحسين أحد أحياء القاهرة بجوار مسجد الإمام الحسين ويقع في شارع مواز لشارع المعز لدين الله الفاطمي وسط مدينة القاهرة، وقد كان يقع سابقا فوق مقابر الخلفاء الفاطميين لكن أمر الأمير المملوكي جهاركس الخليلي بنقل هذه المقابر إلى مكان آخر وتأسيس سوق كبير، ويروى تاريخيًا أن خان الخليلي كان يحقق أرباحًا هائلة من صناعة المعادن والحلي التي كانت تتركز في خان الخليلي، وقد أوقف الأمير جهاركس جزء من أرباحه التي يحصل عليها من التجارة في خان الخليلي لفقراء الحرم المكي وذلك في القرن الرابع عشر ليصبح الخان أحد الشواهد على التاريخ الإسلامي في العهد الفاطمي والمملوكي، وتعني كلمة الخان ذات الأصل التركي المغولي الملك أوالمتجر.

تاريخ ونشأة خان الخليلي

لم ينشأ خان الخليلي فجأة بل له تاريخ ونشأة متميزة تدل على تاريخه العريق حيث يعود تاريخه إلى أكثر من 600 عام، حيث تعود بداية خان الخليلي للأمير جهاركس الخليلي، وهو أحد الأمراء التابعين للسلطان المملوكي الظاهر برقوق، وقد نشأ خان الخليلي على أنقاض مقابر الفاطميين وهي المعروفة باسم التربة المعزية والتي كانت تضم الأضرحة السلطانية المزخرفة بقصر المعز لدين الله الفاطمي، فقد دفنت في هذه المقربة رفات عائلته الذين قدم بهم من الشام فقد كان هذا المكان مخصصا لإقامة الخليفة المعز لدين الله الفاطمي ثم سكن هذا المكان من بعده الخلفاء الفاطميون وأولادهم، حيث توجهت أنظارهم نحو شارع المعز الذي تم بناء مجمعات وأضرحة ملكية ومؤسسات تجارية فيه ليتطور بعد ذلك ويصبح مقرا رئيسيا للأسواق.

ثم تم تطوير المراكز الاقتصادية من خلال مؤسسات الوقف ليصبح الشارع مع مرور الوقت ممتلئا بالمحلات التجارية، وفي أواخر القرن الرابع عشر في عهد برقوق الأول تم هدم الضريح الفاطمي من أجل إقامة خان الخليلي فيها.

وقام عدد من نخبة المماليك ببناء مبان تجارية في المنطقة المجاورة للخان وإقامة مجمع سكني للمستأجرين، كما تم بناء قلعة السلطان قاتباي بالقرب من جامع الأزهر ، فأصبحت المنطقة المحيطة بالخان مركزا رئيسيا للتجارة الخارجية.

وبعد رحيل صاحب خان الخليلي جهاركس، بقي خان الخليلي وتطور مع الزمن فقد أنشآ قنصوة الغوري العديد من الحوانيت والأماكن التجارية بجواره وخصص بعض الأماكن التجارية كالمجوهرات النفيسة، كما تمت إقامة سوق للعبيد بجوار خان الخليلي ليصبح السوق أكثر اتساعًا وتعددًا للأنشطة وأصبح بعد ذلك بؤرة اهتمام التجار العثمانيين.

وكان خان الخليلي أحد الأسواق المرتبطة بالتحولات السياسية في مصر فمن خلال التجار الوافدين إليه كان يتم التعرف على أحوال المصريين، ودخول الجواسيس لمصر في زي التجار، وفي ظل الصراع بين المماليك والعثمانيين كان طومان باي يتجه لإحراق السوق ولكنه تراجع عن هذا الأمر نظرًا لأهمية خان الخليلي الاقتصادية لمصر في ذلك الوقت، ليستمر خان الخليلي عبر العصور والتاريخ العتيق ليستحق عن جدارة أن يكون مزارًا سياحيًا مفتوحًا ويستمر كسوق لبيع المجواهرت والمصنوعات التاريخية، ثم تعرض في القرنين التاسع عشر والعشرين لعدة تطورات أسهمت في جعله أكثر المناطق جذبا للسياح.

وصف خان الخليلي

يوصف بأنه يتخذ شكل قصر كبير متسع تم بنائه من الحجر المشذب ويرتفع هذا القصر لثلاثة طوابق، وفي الأدوار السفلية للقصر توجد الحوانيت جميلة الشكل، وتحيط بالقصر ميدان رائع مربع الشكل في الوسط، كما يتصف القصر بأن واجهته عبارة عن عدد من الأعمدة المرفوعة بشكل فائق الجمال، والميدان المتوسط هو مكان مخصص لبيع البضائع في المزاد وعقد الصفقات التجارية.