محمد حسين يونس
هل الصورة حالكة السواد هكذا كما كتب لي الصديق عبد الحميد علي (( باطل الأباطيل .. الكل باطل )) ..هل هي مؤامرة كونية من 1% من سكان العالم مفرطي الثراء كما كتب صديق أخر علي صفحته .. أم هي هوجة سينتج عنها تغيير شكل الحياة علي الكوكب كما يتصور البعض .... هل نبالغ في (البانيك ) و الخوف .. هل يستثمر أخرون هذا الخوف لتوطيد سلطاتهم و تأبيدها ... هل ستعم الفوضى و سيكسر الناس أبواب السوبر ماركات و يسرقوا ما فيها كما حدث في أمريكا بالامس .

لقد عاصر العالم عشرات بل مئات الحالات من هجوم الفيروسات علي الإنسان ...فهل طرحت كل هذه المجاهيل في مثل هذه الحالات .. أم أننا أمام وضع غير مسبوق !!

السؤال بكلمات أخرى .. لو أن نفس الظروف حدثت منذ قرن هل كنا سنجد نفس رد الفعل اليائس لمليارات البشر ...و حكوماتهم
إذن ما الفارق .. ما الذى جعل الذعر سلوكا عاما بين سكان الكوكب .

و الإجابه أنه منذ بداية القرن الجديد .. ظهر في بلاد الكومبيوتر والانترنيت و العلم .. ما يسمي ((بالفيسبوك)) .. ظل يتسع نفوذه و يجذب الشباب و الكبار و حتي طاعني السن مثلي حتي اصبح ((الطاقة)) الوحيدة المطلة علي عالم المعاصرة في بلاد عديدة .

ومع اتقان بعض المستخدمين للغات الاجنبية استطاعوا كسر التابو وتهميش أثار ما ينتجة موظفي الامن من فن و اخبار ملفقة

لقد أصبح اللجوء الي جوجول هو اقرب الطرق للحصول علي المعلومة شبه المدققة و الخبر غير المفبرك
الشباب اعتادوا استخدام الانترنيت عندما يعن لهم ان يسألوا سواء في قضايا هامة او حتي دعابة و ترفية ليظهر جيل جديد يتداول معلوماته بإسلوب يخالف ما تشدو به فرق كورال الحكومة النشاز.. و يردده عواجيز الفرح المربوطين بحبال الملل أمام التلفزيون .

الاطلال الثقافي و العلمي علي منجزات البشرية في القرن الحادى و العشرين خلخل الارض تحت اقدام الطغاة و ملاك الحقيقة المطلقة من مشايخ و اذنابهم .. و سد الطرق أمام الكذب و التضليل .. وخفض الزمن اللازم ليصبح الانسان معاصرا .

فالموسيقي العالمية متوفرة رغم ارادة السباكين والطرشجية .

و الابداع الفني من نحت و تصوير موجود بمجرد لمس مفاتيح الكيبورد رغم وعيد و تهديد اصحاب اللحي صعبة التطهير.

وأخبار الانتفاضات تخرق عين حراس الديكتاتورية.. و حتي الموضة متوفرة ..و الطعام الخالي من الكبسة والثريد جاهز للاعداد ..

إن العالم هناك علي شاشة الكومبيوتر مختلف و صريح .. و لا يخفي حتي العلاقات الخاصة .. المستورة برداء من التعفف و الخجل .

الإنترنيت يقدم كل ما لديه في بوفيه مفتوح جعل من عمر الانسان المتوسط لو أراد مديدا و ثريا كما لو كان قد اكتسب عمر متوشالح .

المتعلم الذى اصبح لديه القدرة علي دق مفاتيح الكيبورد .. تغيرت طلباته بعد أن غرق في بحور المعلومات .. لقد اصبح في احتياج الي سلامة موسي ، حلمي مراد ، نهرو ، برناردشو جدد يستطيعون الابحار داخل أنواء علوم العصر ويطوفون فوق شبكات الانترنيت مضيئين مشاعل معاصرة للشباب..

المتصفحون للنت .. أصبحوا في حاجة الي رواد يعدون وجبات ثقافية مضغوطة تسمح لمن يريد الاستزادة بالاطلاع و التوسع
رواد لا يبخلون بالجهد للمساهمة الايجابية في ترسية ثقافة عالمية تم تطويرها خلال القرن الحادى و العشرين .

ثقافة مبهرة تقود الانسان الي مسار جديد بعيدا عن خرافات الاساطير و تفاصيل حياة بداوة العصور الوسطي .

العلم ، المنطق ،التحليل ، التجربة و الخطأ ، احترام ادمية البشر .. هي خطوات علي مسار واضح لثقافة شاملة جديدة لا يحتاج من يبحر داخلها لعمر متوشالح ليستوعبها .

الإنسان المعاصر عليه ـ فقط ـ أن يستفيد من وقته وجهده الضائع و هو معتزل خوفا من الكورونا في إجراء الحوار المثمر عابر القارات .. بعيدا عن .. ما غرق فيه من قضايا التراث التي عطلته منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي .

عليه ان يوقف حوار الطرشان الذى فرضته علية سلوكيات داعش و أخوتها. .. أصحاب البيادة و الكاب .

علي المصرى ان يوقف التدهور الناتج عن تحكم اغبي عناصر مجتمعه في أسماع و افئدة افراد امة الضحايا المستسلمين - تحت وقع الخوف - لسلوكيات انتهي زمن فاعلياتها .. .

الانسان المصرى يمكنة تخطي عقبة التعليم الناقص و الاعلام الموجة و الامام المغرض.. فقط بالتحرك نحو الضوء البازغ من اجهزة الكومبيوتر و الانترنيت يبحث و يدرس و يفهم ( ما لم تقدمه له اجهزة الحكومة واصحاب الجلاليب ) عن حقائق الكون و الوجود و الانسان .

الشاب المصرى عليه ان يمج تلك البضاعة المتداولة الفاسدة من طول التخزين و الركن غير الصحي .

النموذج أصبح واضحا .. هل نحتاج لمقاومة الفيروس الجامح .. لمقرأة و دعاء جماعي كما حدث في الأسكندرية .. أم لدواء و تطعيم. تبحث عنه معامل العالم عدا معامل حمادة ..هل نحتاج لرجل الدين أم للعالم في المعمل و الطبيب في المستشفي .

لغة المستقبل لا يحجبها حاجب بعد أن اصبحت قادرة علي اجابة اسئلة حيرت الاجداد و الاباء دون ان يضطر الباحث ان يوهَب عمر متوشالح ليعرف اجابتها .. فقط يضغط علي مفاتيح الكيبورد ليصبح في القرن الحادى و العشرين .

هذا هو الوجه الباسم لعالمنا .. و لكن هناك أخر داكن .. ففي الحق أرجو ألا أكون ساذجا بدرجة مفرطة .. لأنفي أن من يحركون الإنترنيت هم أيضا من يحركون خيوط اللعبة للسيطرة علي العالم .و أن الهدف واحد ..الإستفادة من جهدك والسيطرة علي عقلك .

أو أن المافيا .. لن تجد طريقا أسهل من الإنترنيت لترويج بضاعتها .. عن المخدرات .. والإستعباد الجنسي .. و النصب .. و القمار ..و التحريض .. و الإرهاب .

إنني لا أبلغ إذا قلت أنه لا تمر دقيقة واحدة لي علي النيت ( أنا متواضع القدرات علي الإبحار ) دون أن يظهر لي إعلانا .. يتكلم عن أرباح وهمية .. أو علاقات غير سوية أو قانونية .. أوإغراء بشراء بضائع بالأجل ....أو أنني ربحت الأف الدولارات بس أديهم رقم تليفوني و عنواني ... و ما خفي كان أعظم ..

التوجه المعاصر للحصول علي المعلومة.. يحتاج لإمكانيات مفتقدة لدينا ..وعلينا تربيتها في أنفسنا .. و هي الحذر .. و الشك الذى حببة لنا ديكارت .. عندما قال (( أنا أشك فأنا موجود )) .و إلا أصبحت كالقروى الساذج الذى بهرته أضواء المدينة .. فباع الكام فدان اللي حيلته .. و إشترى شقة في الكمبوند اللي بيعلنوا عنه في التلفزيون علي أساس إنه قطعه من الجنة . .