محمد حسين يونس

من سخرية القدر أن الارض التي شهدت ميلاد تحضر البشر وشروق شمس منظومة الوعي ، الضمير ، القيم العليا (التي ابتعد بها الانسان عن ظلمات الاعاجم والبهم من وحوش الغابات ) .. أصبحت تسكنها شعوب عاجزة ، غير قادرة علي عبور أخدود الحضارة الذى يفصل ما بين واقعها المتخلف وما صارت اليه باقي الشعوب التي تعيش في أمان المعاصرة.
 
من أرض الامبراطورية الفارسية ( ايران ) حتي وطن الامازيج والبربر ( الجزء الغربي من شمال افريقيا ) مرورا ببابل وآشور وأرام .. وبلاد الفينيقيين ، الكنعانيين ، الاكاديين.. وكيميت (الاسم الاقدم لمصر ) تعلم الانسان الذى يعيش حول مجارى الانهار كيف يقيم منزلا ، يزرع حقلا ، يستوطن في تجمعات سكانية تحكمها نظم وقواعد لازالت دليلا ومرشدا لبني الانسان ..
 
ومع ذلك .. فالاحفاد بعد ستة الآف سنة يشوهون الاجداد وما قدموه ويهرولون مسرعين نحو نكوص وتخلي عن مكتسبات البشر مبشرين بعالم تحركه الغرائز الاولية وقلة الحيلة وجهل من يقود القطيع في متاهات زمن كان فيه المصرى يتصور أن أوزيريس هو إدريس ..و أن معابد القدماء برابي للسحر .. و أن بعد غرق جيش مصر و رجالها في اليم .. ملكت مصر لمئات السنين من تسمي (دلوكة ) ..الكتب الصفراء من الزمن العثماني .. لا زالت تحكم عقلية مشايخنا .. لا يا حضرة الجنين يبقي في بطن أمة تسعة شهور فقط لا غير و من علمك غير ذلك ضحك عليك .