كتب – روماني صبري 

خيم الحزن على كل محبين الطرب، بعد الإعلان عن وفاة المطربة التنزانية "بي كيدودي" في 17 ابريل عام 2013 عن عمر 103 عاما، حينها قرأت مذيعة التلفزيون الخبر :" توفيت اليوم فاطمة بنت بركة المعروفة باسم بي كيدوده"، ليطوق الحزن العظيم مدينة زنجبار، محل ميلادها، ولما لا فقد ودعت الحياة ملكة الطرب وموسيقى الأونياغو.

تقول كلمات أشهر أغانيها "الوضع بائس" وفيها تنتقد الفساد في بلادها : ما شفنا الخير من أهل البرلمان، أريد اعتب على الحظ وبلوة زماني، لا فادنا منهم إسلامي ولا علماني ، حقا وضعنا بائس، دولة بكت على أيديكم، الله يستر من اللي جاي بعديكم، الوطن راح يضيع والمياه مقطوعة والكهرباء على الجنليتر والوزير لا يبالي.
 
عرف الناس وجهها وصوتها ولفترة طويلة كانت مادة للضحك على مواقع التواصل الاجتماعي، هي السيدة النبيلة التي أنفقت الكثير من الأموال على الفقراء والأيتام، وحفرت آبار المياه الصالحة للشرب للقرى التي لا يصلها الماء.
 
يقول وثائقي لفضائية "سكاي نيوز عربية"، ان طفولتها الفقيرة نقشت في قلبها الرحمة طوال حياتها، غنت لمائة عام من سن الخامسة عرفت ما تريد غنت وغنت ثم غنت، كانت تدخن بشراهة، حتى اهلك التدخين رئتيها ومنعها من الغناء بل وتسبب في وفاتها، أعطاها الله البركة في العمر، تجاوز عمرها الـ 100 عام.

لم تتعلم الموسيقى من احد كانت موهوبة بالفترة، لها هيئة كوكب الشرق السيدة أم كلثوم لحظة اعتلاء المسرح، على أنغام موسيقى (الدوم) غنت وسط الفرق الشعبية، تقول : في بداياتي كانت ملابسي تشبه ملابس الفقراء والمشردين،  اغني للتجار ويعطونني مالا ومرت الأيام، بين الفرق الشعبية تنقلت حافية القدمين، انتشرت أكثر فأكثر في التسعينات مزجت بين موسيقى الجاز والموسيقى الكلاسيكية.
 
ذخيرة غناء متنوع بالعربية غنت، وفي الجاز التنزاني أبدعت، وسحرت الدنيا بالتراث الزنجباري، يوما ما زارت اليابان فأثرت قلوب اليابانيين، يقول مواطن ياباني : انه من المذهل أن أرى هذه الأسطورة إنها تغني وعمرها 95 عاما"، فيما قالت أخرى ابنة موطنه :" هي قوية وجميلة وجذابة." 
 
حافية القدمين، اعتلت مسارح العالم، بولندا، انجلترا، ايطاليا، السويد،  كانت تحب الضحك، وتدهش الجميع بارتجالها لكلمات الأغاني، قضايا المرأة كانت لها النصيب الأكبر من أغانيها، تنصح العروس وتوبخ الرجال الذين يسيئون معاملة النساء، منعها الطب من استكمال رحلتها الغنائية فالتدخين كشر عن أنيابها وكتب الجملة الأخيرة من كتاب عمرها الطويل لتفارق الحياة عام 2013.
 
 
توجهت مئات النساء إلى منزلها في جزيرة  زنجبار لتقديم العزاء قبل نقل جثمانها لمسجد لأداء صلاة الجنازة، شارك الرئيس في جنازتها، نعم توفيت المرأة الإفريقية التي جابت الدين بملامحها الإفريقية، تقف على المسارح وتغني للحب والحياة، في لوحة إنسانية تقول لا شيء مستحيل إذا كنت موهوبا.
 
هذه العظيمة من مواليد 1910، لُقبت بملكة الطرب وموسيقى الأونياغو، حصلت على جائزة ووميكس العالمية سنة 2005، لتأثيرها الكبير على الموسيقى والثقافة في تنزانيا، كما حصلت على وسام الفنون والرياضة التنزاني سنة 2012.
 
ولدت فاطمة بنت بركة في قرية مفاجيمارينغو، ولا يُعرف يوم ميلادها بالضبط ولا تفاصيل نشأتها على وجه التحقيق، كان أبوها بائع جوز هند في زنجبار أثناء الاحتلال الإنجليزي، وتأثرت بالمطربة الزنجبارية ستي بنت سعد.