بعد عرض الحلقة الخامسة من مسلسل «الاختيار 2»، تعيد «المصري اليوم» نشر حوارها مع أسرة معاون مركز شرطة كرداسة الذي أجرته في الذكرى الأولى للمذبحة التي وقعت بالتزامن مع فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة.

 
تحول منزل أسرة الشهيد النقيب هشام شتا، معاون مركز شرطة كرداسة، الذي استشهد على يد إرهابى أصابه بطلق نارى في مؤخرة رأسه، يوم مجزرة مركز «كرداسة»، إلى ملتقى لأسر شهداء المذبحة، الذين يتجمعون يومًا من كل أسبوع عند أسرته، ويطلقون على والدى الشهيد «بابا» و«ماما»، حيث يعيش الوالدن وحدهما بعد فراق نجلهما الأصغر، فالابن الأكبر مهاجر في أستراليا وشقيقه الثانى منشغل دائمًا بظروف عمله بإحدى الشركات الكبرى.
 
بترحاب شديد، استقبلتنا والدة الشهيد السيدة إكرام محمد، موظفة بشركة السكر، وقدمت لنا «الرحمة» على روح نجلها، حيث كانت الأسرة تحيى ذكراه بتقديم الطعام لوجه الله، وتوزيعه على المجندين بالشوارع.
 
تقول الأم المكلومة للشهيد: «سنة مرت بسرعة يا ابنى، صعبة قوى، صعب فراقك علىّ، وإنت اللى كنت تؤنس وحدتى، وتوأم روحى»، مشيرة إلى أنه كان يحب عمله لأبعد درجة ممكنة، وأحيانًا كان يتصل قبل قدومه إلى المنزل، لتحضير العشاء، ثم لا يأكل وينزل إلى مركز الشرطة ثانية، ويطلب منى مسامحته لأنه لا يستطيع التخلى عن واجبه الوطنى لحماية أمن بلاده، خاصة بعد أحداث 3 يوليو وعزل الرئيس محمد مرسى.
 
داخل غرفة «هشام»، كل أغراضه كما هي، بذلة الشرطة، ملابسه مكوية بنفس تطبيقتها، حتى جهاز اللاب توب الخاص به.
 
تذكر والدة الشهيد، أنه في يوم 13 أغسطس، كان يجرى اتصالاً بشقيقه الأكبر «هانى» عبر الإنترنت، بأستراليا، وأخذ يداعب نجله «سراج» 3 سنوات، ويحدث زوجة أخيه ووعدها بأن يدخر لهم «العيدية» لحين عودتهم إلى مصر، كما طلب رؤية أخية الثانى «طارق»، ويبدو أنه كان يودع الدنيا من حولنا ولا ندرى.
 
تدخل الأم في حالة بكاء هستيرى عندما تمر أمامها ذكريات الطفولة وتفوقه الدراسى وحب الناس له، وتقديمه الخدمات للجميع.
 
جمال شتا، موظف بأحد البنوك، والد الشهيد، لم يكتف بمتابعة مجريات التحقيقات وتقديم قتلة ضباط وأفراد أمن مركز شرطة كرداسة إلى المحاكمة، بل شارك في إلقاء القبض عليهم، ويؤكد أنه إبان المجزرة الدامية ذهب إلى هناك لرؤية الأمور عن كثب، ورأى بعينيه جثمان نجله ممزقا على الأرض، وسمع من كانوا ينادون بأنهم قتلوا «الكافر»، لكنه تمالك أعصابه تمامًا، واستطاع تجنيد بعضهم للإرشاد عن القتلة، وتوصل إلى معلومات بشأن وهوية قاتل نجله بسلاح آلى لكنه هرب، ولم يقدم إلى المحاكمة حتى الآن.
 
يصمت الوالد عن الحديث لحظات، وتمر أمامه لحظات فراق نجله، ويوضح لنا أن «هشام» اتصل به، قبيل استشهاده، وأخبره بأنهم محاصرون من قبل أنصار «الإخوان» ويرفعون أعلام تنظيم القاعدة، ولا يستطيعون إطلاق النار عليهم، خشية سقوط ضحايا منهم، أما الإرهابى الذي قتل الشهيد معاون المباحث برصاص سلاح آلى، فطلب من أحد أصحاب البيوت إنزال «هشام» من عندهم، وإلا فإنهم سيحرقون المنزل بمن بداخله، وخشى الشهيد على سكانه، وهبط إلى الشارع، وأطلق عليه المجرم طلقتين بمؤخرة رأسه أردته قتيلاً، ولاذوا بالفرار، قبل أن يحملوا جثمانه ويضعوها أمام مسجد «الشاعر»، وكان الشهيد أول ضحية من رجال مركز كرداسة.
 
وأضاف والد الشهيد، إن نجله كان محبوبا بين الناس كلها، وهم من حاولوا تهريبه وإخفائه بتغيير ملابسه بجلباب «بلدى»، حتى لا يتعرف عليه الإخوان ويقتلونه، خاصة أنه لم يستطع الوصول إلى مكان ركن سيارته بجوار منطقة الشارع السياحى، مشيرًا إلى أن الشهيد كان قد أخبره يوم استشهاده بجميع تفاصيل عملية فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة، والضغوط التي سيعملون في ظلها، وطلب منه الدعاء بالتوفيق، وعدم إخبار والدته بما يحدث خوفًا عليها.
 
يعتبر والد الشهيد هشام شتا، حلقة الوصل بين جميع أسر مجزرة كرداسة، فهو يتابع حركة سير المحاكمات بها، مطمئنًا بعدالة القضاء، ولا يمكنه مطالبته بالإسراع في إصدار الأحكام، ويتمكن محامو الجناة الـ 188 المقبوض عليهم حتى الآن، من إيجاد ثغرات قانونية تمكنهم من البراءات، لأن الإخوان يريدون شيوع القضية، وعدم تحديد أدوار المتهمين في القضية، بحيث يصعب معه إصدار أحكام بالإعدام، وبالنسبة لمسألة التقصير الأمنى التي شكا منها معظم أهالى الشهداء وتخاذل قيادات بمديرية أمن الجيزة عن إنقاذ أولادهم، فإنه يرى أن الحديث عن تلك المسائل سابق لأوانه، ولكل مقام حديث، وسيأتى دورها تباعًا بعد الانتهاء من محاكمة المجرمين الإرهابيين.
 
وبينما كانت الأسرة تستعد للذهاب إلى المقابر بمنطقة البساتين، لإحياء ذكراه الأولى، فإنهم طالبوا الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذي علقوا صوره على جدران منزلهم، بإطلاق اسم الشهيد هشام على أحد فروع بنك مصر، الذي يعمل به والده بمنطقة شارع الهرم الرئيسى، وتبديل اسمه من «قصر الهرم» إلى «هشام شتا» تخليدًا للشهيد.