خالد منتصر
لماذا نربط دائماً بين العمامة والتجهم؟ ولماذا نطرد الحب من دور العبادة وننفيه عن رجال الدين ونستنكره، مخافة أن يلوث إيمانهم أو ينتقص من احترامهم؟ أهمية كتاب الصحفى أيمن الحكيم «غرام المشايخ» أنه يُغيّر من تلك النظرة، ويثور على هذا المفهوم، نقطة جاذبية كتابات أيمن الحكيم هى طزاجة وبكارة اللقطة وشبكة مصادره المتشعبة والمتشابكة والمتعددة، وتعامله مع تلك المصادر بحب وامتنان، لا بابتزاز أو كراهية، رجال الدين لهم قلب ولهم لحظات ضعف ولهم أيضاً نزوات، هم بشر فى النهاية، وهذا الكتاب ينزل بهؤلاء الشيوخ من السماء لكى يشربوا معنا الشاى ويتناولوا الكشرى، وأيضاً لكى يعزفوا ربابة حكاياتهم العاطفية وشجونهم الرومانسية.

يتجول معنا أيمن الحكيم فى دروب وأزقة وغرف قلوب هؤلاء المشايخ ورجال الدين والصوفيين، منهم من تزوج زواجاً تقليدياً، ومنهم من عاش قصة حب ملتهبة وكأنه قيس أو روميو.

محمد رفعت، قيثارة السماء وأشهر عشاق السيدة زينب، وقصته مع زينب أخرى عشقها بالعقل والقلب، وقفت سنداً لمن فقد بصره وعزف بحنجرته التى سحرت الألباب، وكان أول صوت يصافح المصريين عبر أثير الإذاعة.. الشيخ مصطفى إسماعيل الذى وقع فى حب فاطمة منذ أول نظرة فى البلكونة، فخطبها بعد خمس دقائق وتزوجها بعد أسبوع! عبدالباسط عبدالصمد وعشقه للسيدة رسمية التى تزوجها وهو ما زال على أبواب العشرين من عمره، الشيخ الحصرى وسعاد التى شاركته رحلة الحياة، وكانت وش السعد عليه، والشيخ البنا الذى باعت زوجته سيدة أرضها فى بداية حياتهما الزوجية لتسانده، وظلت تبكى عليه بعد رحيله حتى وصل وزنها إلى ٣٨ كيلو حتى لحقت به، وحكاية حب الشيخ الباقورى للجميلة كوكب دراز ذات الشعر الحرير والوجه الساحر، والتى كان فستان فرحها من تصميم مدام فورتينى، وغنى فى الزفاف محمد عبدالمطلب قبل زمن تحريم الفستان وتجريم الغناء، أما قصة الحب والعشق بين الفنانة سمراء النيل مديحة يسرى وشيخ الطريقة الصوفية الحامدية الشاذلية إبراهيم الراضى فهى قصة عشق واحترام متبادل رغم الانفصال، كان حباً بلغة العشق الصوفى بين عقلين ناضجين وقلبين صافيين.

كتب أيمن الحكيم قصصاً أخرى طريفة، مثل قصة حب مصطفى محمود وسامية التى عشقها وخطبها فى الصيدلية، وتزوجها فى غرفة العمليات، وهناك حكايات فيها مناطق ملغومة، مثل قصة القرضاوى الذى عشق شابة جزائرية من عمر أصغر بناته، وكان قد رآها فى إحدى محاضراته، كتب لها رسائل حب ملتهبة، وكأنها من مراهق لا يتجاوز العشرين، كان لا يحتمل بُعادها وانفصل عنها تحت ضغط أسرته الرافضة، الكتاب يحتوى على قصص أخرى، لكنها مهما اختلفت تفاصيلها، ففيها دائماً لوعة الاشتياق وحرقة الحب التى تتحدى وتتمرد على كل الحواجز والسدود، حتى على الصورة الذهنية الجامدة لرجل الدين، إنه الحب صانع المعجزات.
نقلا عن الوطن