افكار للتأمل: نبيل صموئيل
لقد صار واضحا جليا أن احتياجات المجتمعات والدول متعدده وكثيرة جدًا ومشاكلها أصبحت شديدة التعقيد الى درجة ان اي من القطاعات الثلاثة الحكومية والخاص والمدني- الاهلي لن يتمكن من تلبيه تلك الاحتياجات بمفرده، لذلك وفي هذا الإطار يتوجب على تلك القطاعات المتنوعة التعاون مع بعضها البعض لتحقيق رؤيتها المتمثلة في مجتمع أفضل ناهض.

ولدي الجهات الحكوميه دائما بحكم طبيعتها ومسئوليتها العمل في كل المجتمعات لكنها دائما مقيده بنظم وسياسات وموازنات تحكمها، بينما تتميز المنظمات الأهليه  بصغر حجمها بالمقارنه وبالتالي عدم قدرتها علي التوسع إلا في حدود، لكنها تتمتع بالمرونه الكافيه لتطوير وإبتكار مبادرات اسرع وأكثر تأثرا وفاعليه، كما أنها تستطيع أن تكون أكثر قربا وبالتالي تفهما للمجتمعات المحليه.

ولذلك فإن الشراكه بين المنظمات الحكوميه والأهلية تعطي فرصا هامه للاستفاده المشتركه من قدرات وإمكانات وسمات كل طرف منهما.

لذلك فإن اتباع مبادئ الشراكة الحقيقيه يعطي فرصا لتبادل الخبرات والرؤي والأحلام، ويمكن معا بناء رؤي وخطط وسياسات وبرامج متكامله ومؤثره، كما يمكن بالشراكه الوصول الي موارد جديدة لم يكن لهم ان يملكوها من غير العمل المشترك بينهما، ومن بينها المبادرات المؤثره والتمويل والمعلومات والخبرات والدروس المستفادة والمهارات.

وقد تتيح الشراكات التي تقيمها الاطراف المختلفة الوصول إلى شريحة جديدة من الشرائح المستهدفة والأكثر إحتياجا والمعرضة للخطر بين السكان، وبالتالي توسيع قاعدة الدعم الشعبي للجهود التي تبذلها الجهات الحكومية أو غير الحكومية. كما يمكن أن تشكل الشراكات وسيلة هامة للمنظمات غير الحكومية الناشئة لبناء قدراتها والترويج لها والتوعية بها.

وقد بدأت العدید من الدول حول العالم في تقدیر أهميه الشراكة والتعاون عن قرب بين الجهات الحكومية والمنظمات غير الحكومية لمواجهة التحدیات ولتلبیة الاحتياجات وتعزیز البناء الدیمقراطي.

وفي هذا السياق توصل المجتمع الدولي من أجل تعزیز الشراكه والتفاعل الأقوى بین المجتمع المدني وكل من الحكومات المركزیة والمحلیة الي سمات أساسيه ھامة للشراكه الحقيقيه الفاعله والمؤثره تتمثل في الانفتاح، المحاسبة، والفعالية والتماسك، وتم التأكيد علي أهميه الحوار والمشاورات المستمره والقیام بإجراءات ملموسة لتحسین وتوضیح التشرًیعات وتطویر المعاییر، وتنظیم حوارات مجتمعيه، وتطویر میثاق شرف.

إن الطريق الى شراكة فاعلة بين السلطات العامة والمنظمات الأهليه ليس طريقا سهلة ممهدا بل تكتنفه الكثير من التحديات التي لا مجال لمواجهتها إلا من خلال تحديد اسس واضحة لتبني هذا المجال وتعزيز العمل فيه.

وإن وضع اسس متينة للشراكة بين المنظمات غير الحكومية والسلطات الحكومية يحتاج الى إخراج الامر من اطاره النظري الى الخطوات العملية التي تضمن مشاركة فاعله نشطه بين كلا الجانبين ولعل من اهم تلك الخطوات العملية استحداث الاطر القانونية اللازمة لشراكة فاعلة بين السلطات العامة المنظمات غير الحكومية، وكذلك الإلتزام بمبادئ شراكه فاعله ومؤثره:

مبادئ الشراكة
حزمه مترابطه من المباديء التي لا يتحقق للشراكة معنى الا من خلالها ولعل من اهمها إحترام الاختلاف ومحاولة فهم المواقف الأخرى والاعتراف بالتنوع واحترام الحريات العامة والتعاون على أسس المساواة وتحديد الأدوار التكاملية. وعلى أساس من الالتزام الأخلاقي والمساءلة امام المواطنين يجب التوافق على قاعدة شراكة مبنية على المبادئ التالية :

- المساواة: إن المساواة تتطلب الاحترام المتبادل بين أعضاء الشراكة بغض النظر عن حجم وقوة كل جانب. كما يجب أن يحترم الشركاء إستقلالية وإلتزامات وتعهدات شركائهم. أن هذا المبدأ لايعني عدم وجود معارضة بناءة بين الشركاء.

- الشفافية: إن زيادة مستوى الثقة يتطلب أعلى درجات الشفافية التي يمكن تحقيقها باتباع أعلى درجات الوضوح والعلن والقبول بمشاركة المعلومة بين جمیع الأطراف. كما يتطلب التمتع بالشفافية اعتماد اسلوب الحوار المستمر مع التركيز على المشاورات المبكرة. ولعل من اهم اجزاء الشفافية الواجب تحققها هي الشفافية المالية.

- المسؤولية: لأطراف الشراكة واجب أخلاقي تجاه بعضهم البعض لإنجاز مهامه بمسؤولية وبنزاهة وبطريقة مناسبة وملائمة. ويجب التأكد من أن الأطراف لا يقومون بأي إلتزامات إلا عندما يملكون الوسائل والكفاءات والمهارات والقدرة على الوفاء بتلك الإتزامات.

- التكامل: التنوع في المجتمع الإنساني هو أحد الأصول إذا كان لنا أن نبني على مزايانا النسبية واستكمال مساهمات بعضنا البعض.