حمدي رزق
قضَّ مضْجعه، أقلقه، خشَّنه، جعله لا ينام، هكذا حال العالم بعد كلمة المدير العام لمنظمة الصحة العالمية «تيدروس أدهانوم جبريسوس»، خلال اجتماع مع وزراء المالية والصحة للدول الأعضاء فى مجموعة العشرين، قال، لا فُضَّ فوه، ولا عاش شانئوه، ولا بُرَّ مَن يجفوه، ولا عدمه مُحِبُّوه، ولا عاش حاسدوه: «من المؤكد من ناحية البيولوجيا ظهور فيروس جديد فى المستقبل، لن تكون البشرية قادرة على احتوائه»!!.

عجبًا من العجب العجاب، لا تعرف منظمة الصحة العالمية ولا مديرها الإثيوبى نعمة التفاؤل أبدًا، منظمة عابسة ومديرها مشمئنط، وبياناتها يلونها عبوس، وقنوط، تحض على الانتحار يأسًا.

يا ساتر يا رب، فى قلب الوباء والموتى بالملايين (كورونا حصد أرواح خمسة ملايين إنسان حتى الآن)، يصدمنا السيد «تيدروس» بنُبُوءة عرّاف، فيما معناه، «رعبٌ أكبرُ من هذا سوف يجىء»!.

تيدروس، بعد هذا التصريح التاريخى أمام قمة العشرين، يستحق لقب «الْعَرَّاف»، سِيَّما أن نبوءته صدرت قبيل نهاية العام، وستُضم إلى مثيلاتها من نبوءات العرّافين حول العالم، العراف الإثيوبى يتأبّط شرًا.

يُذكرنى «تيدروس» ببيت شعر لطيب الذكر صلاح عبدالصبور، فى رائعته الخالدة «يوميات نبى مهزوم يحمل قلمًا»، يقول: «انفجروا أو موتوا.. لن ينجيَكم أن تعتصموا منهُ بأعالى جبل الصمت.. أو ببطون الغابات..»، لا أعرف مدى ثقافة تيدروس العربية ليفقه المعنى الكامن فى بطن الشاعر:

«يأتى من بعدى مَن يعطى الألفاظَ معانيها

‏‎يأتى من بعدى مَن لا يتحدث بالأمثال

‏‎إذ تتأبَّى أجنحة الأقوال

‏‎أن تسكن فى تابوت الرمز الميت».

والمعنى، يا دكتور تيدروس، كفاية حرام، ارحمنا قليلًا، أرجوك كفاية، لما نخلص من (كوفيد- ١٩) نفكر فى الوباء الجديد الذى تستشرف ظهوره.

فلتفرد المنظمة الكونية وجهها الكئيب، فليبتسم «تيدروس» وهو يقذف جوائحه فى وجوهنا، المنظمة فى حاجة ماسّة إلى وجه مريح، متفائل، يبشر بالخير.

تحس بأن منظمة الصحة العالمية مريضة نفسيًا، منظمة المحبطين، وجوه منتقاة من كوكب عبس، لا يكفون عن إحباط البشر، متسلطين علينا، مجرد أن تفتحت مسامّ البشرية استشرافًا للأمل، يداهمنا «تيدروس» بنبوته السوداء، انتظروا وباء آخر.

لسان حاله يُغنى عن بيانه الكئيب، يمشى على الطريقة الحليمية فى «قارئة الفنجان»: «مقدورك أن تمضى أبدًا فى بحر الحب بغير قلوع

وتكون حياتك طول العمر كتاب دموع..».

وترجمتها الشعبية فى أغنية حسن الأسمر «كتاب حياتى يا عين»، ما شفت زَيُّه كتاب/ الفرح فيه سطرين/ والباقى كله عذاااب!.

«تيدروس» يعانى من أثر الوباء، سدَّ عليه منافذ الأمل، كل ما ينام هنيهة يصحو ملتاعًا وعرقه مرقه، قلبه واجف، وعطشان، ويهذى: الوباء، الوباء، الوباء.

أخشى روحًا شريرة تلبّست مدير المنظمة، لا تصدر عنه أبدًا بارقة أمل، المنظمة تحتاج إلى نقلة معنوية، من مرحلة الإحباط والتحبيط إلى مرحلة إشاعة الأمل.
نقلا عن المصري اليوم