من رواد الدراسات الكلاسيكية في مصر
إعداد / ماجد كامل 
من أشهر أساتذة الدراسات اليونانية واللاتينية في مصر الذين لم ينالوا القدر الكافي من الشهرة بالرغم من أهمية الأعمال التي قدمها يأتي ذكر الأستاذ الدكتور وهيب كامل سعد ( 1917- 1957 )  في المقدمة . والحقيقية أنه واجهتني مشكلة كبري للكتابة عنه هي عدم وجود أي مصدر معلومات  وافي عنه ؛ لولا ان تكرم الأستاذ الدكتور سامح فاروق حنين أستاذ الأدب البيزنطي بجامعة القاهرة وأرسل لي  نشرة خاصة بتاريخ تطور الدراسات اليونانية واللاتينية في مصر ( وأنتهز الفرصة لأقدم لسيادته جزيل الشكر علي هذه النشرة ) . ومن خلال النشرة الوحيدة المتاحة لي ؛ تبين لي انه من مواليد 14 أغسطس 1917 ؛ وتدرج في مراحل التعليم المختلفة حتي حصل علي ليسانس الآداب من قسم الدراسات الأوربية القديمة عام 1939 ؛ وصدر قرار بتعيينه معيدا في الكلية  ؛ وبعدها تقدم للحصول علي درجة الماجستير بمرتبة الشرف الأولي  ونجح بالفعل في الحصول عليها في مارس 1942 .  ثم أتيحت له الفرصة للحصول علي درجة الدكتوراة من جامعة لندن بتاريخ 4 اغسطس 1948 ؛ وبالفعل نجح في الحصول علي الدرجة عام 1950 . وعاد بعدها إلي مصر حيث عمل مدرس بالقسم بتاريخ 16 نوفمبر 1950 ؛ ثم رقي إلي أستاذ  في 30 يناير 1951 ؛ وتوفي في 14 يناير 1957 عن عمر يناهز   40   عاما . 
 
ولقد اثري  المكتبة التاريخية في الدراسات اليونانية – اللاتينية بمجموعة من الكتب القيمة نذكر منها :- 
1-هيرودوت في مصر – صدر عن دار المعارف عام 1946 . 
2-ديودور الصقلي في مصر – صدر عن دار المعارف عام 1947 . 
3-سترابون في مصر – صدر عن دار مكتبة الأنجلو عام 1954 .
4-أميانوس ماركينيوس في مصر – صدر عن مكتبة الأنجلو . 
 
5-ترجمة كتاب علوم اليونان وسبل انتقالها تأليف أوليري دي لاس ( 1872- 1957 ) ( انظر مقالي عنه علي صفحة الأقباط متحدون بتاريخ  3 اكتوبر 2020 ) ؛ وذلك بالاشتراك مع الدكتور زكي علي  ؛ ولقد صدر عن مكتبة النهضة ضمن سلسلة الألف كتاب عام 1962 .
( علي عبد التواب علي وعادل سعيد النحاس :- رواد الدراسات اليونانية واللاتنية – كلية الآداب جامعة القاهرة ؛ 2019 ؛  صفحتي 38 و39 ) . 
وسوف نعرض في المساحة الباقية من المقال لبعض ما تيسر لي الوصول  إليه من كتبه ؛ وسوف أبدأ بأشهرها وهو كتاب " هيرودوت في مصر
فالكتاب ينقسم  إلي :- 
1-مقدمة عن حياة هيرودوت  . 
2-غزو قمبيز لمصر
3-الزراعة في مصر
4-حدود مصر
5-النيل . 
6-داخلية ليبيا . 
7-مقارنة بن نهري النيل والطونة . 
8-العادات المصرية . 
9-الحيوانات المقدسة في مصر
10-الحياة اليومية في مصر 
11- الجنائز . 
فعن حياة هيرودوت يذكر المؤلف أنه ولد حوالي عام 484 ق . م حسب   رأي بعض المؤرخين ؛ في مدينة هاليكارنوس في الجنوب الغربي من آسيا الصغري ؛ وكان الامبراطور في عهده عنيفا في اضطهاد خصومه ؛ فقرر  هيرودوت الهروب الي جزيرة ساموس  ؛ وكان هيرودوت شديد الاعجاب بأهل أثينا فتعددت زيارته لهم ؛ وكتب عنهم الكثير ؛ مما نال اعجاب المجلس النيابي عندهم ؛ ومنحوا له مكأفاة خاصة .وفي أثينا  توطدت علاقته بالكاتب المسرحي الكبير سوفوكليس (  496 ق . م – 405 ق .م تقريبا )  ؛ كما نال اعجاب الكثير من كتاب اليونان مثل أريستافونيس( 446 – 386 ق . م )  الذي اشار  إليه أكثر من مرة في كتاباته ؛ ومن خلال كتابات هيرودت ؛ عرفنا انه زار مصر وسوريا وبابل وسوسا وهمذان وتنقل بين شواطيء البحر الأحمر وجنوب روسيا ؛ والأرجح حسب إجماع معظم المؤرخين انه زار مصر خلال عام 459 ق .م ؛   ومكث هيرودت في مصر حوالي ثلاثة أشهر ونصف ؛ وكانت في الفترة من أغسطس إلي نوفمبر علي أرجح الأراء ؛ وذكر هيرودوت في كتابه ثمانية عشر اقليما من أقاليم مصر ومديرياتها واحد منها فقط في الوجه القبلي ؛ وذكر من المدن المصرية 44 مدينة  ؛ ويبقي السؤال هو لا يجيد اللغة المصرية القديمة ؛ كما ان المصريين لم يكن يجيدون اللغة اليونانية ؛ فما هي اللغة التي كان يتكلمون بها ؟؟؟ . الأرجح حسب رأي الدكتور وهيب هو الاستعانة  بالمترجمين ؛  ويؤكد هيرودت في كتابه أن  أغلب مصادر معلوماته كانت  من كهنة منف ؛  وفي الفصل الخامس والثلاثين من الكتاب ؛ يسجل حديثا رائعا عن مصر فيقول عنها "  ولكني سأستهل حديثي عن مصر مسهبا ؛ لانها تشتمل علي روائع أكثر من سائر العالم ؛ وترينا آثارا تفوق الوصف بالنسبة لسائر البلاد ؛ من اجل هذه الأسباب  سأتحدث عنها أكثر من البلاد الأخري : المصريون نظرا إلي مناخهم الخاص ... فالنساء عند المصريين يذهبون  إلي الأسواق ويمارسن التجارة ؛ أما الرجال فيبقون في البيوت . والرجال يحملون الأثقال علي رؤسهم  أما النساء فيحملهن علي أكتافهن . والمرأة عندهم لا تكون كاهنة لإله أو آلهة ؛ أما الرجال فمنهم الكهنة لكل الآلهة والآلهات . ...... وكهنة البلدة  في كل مكان يطلقون شعورهم ؛أما في مصر فيحلقونها  ... ويعبيش الناس في مصر علي القمح والشعير . وهم شديدو التقوي – اكثر من سائر الشعوب – وهذه السنن التي يتبعونها : يشربون من أقداح برونزية يغسلونها كل يوم . ويحلق الكهنة كل أجسادهم  يومين  ؛ لئلا يتولد فيها قمل أو غيره من الحشرات أثناء قيامهم  بخدمة الآلهة . ويتخذ الكهنة  ثيابهم من الكتان وحده  وأحذيتهم من البردي ولا يسمح لهم بلبس غير ذلك من الملابس والأحذية ؛ وهم يستحمون كل نهار بالماء البارد ومرتين بالليل . وهم يرعون من الطقوس ما لا يعد ولا يحصي . 
 
وفي الفصل الخاص بنهر النيل ؛ قال عنه " وعندما يفيض النيل لا يغمر الدلتا وحدها ؛ بل يغمر كذلك ما يسمي بالبلاد الليبية وبلاد العرب إلي  مدي مسيرة يومين من كلا الجانبيين ويزيد أحيانا عن ذلك ؛ وأحيانا يقل . ولم أستطع أن أستقي معلومات  عن طبيعة النهر من الكهنة ولا من أحد غيرهم ؛ ولقد كنت شديد الحرص علي أن اعرف منهم لماذا يأتي النهر في فيضان مدة مائة عام مبتدئا من الاانقلاب الصيفي حتي إذا بلغ هذا القدر من الأيام يفيض ماؤه ؛ وينحسر ثانية ؛ ويظل غائضا طول الشتاء إلي أن يحين موعد الانقلاب الصيفي ثانية ( راجع الفقرة بالكامل في المرجع السابق ذكره ؛ صفحة 35 و36 ) .
 
وفي الفصل الخاص بالأعياد المصرية ؛ يذكر المؤلف أنهم يحيون  أعياد كثيرة أهمها وأقدسها يقام في مدينة  بوباسطس ؛ ففي هذه  المدينة معبد ضخم لإيزيس ؛ وهي تقع في وسط الدلتا المصرية ؛ وطقوس الاحتفال يلخصها هيرودوت  كما يلي  :- -يبحر الرجال والنساء معا ؛ ويكون في كل قارب لفيف كبير من الجنسين ويمسك بعض النسوة بالطبول ويطبلون في حين يزمر الرجال طوال الرحلة .  باقي النساء والرجال يغنون ويصفقون ؛ وكلما وصلوا في طريقهم تجاه مدينة ما  ؛ جنحوا بمركبهم نحو الشاطيء  وعندما يصلون إلي بوباسطس يحيون العيد بتضحيات عظيمة ؛ ويستهلك الكثير من النبيذ في هذا العيد أكثر مما يستهلك في بقية العام كله ؛ ويجتمع لإحياء هذا العيد من الرجال والنساء حوالي 700 الف نسمة عدا الصبيان والأطفال . 
 
وعن العادات الاجتماعية ؛  أكد هيرودوت أنه إذا قابل الصغار منهم الكبار أفسحوا لهم الطريق وتنحوا جانبا  وإذا اقبل عليهم الكبار قاموا من مقاعدهم . وهم يلبسون قمصانا من التيل مموجة عند القدمين ؛ ويلبسون  فوقها أردية من الصوف الأبيض . وعن الطب يذكر هيرودوت أنه   كل طبيب يختص بداء واحد لا أكثر ؛  فيعضهم  مختص بالعيون ؛ والبعض مختص  بالأسنان ؛ والآخر بالامعاء ؛ ويوجد تخصص متفرد للأمراض المجهولة ( الأمراض المستعصية بلغة العصر ) . ونعرض  أخيرا للفقرة الخاصة ببناة الأهرام ؛ ففي الفصل رقم 125 من الكتاب يصف طريقة بناء الهرم فيقول " وهذه هي طريقة بناء الهرم ؛ بني اولا بشكل سلالم ويسميها البعض درجات والبعض الآخر هياكل ؛ وبعد أن بنوها علي هذا النحو باديء ذي بدء رفعوا الأحجار الأخري بواسطة آلات خشبية قصيرة ؛ فهم يرفعون الاحجار من الأرض إلي الطبقة الأولي  من الدرجات  وبعد أن يرفع الحجر إلي هذه الطبقة يوضع علي آلة أخري قائمة علي الطبقة الأولي ؛ ومنها يرفع إلي الطبقة الثانيةومنها يوضع في  آلة ثالثة ( راجع الفقرة بالكامل في المرجع السابق ذكره ؛ صفحة 105 و106 ) 
 
بعض مراجع ومصادر المقالة :- 
1-علي عبد التواب علي  ؛ عادل سعيد النحاس :- رواد الدراسات اليونانية واللاتينية  ؛ كلية الآداب – جامعة القاهرة ؛ 2019 ( شكر خاص للأستاذ  الدكتور سامح فاروق حنين لتفضله بإرسال نسخة PDF من هذا المنشور القيم ؛ فله خالص الشكر ؛ فلولا هذا المنشور  ما كان للمقال أن يظهر للنور ) . 
2-كتب هيرودوت في مصر وهيب كامل – مكتبة نور .