أيمن زكى
في هذا اليوم من سنة 431 ميلادية اجتمع المجمع المسكونى المقدس بأفسس وقد شهده مائتان أسقف، وهو الثالث من المجامع المسكونية. وذلك في السنة العشرين من ملك ثاؤدسيوس الصغير ابن أرقاديوس بن ثاؤدسيوس الكبير. وكان اجتماعهم بسبب هرطقة نسطور بطريرك القسطنطينية. الذي كان يعتقد أن القديسة مريم، لم تلد إلها متجسدا، بل ولدت إنسانا فقط. ثم حل فيه بعد ذلك ابن الله، لا حلول الاتحاد بل حلول المشيئة والإرادة. وأن المسيح لهذا السبب طبيعتين وإقنومين، فأجتمع هؤلاء الآباء وباحثوه في ذلك، وأثبتوا له أن المولود من العذراء اله متأنس بدليل قول الملاك "الرب معك والمولود منك قدوس وابن العلي يدعى" (لو 1: 28 – 32) وقول اشعياء "ان العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعى اسمه عمانوئيل" (أش 7:14). وقوله "يدعى اسمه عجيبًا مشيرًا إلهًا قديرًا أبًا أبديًا" (أش9:6).
 
وتباحث معه القديس البابا كيرلس الكبير عمود الدين، وأعلمه أن الطبائع لا يجب أن تفترق من بعد الاتحاد، بل نقول" "طبيعة واحدة لله الكلمة المتجسد."
فلم يرجع عن تعليمه ولم ينثن عن رأيه، فهدده قداسه البابا كيرلس وبقية المجمع بالقطع، فلم يقبل فقطعوه وأبعدوه عن كرسيه. وأثبتوا أن العذراء ولدت الإله الكلمة متجسدًا. ثم وضعوا في هذا المجمع قوانين، وهي قانون المؤمنين إلى الآن. وان قيل ان النساطرة اليوم لا يقولون هذا. قلنا انه بسبب اختلاطهم بمسيحيي الشرق، رجع بعضهم عن رأيه، الفاسد.
 
وايضا بدعة بيلاجيوس وكان راهب قس من بريطانيا وكان ينادى بأن "خطية آدم قاصرة عليه دون بقية الجنس البشرى" وأن "كل إنسان منذ ولادته يكون كآدم قبل سقوطه". ثم قال أن "الإنسان بقوته الطبيعية يستطيع الوصول إلى أسمى درجات القداسة بدون انتظار إلى مساعدة النعمة"...
وبديهي أن هذه التعاليم الفاسدة تهدِم سِرّ الفداء المجيد ويُضْعِف من دم السيد المسيح.
(مز 51: 5) "بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت".
(رو 2: 12) "كما في آدم يموت الجميع هكذا في المسيح يحيا الجميع".
وبدأ ينشر بدعته بين البلاد حتى حَكَمَ عليه مجمع أفسس الأول بحرمه هو وبدعته.
 
اما عن تفصيل مجمع افسس فهى كاتى:
أرسل البابا كيرلس رسائل كثيرة إلى نسطور ولكنه لم يقبل المناقشة ووقعت هذه الرسائل عليه كوقع المطرقة على السندان بعنف فغضب بشدة وأرسل إلى البابا بخطاب يفيض بالسخط والتوبيخ وقضى رسل البابا شهرًا محاولين مقابلة نسطور أو أن يتحدثوا إليه دون جدوى، إذ رفض مقابلتهم فغادَروا إلى الإسكندرية.
 
فعقد البابا السكندري مجمع مكاني مع الأساقفة لاتخاذ موقف واضح وصريح لحفظ الإيمان أمام المجمع وصدر منه بالإجماع أمر بالتمسك بدستور الإيمان النيقاوي القسطنطينى ووضعوا له مقدمة مأخوذة من الكتاب المقدس "نعظمك يا أم النور الحقيقي" وأرسل البابا رسائل إلى زوجة الإمبراطور وبليكاريا وأركاريا ومارينا أخوات الإمبراطور يشرح لهم حقائق الإيمان وبذلك لكي لا يؤثر نسطور على الإمبراطور ثيئودسيوس الصغير صديقه وأرسل رسائل أخرى إلى يوحنا أسقف إنطاكية وبونيياس أسقف أورشليم وأكاكيوس أسقف حلب وكتب البابا الحرمان وأرسلها أباء المجمع السكندري إلى نسطور يطالبونه بان يرجع إلى الإيمان المستقيم ويوقع على الحروم.
 
كما أرسل البابا إلى كهنة ورهبان القسطنطينية خطابين. والحروم الاثنا عشر تُبَرْهِن على عُمْق العقيدة الأرثوذكسية وإيمان الكنيسة القبطية. ورَفَضَ نسطور التوقيع على الحروم بل وكتب ضدها بنود تؤيد بدعته، وساعده على ذلك بعض أساقفة إنطاكية.
 
وبدأ الانقسام بين الكنيسة الواحدة "رومية أورشليم وأسيا الصغرى إلى جانب البابا الإسكندري وإنطاكية إلى جانب نسطور ومما زاد الموقف تعقيدًا استثارة نسطور للإمبراطور ضد البابا لكتابه خطابات لأخواته وزوجته دون إذنه فأرسل الملك للبابا خطابًا شديد اللهجة ودعى الأساقفة لعقد مجمع مسكوني وكان ذلك في 19 نوفمبر سنة 430 م.
 
وسافر البابا السكندري ومعه خمسون أسقفًا والأنبا شنودة رئيس المتوحدين والأنبا بقطر السوهاجى رئيس الأديرة الباخومية وديسقوروس مدير مدرسة الإسكندرية اللاهوتية (قداسه البابا ديسقورس الاول) وتبعهم أسقف أورشليم. وبالرغم من تهديد نسطور رحب بهم أسقف أفسس. وأرسل أسقف روما أسقفين وقسًا وأيدهم برسالة بأن يعلموا بقوانين وقرارات البابا السكندري. كما حضر نسطور ومعه 140 أسقفًا مع رجال مسلحين ظنًا منه أنه سيرهب المجتمعين لكي لا يتخذوا قرارا ضده.
 
وبدأت جلسات المجمع في كنيسة السيدة العذراء في أفسس 17 يوليو سنة 431 م. في عيد حلول الروح القدس وحضر المجمع 200 أسقف مؤيدين بنعمة الروح القدس. وكان من أنصار نسطور أيريناس أحد رجال البلاط الإمبراطوري وكنديديان مندوب الإمبراطور.
وحدث انه تأخر الوفد الأنطاكي فرأى الأساقفة تأجيل بدء الافتتاح لحين وصولهم، وفي أثناء ذلك كانت مباحثات جانبيه مع نسطور لرجوعه ولكن ذهبت جهودهم أدراج الرياح.
 
وتأخرت المباحثات 16 يوما لطول المسافة ومرض الخيول، وقد أرسل الوفد الأنطاكي أسقفين ومعهما مشورة للمجمع ألا يؤجِّل الاجتماعات وفهم من ذلك بأن يوحنا الأنطاكي لا يرغب في الحضور لكي لا يشارك في الحكم على صديقه نسطور. وبدأت جلسات المجمع وأختيار البابا السكندري رئيسًا للمجمع.
 
لم يحضر نسطور وأرسلوا له ثلاث مرات ورأى أنه لا لزوم لحضوره ثم أرسل رسالة بأنه لا يحضر إلا بحضور صديقه يوحنا بطريرك إنطاكية.وعقدت الجلسة الأولى وقرأت قرارات مجمع الإسكندرية وبدعة نسطور فوافق المجمع على القرارات وحكم المجمع على نسطور بقطعه من درجته ومن أي شركة كهنوتية.
 
وأرسل المجمع إلى نسطور كتابًا بحرمه.ثم قرر المجمع بأن سر التجسد المجدي القائم من اتحاد اللاهوت بالناسوت في أقنوم الكلمة الأزلي بدون انفصال ولا امتزاج ولا تغيير. وإن السيدة العذراء مريم هي والدة الإله.
 
ووضع الآباء مقدمة قانون الإيمان "نعظمك يا أم النور الحقيقي".ثم استعرض المجمع بدعة بلاجيوس وناقشه المجمع ولم يرجع فحرمه وبدعته.وأعلن المجمع قراراته على الشعب ففرح وهتفوا للقديس كيرلس.ولم يقبل نسطور الحكم وأرسلوا إلى الملك وكنديديان.وكتب المجمع ثمانية قرارات أخرى تخص الكنيسة وأنفض المجمع بعد أن اختير مكسيميانوس أسقفًا للقسطنطينية محل نسطور المخلوع. ورجع الأساقفة إلى كراسيهم والبابا إلى الإسكندرية واستقبله شعبه بفرح عظيم.
 
وافق الآباء على قرار الإمبراطور بنفي نسطور في مصر في جبل قسقام لِتَمَسُّك أهلها بالإيمان. ولا زال حتى الآن تل نسطور وهو المكان الذى دفن فيه نسطور و سمى تل نسطور لان الاهالى كانوا يرمون فيه النفايات فعملت تل و سمى تل نسطور
 
نسأل ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح ببركه صلاة ابائنا القديسين المجتمعين فى افسس أن يهدينا إلى طريق الخلاص. له المجد والإكرام والسجود الآن والى آخر الدهور كلها أمين...