مدحت بشاي
قرار رائع وهام أن يعود من جديد للدراما التليفزيونية  احتفاليتها ومهرجانها السنوى ليتنافس الدراما المصرية '> صناع الدراما المصرية ومبدعيها لتقديم حواديت الفن الثامن البديعة من جديد.. نعم ( الفن الثامن ) كما أحب أن يُطلق عليها البعض باعتبارها الفن التالى لفن السينما  ( الفن السابع ) وحيث غادر الفن السابع دور الخيالة إلى رحاب بيوتنا ومقاهينا وفنادقنا بعد أن صار فنًا لإبداع حكاوى وحواديت مرئية وأفلام تليفزيونية  تعرض على الشاشة الصغيرة كوسيط اتصالى مبهر ، وأطلق عليها البعض الآخر ( ديوان العرب ) ..

والمتابع لدراما السنوات الأخيرة يلاحظ هذا العدد الهائل المشارك فى صناعة كل مسلسل حيث فرضت التقنيات الحديثة وجود الجديد من التخصصات والحرف ، وهو ما يؤكد كيف أصبحت صناعة الدراما التليفزيونية من الصناعات الثقيلة ، وأن الاهتمام بها ودعمها بات فرض عين لأننا فى مصر نتمتع بمزايا نسبية وتنافسية رائعة ، لعل فى مقدمتها أن المنتج المصرى لازال يحتفظ بمكانة الريادة وأصحاب المادة المطلوبة عربيًا ، كما أن وجود شباب المتخصصين فى فنون الدراما من خريجى المعاهد الأكاديمية المتخصصة أمر داعم لتشغيل الشباب وتمكينه من فنون تلك الصناعة المصرية الرائعة ..

وأتمنى فى المستقبل القريب أن نستثمر مزايا نسبية أخرى فى تفوق الدراما المصرية وصناعها فى مجال صناعة الدراما الكوميدية ( بعيدًا عن جماعات الزغزغة القهرية الرذيلة ) لإقامة مهرجان للدراما الكوميدية ( مهرحان للبهجة )  فلدينا مخزون هائل فى المكتبة العربية والمصرية من الأدب الساخر ولدينا كتاب سيناريو من جيل العظماء لديهم استعداد للعودة لو انفض شادر أفلام النجم المسيطر الحاكم ، ولعل أهم المزايا وأعظمها أن لدينا المتلقى المصرى العاشق للضحكة والمشارك تاريخيًا فى صناعتها بعبقرية حصرية ..

فى تأبين الفنان الكوميدى العبقرى الراحل نجيب الريحانى كان للشاعر الكبير عزيز أباظة قصيدة رائعة يُعلى فيها ويُثمن كثيراً دور الفنون وقيمتها فى حياة الشعوب ودور فنون التمثيل والكوميدية منها على وجه الخصوص وعطاء نجيب الريحانى بشكل أكثر خصوصية فى إسعاد الناس وتقديم فنون تبقى ..

من هذه الأبيات يقول فى تكريمه لنجيب الريحانى  :
قر عينا . فمصر لن تنسى نجماً           مشرقاً كرمته بعد المغيب
خالد أنت والخلود زكاة                        الله تسدى للعبقرى النجيب

أذكر هنا تلك الأبيات وصاحبها ومن كُتبت فى تخليده لأرصد هذه الحالة الجميلة من التقدير والإعزاز لدراما الضحكة المصرية، ووحدة أهل الفنون والتواصل البديع بين مبدعيها فى ذلك الزمن .. وكيف كان يحدث ذلك رغم محدودية وسائل النشر والاتصال والإعلام .. مثل هذه القصيدة لشاعر رأى فى ممثل فنان موهوب وملهم قيمة يجب أن يتوقف عندها كل أبناء الوطن بالتحية والتحليل لإبداعاته ..

معلوم أن الدراما الهزلية (الكوميديا) تشتبك وتتعامل مع السلوكيات الاجتماعية السلبية، بغية تطهير المجتمع منها وإعادة التوازن إليه، فبواسطة الدراما، وإثارة المشاعر، يحدث التطهر لدى المتفرج حسب المفهوم الأرسطي.

هل ننتظر دورات لمهرجان البهجة تحمل أسماء الريحانى وعادل إمام وبديع خيرى والمهندس ومدبولى وشويكار والبابلى وأبو السعود الابيارى ووحيد حامد وعاطف بشاى وغيرهم من أهل الإبداع الكوميدى ؟
نقلا عن الوفد