محرر الأقباط متحدون
"أشجعكم على أن تستمرّوا في تغيير وجه الاقتصاد بشكل خلاق، لكي يكون أكثر انتباهاً للمبادئ الأخلاقية ولا ينسى أن نشاطه هو في خدمة الإنسان، ليس لقلة فحسب، بل للجميع، ولاسيما للفقراء" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته لمجموعة من رجال الأعمال من إسبانيا.
 
استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الاثنين في القصر الرسولي بالفاتيكان مجموعة من رجال الأعمال من إسبانيا وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال إن حضوركم هنا اليوم هو علامة رجاء. نحن نعيش في عصر معروف بالاختلالات الاقتصادية والاجتماعية. وكان المجمع الفاتيكاني الثاني قد أكّد أن "الرفاهية تترافق مع الفقر. وبينما يتمتع عدد قليل من البشر بسلطة واسعة لاتخاذ القرارات، يفتقر الكثيرون تقريبًا إلى إمكانية التصرف بمبادرة منهم أو على مسؤوليتهم الخاصة، وغالبًا ما يبقون في ظروف معيشية وظروف عمل لا تليق بشخص بشري". في هذا السياق، من الضروري اقتراح اقتصاد مناسب للمساهمة في حل المشاكل الكبيرة التي نواجهها في جميع أنحاء العالم.
 
تابع الأب الأقدس يقول أود أن أشاطركم ثلاث أفكار أعتبرها مناسبة لمسيرتكم كرجال أعمال. في المقام الأول هناك النبوءة. إنَّ النبي في الكتاب المقدس هو الذي يتحدث باسم الله، وينقل رسالته، ويعزز من خلالها تغيير السياق الذي يعيش فيه. على سبيل المثال، شجب عاموس، نبي "العدالة"، في القرن السابع قبل الميلاد، الرغبة في الترف والغنى لدى المقتدرين في شعب إسرائيل، بينما كانت الغالبية العظمى من الشعب مضطهدة. وفي سياق معقد مثل السياق الحالي، الذي يتَّسم بالحرب والأزمة البيئية، يُترك الأمر لكم لكي تطوِّروا خدمتكم، لنقُل، كأنبياء يعلنون ويبنون البيت المشترك، ويحترمون جميع أشكال الحياة، ويهتمون لخير الجميع ويعززون السلام. لأنه بدون نبوءة، يكون الاقتصاد، وبشكل عام كل عمل بشري، أعمى.
 
أضاف البابا فرنسيس يقول أما الجانب الثاني فيشير إلى العناية بالعلاقة مع الله، فكما أن الأرض، عندما تُزرع ويتمُّ الاعتناء بها جيدًا، تعطي ثمارًا وفيرة، هكذا نحن أيضًا عندما ننمي الصحة الروحية وعندما يكون لدينا علاقة جيّدة مع الرب، نبدأ بإعطاء الكثير من الثمار الصالحة. يؤكد عاموس: "اطلبوا الرب فتحيوا... اطلبوا الخير لا الشر... فيكون الرب معكم". إنَّ البطولة التي يحتاجها العالم منكم اليوم لا يمكنها أن تكون مستدامة إلا إذا كانت هناك جذور قوية. وسيكون الإرتداد الاقتصادي ممكنًا عندما سنعيش ارتداد القلب؛ عندما سنكون قادرين على التفكير أكثر بالمحتاجين؛ وعندما سنتعلم أن نضع الخير العام فوق الخير الفردي؛ وعندما سنفهم أن مجاعة الحب والعدالة في علاقاتنا هي نتيجة قلة الاهتمام بعلاقتنا مع الخالق، وهذا الأمر يؤثر أيضًا على بيتنا المشترك. عندها، وربما عندها فقط، سنتمكن من عكس مسار الأعمال الضارة التي تعد لمستقبل حزين للأجيال الجديدة. تذكروا دائمًا أن تنمية علاقة مع الرب تجعل من الممكن أن يكون لديك جذور قوية تدعم المشاريع التي ترغبون في القيام بها.
 
تابع الأب الأقدس يقول الفكرة الثالثة التي أشاركها معكم تتعلق بالعمل والفقر. عن هذين الأمرين، قدم لنا شهادة مهمة القديس فرنسيس الأسيزي، الذي لم يقم فقط بترميم كنيسة القديس داميانو، بل ساهم أيضًا وبشكل خاص في ترميم كنيسة عصره. بشكل ملموس، قام بذلك بالحب الذي شعر به تجاه الفقراء وبطريقة عيشه الصارمة. مع قيم العمل والفقر، التي تعني الثقة الكاملة بالله وليس بالأشياء، يمكننا أن نخلق اقتصاد يوفق بين أعضاء مراحل الإنتاج المختلفة، دون أن يحتقروا بعضهم البعض، وبدون خلق المزيد من الظلم أو اللامبالاة الباردة. من ناحية أخرى، هذا الأمر لا يعني أنكم تحبون الفقر الذي، على العكس، يجب محاربته، ولهذا الغرض لديكم أدوات جيدة، مثل إمكانية خلق فرص عمل والمساهمة هكذا في إعطاء الكرامة لقريبكم. لأن الرب بواسطة العمل "يُنهض المسكين من التراب ويُقيم الفقير من الأقدار". فيكون هكذا لدينا علاج هنا لمحاربة مرض الفقر: العمل ومحبة الفقراء.
 
وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول أيها الإخوة والأخوات، أشجعكم على أن تستمرّوا في تغيير وجه الاقتصاد بشكل خلاق، لكي يكون أكثر انتباهاً للمبادئ الأخلاقية ولا ينسى أن نشاطه هو في خدمة الإنسان، ليس لقلة فحسب، بل للجميع، ولاسيما للفقراء. ومن المهم أيضًا أن يدرك أنه ليس فوق الطبيعة، وإنما عليه أن يعتني بها، لأن الأجيال القادمة تعتمد عليها. أود أن أختتم رسالتي بإيكالكم بحماية العذراء مريم الكليّة القداسة والقديس يوسف، اللذان عرفا كيف يعتنيان بالعائلة والبيت بقلب الوالدين. ليشفعوا بكم، لكي يمنحكم الرب أيضًا حبًا والديًّا وأبويًا لكي تحرسوا العائلة البشرية والبيت المشترك. ليبارككم الله. ورجاء لا تنسوا أن تصلّوا من أجلي.