محرر الأقباط متحدون
مشاركة كل شخص بدون خجل من محدوديته في تحسين الأمور وخدمة المجتمع، وحاجة الجميع لا الضعفاء فقط إلى مساعدة الآخرين. هذا ما شدد عليه البابا فرنسيس خلال استقباله اليوم أعضاء المجلس الوطني للاتحاد الإيطالي للمكفوفين وضعاف البصر.
 
استقبل قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم الاثنين أعضاء المجلس الوطني للاتحاد الإيطالي للمكفوفين وضعاف البصر. وعقب ترحيبه بضيوفه ذكَّر الأب الأقدس بأنهم قد اختاروا أن تتزامن زيارتهم، كي يتقاسموا معه مخاوفهم ومشاريع هذه المرحلة من نشاطهم، مع الاحتفال بعيد القديسة لوتشيا شفيعة الأشخاص المصابين بإعاقات أو إصابات بصرية، وأعرب البابا عن تثمينه لهذا الاختيار الذي يُعبر عن حس ديني تقليدي للشعب الإيطالي ولا يتعارض مع كون الاتحاد جمعية علمانية لا دينية. وأراد قداسته في هذا السياق الإشارة إلى أن الاحتفال غدا بعيد القديسة لوتشيا يتزامن مع ذكرى سيامته كاهنا حيث سيم في عيد القديسة.
 
ثم تحدث البابا فرنسيس عن القديسة لوتشيا فقال إنها تُذكرنا بمثالها بأن الكرامة الأسمى للشخص البشري تكمن في تقديم شهادة للحق وذلك باتباع الضمير مهما كان الثمن وبوضوح وحزم. ويعني هذا حسب ما واصل الأب الأقدس أن نكون في صف النور وخدمته، أن نكون أشخاصا واضحين وشفافين وصادقين وأن نتواصل مع الآخرين بانفتاح ووضوح واحترام. وهكذا يتم الإسهام في نشر النور في الأوساط التي يعيش فيها الشخص وجعلها أكثر إنسانية وقابلة للعيش فيها.
 
ومن هذا المنطلق أراد الأب الأقدس التعبير لضيوفه عن رؤيته لجمعيتهم، فقال إنه يراهم كقوة بناءة في المجتمع، وبشكل خاص مع مرور المجتمع الإيطالي بفترة غير سهلة. وتابع قداسته أن هذه الرؤية قد تبدو غريبة، وذلك لأنه عادة ما تُربط الإعاقات بفكرة الاحتياج والخدمات وفي بعض الأحيان، ولكن بشكل أقل دائما، بنوع من الشفقة. وواصل قائلا: لا، البابا لا ينظر إليكم بهذا الشكل، الكنيسة لا تنظر إليكم هكذا، فوجهة نظر المسيحيين إزاء الإعاقات لم تعد ويجب ألا تكون الشفقة والمساعدة، بل الوعي بأن الهشاشة التي يتم التعامل معها بمسؤولية وتضامن هي مورد للمجتمع بكامله وللجماعة الكنسية.
 
وواصل البابا فرنسيس حديثه مؤكدا أن الأشخاص فاقدي أو ضعاف البصر الناشئين على مبادئ أخلاقية وعلى الوعي المدني هم في الصفوف الأولى من أجل جماعة شاملة، حيث يمكن لكل فرد أن يشارك بدون خجل من محدودياته أو هشاشته، في تعاون مع الآخرين من أجل التكامل والدعم المتبادل. وشدد قداسة البابا في هذا السياق على أننا جميعا في حاجة أحدنا إلى الآخر، لا فقط الأشخاص الذين لديهم ضعف جسدي بل الجميع، فنحن نحتاج إلى مساعدة الآخرين للسير قدما في حياتنا لأننا جميعا ضعفاء في القلب.
 
وأشار الأب الأقدس هنا إلى أن الاتحاد الإيطالي للمكفوفين وضعاف البصر قد تجاوز عمره ١٠٠ سنة بقليل ما يجعله واقعا ينتمي إلى التاريخ الوطني. وأضاف أن الاتحاد ومن خلال حمايته لحقوق الأشخاص المصابين بإعاقات بصرية قد ساهم في النمو المدني للبلاد. وشجع قداسته ضيوفه على السير قدما بشكل بَناء وإيجابي بصورة متزايدة دائما، وذلك كقوة تنقل الثقة والرجاء. وشدد البابا على الحاجة إلى الرجاء والذي يأتي في المقام الأول من شهادات الأشخاص الذين، ومع ما يعانون منه من ضعف، لا ينغلقون على الذات أو يبكون بل يعملون مع الآخرين من أجل تحسين الأمور.
 
وفي ختام حديثه إلى وفد الاتحاد الإيطالي للمكفوفين وضعاف البصر أراد البابا فرنسيس الإشارة إلى الشكل الذي تُعرَّف به القديسة لوتشيا، أي كامرأة شابة عزلاء لكنها لا تستسلم أمام التهديدات أو الإغراءات، بل تجيب بشجاعة وتواجه بصلابة القاضي الذي يحقق معها. وشجع الأب الأقدس بالتالي ضيوفه على السير قدما بحماية وعلى مثال القديسة لوتشيا، ثم بارك الحضور وجميع أعضاء الاتحاد كما وأعرب عن تمنياته بعيد ميلاد سعيد لهم ولعائلاتهم، وختم سائلا ضيوفه ألا ينسوا أن يُصلوا من أجله.