كتب – روماني صبري 

يوم الخميس 30 مارس عام 2018، أدارت السفارة التركية في بريشتينا عملية سرية، نفذها عناصر استخبارات تركية خلسة، استهدفت خطف يوسف كارابينا'> يوسف كارابينا من سيارته، حتى راحت زوجته ياسمين تصرخ، هو وهي معلمان في المدرسة نفسها ولكن بعد هذا الصباح تغير كل شيء، فيوسف لم يعود إلى طلابه ولم يرى زوجته ولا ابنه، في الصباح ذاته اختطف زميله، كهرمان من داخل المدرسة تاركا وراءه زوجته وابنا صغيرا.
 
في غضون 3 ساعات يلتقي الجلاد ضحيته داخل مبنى السفارة التركية، 5 معلمين وطبيب شطبت على الفور إقامتهم في كوسوفو ونقلوا إلى المطار حيث كانت طائرة خاصة بالانتظار لنقلهم إلى تركيا، تقول صحفية البانية من ضحايا الرئيس التركي : اردوغان يستغل الفقر والفساد السياسي لذلك عمل على التقرب جدا من مسؤولين قبل عامين وبواسطة طائرة خاصة حطت من دون أي إذن في مطار بريشتينا خطف 6 من معارضيه من أتباع جولن، ما يدل على تغلغل نفوذه داخل المؤسسات الحكومية.
 
يقول وثائقي لفضائية "سكاي نيوز عربية"، ليس من السهل اختراق حواجز سرية محيطة بملفات اردوغان المبعثرة في البلقان، لأسابيع استمر بحثنا، أشخاص كثر رفضوا التكلم خوفا على سلامتهم، وكانت من الأكثر جرأة اربآنا كهارا، صحفية من كوسوفا لاحقت السلطان المستجد.
 
تروي كهارا قصتها مع الديكتاتور التركي وعصابته :" بعد بضعة أسابيع على رسالة السفيرة التركية ضدي والتي اتهمتني فيها بمهاجمة اردوغان وتشويه علاقة تركيا بكوسوفا، بدأت أتلقى التهديدات المباشرة، واستدلوا على عنواني وجاءوا ورسموا على باب منزلي صليب احمر يشبه الدم كان تهديدا بالقتل، وابني العائد من المدرسة وحينها كان في السابعة كان أول شخص يرى كل ذلك.
 
تضيف :" تناول احد تحقيقاتي ملف المساجد التي يبينها اردوغان في منطقتنا ما آثار حفيظتي منذ البداية هو قيامه باستبدال الأئمة المحليين بأئمة من تركيا في المساجد الجديدة، وكنت أراهم يوزعون منشورات على الأطفال خارج المساجد ومن حينها آثار الأمر قلقي من استغلاله للمساجد لتعزيز أجندته المتطرفة داخل مجتمعنا، كما يستغل صفقاته مع مسؤولين لملاحقة وإسكات كل من ينتقده .
 
ستدفع الثمن غاليا، المعني بتهديد اردوغان هذا هو راموش رئيس حكومة كوسوفو آنذاك، والمعترض على عملية الاختطاف في بريشتينا، والذي أقال وزير الداخلية ورئيس الاستخبارات بسببها وكان ذلك في عام 2018، ويخطي من يعتقد أن زمن التهديد قد ولى، فالحديث مع أربانا اثبت ذلك، فهي لم تعد من سكان البلقان بعد ان اضطرت لترك كل المنطقة بسبب التهديدات .
 
البلقان، جزء من خريطة الهاجس الاردوغاني لاستعادة ما يصفه بأمجاد الإمبراطورية العثمانية، تمتد على أكثر من 460 ألف كيلو متر مربع، تضم بالإضافة إلى بلغاريا وألبانيا الدول التي خرجت من تحت المظلة اليوغسلافية، تسن تركيا أسنانها على البلقان، موقعا يعزز نفوذها أوروبيا والأخطر في كل ذلك حقيقة العمامة العثمانية التي تعتلي تحركاتها.
 
يقول أوريم فوكسشي، محامي المخطوفين في بريشتينا، بالاعتماد على أدلة القضايا نجزم قانونيا بأنه لا دليل يثبت التهمة الموجهة ضدهم بتهديد الأمن القومي، ولابد من الإشارة هنا إلى تفصيل مهم جدا فسلطات كوسوفو التي منحتهم حق الإقامة منذ سنوات، انقلبت على نفسها اليوم بسحب تلك الاقامات بحجة الأمن القومي المفتعلة.
 
مضيفا :"الأمر يزداد خطورة فالدفاع عن هؤلاء الأشخاص يضعنا في مواجهة تهديدات متزايدة مع اتساع قاعدة المؤسسات والجهات المنخرطة في الملف بهدف عرقلة ما نحاول القيام به.
 
لفت هلال سيغلا، رئيس لجنة التحقيق في كوسوفو، إلى ان أثبتت تحقيقاتهم وجود 31 انتهاكا قانونيا ارتكبها من وقف وراء عملية الاختطاف هذه، لافتا:" واستمرار عجزنا كجهة محلية قانونية في إحلال العدالة إلى اليوم هو انتهاك آخر." 
 
ومن بين المتهمين بالعرقلة، من هم في داخل القصر الرئاسي في بريشتينا، فرئيس البلاد وفق اللجنة حجب وثائق عدة في القضية التركية عن  التحقيقات، تواطؤ  تؤكده وثائق أوروبية ودولية تكشف سلسلة تفاهمات سرية مماثلة أبرمتها تركيا مع حكومات عدة كهذه، حيث منحت الشرطة التركية حرية التنقل داخل المدن الصربية لاصطياد المعارضين بطرق غير قانونية."