نقلا عن جريده أرثوذكس نيوز . التى تصدر فى كاليفورنيا . امريكا  . رئيس التحرير الاستاذ / عزمى حنا 
نقدم لكم مقال بعنوان : مقدمه عن
ابيدياكون : مجدى سعدالله 
الكاتب والباحث فى التاريخ القبطى
 
3- مجمع قرطاجنة عام 251م  : 
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
بعد أن زاد النزاع بين الكنيستين الشرقية والغربية بشأن معمودية الهراطقة، كثرت الرسائل بين الأساقفة المعينين بالأمر، وتحرج الموقف. فما كان من استفانوس أسقف روما إلا أن هَدَّد القديس  كبريانوس أسقف قرطاجنة   ومن معه من الأساقفة بالحَرْم أن لم يمتنعوا عن تعميد الهراطقة عند اعتناقهم المسيحية.
 
  من اجل ذلك عقد القديس  كبريانوس مجمعًا قى قرطاجنة سنة 257 م وحضره 118 أسقفًا أفريقيًا. وتناولوا بالبحث هذه الهرطقة التي تَزَعَّمها استفانوس أسقف روما.
 
فقالوا إن الكنيسة الواحدة هي التي تعطي الأبناء في الولادة الثانية نتيجة لنوالهم سر المعمودية والذي يقبل اليد لابد أن يكون قد آمن بتعاليم الكنيسة وعقائدها الصحيحة... أن الرسول بولس يقول (رب واحد وإيمان واحد ومعمودية واحدة  ).
 
فإن كانت معمودية الهراطقة واحدة، فلابد أن يكون الإيمان واحدًا أيضًا؛ وإن كان الإيمان واحد فالرب واحد؛ وإن كان الرب واحد فبالتبعية يمكننا أن نقول بالاتحاد أيضًا؛ وإن كان الاتحاد الذي لا يمكن أن ينفصل وينقسم موجود عند الهراطقة، فليس لنا أن نطلب منهم شيئًا. 
 
فإذا كان العكس أن إيمان الهراطقة غير صحيح فمعموديتهم على هذا النحو غير صحيحة ولا يمكن أن نقبلهم أبناء للكنيسة الجامعة الوحيدة المقدسة الرسولية أن لم يعترفوا ويتوبوا ويعتقدوا بما نعتقده من عقائد وطقوس وتقاليد.
 
 لقد تناقش الاباء الاساقفه  كثيرًا فيما بينهم وأخير أصدر المجمع قراره الجماعي بشأن معمودية الهراطقة والذي ثبت وحدانية المعمودية الأرثوذكسية وعدم قانونية معمودية الهراطقة
 
فقالوا في قانونه بشأن هذه النقطة (معمودية الهراطقة غير صحيحة وأن الراجعين إلى الكنيسة من المتعمدين من الهراطقة يعتمدون وأما الذين سقطوا من الإيمان وكانوا معمدين من قبل قانونيا فلا يُعاد عمادهم عند رجوعهم). 
 
وبهذا القرار الحاسم انتهى الخلاف بين الكنيستين الشرقية والغربية بشأن إعادة معمودية الهراطقة من عدمها.
 
هذا وقد أقر  مجمع نيقيه المسكوني  سنه325م
 
هذا المبدأ الذي ثبت عقيدة هامة من عقائد كنيستنا 
 
الشهيد القديس  الانبا كبريانوس رئيس مجمع قرطاجنة  : 
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
    في قرطاجنة عاصمة شمال أفريقيا:
وُلد ثاسكيوس كايكليانوس (ساسيليوس) علي الأرجح ما بين سنة 200 و 210 م. من أسرة شريفة وثنية. كانت قرطاجنة Carthage في حدود دولة تونس في شمال أفريقيا علي خليج تونس، وكان والده من أشرف قضاة المدينة.
 
تثقف ثقافة عالية حسب مقتضيات عصره ووضعه الاجتماعي. نال قسطًا وافر من العلوم، لاسيما المنطق والفلسفة والفصاحة، وكان قد تزوَّج وأنجب أولادًا.
 
إذ بلغ سن الشباب صار خطيبًا فصيحًا 
 
ومعلمًا للخطابة والفصاحة، وذاع صيته. اذ   انه عاش من قبل منغمسًا في الرذيلة شأن معظم شباب عصره. 
 
اهتدى إلى المسيحية وآمن على يد كاهن شيخ يُدعى كايكليانوس (ساسيليوس) بقرطاجنة، وكان ذلك حوالي سنة 246 م. وانضم إلى صفوف الموعوظين. إذ لمست النعمة الإلهية قلبه هاله الفساد الذي حل بالبشرية علي مستوي الأفراد والجماعات والحكومات، فاعتنق الإيمان المسيحي.
 
نال سرّ العماد علي يدي الكاهن ولمحبته فيه دُعي "ساسيليوس كبريانوس" بإضافة اسم الكاهن إلي اسمه. وقد حدث تغيّر جذري فى حياتة
بعد قبول المعمودية أخذ كبريانوس أربع خطوات هامة في حياته:
 
أولًا: باع أغلب أملاكه ووزعها علي الفقراء والمساكين، مستبقيا القليل منها لسد احتياجاته.
ثانيًا: وهو في سن السادسة والأربعين تقريبًا نذر حياة البتولية برضا زوجته وسلمها مع أولادها للكاهن الشيخ سيسيليانوس وقدم لهم بعضًا من أمواله. 
أحب البتولية كعلامة لاشتياقه إلى الإلهيات ورغبته في قرب زوال العالم وتمتعه بالحياة الأخرى مع السمائيين. 
 
ثالثًا: جحده الدراسات العالمية وتركيزه علي دراسة الكتاب المقدس يوميا، واهتمامه بكتابات العلامة ترتليان. 
رابعًا: كرس مواهبه لخدمة ملكوت الله، فاستكمل منهجه في علم الاختزال، واستطاع بأن يسجل بكل دقة آراء سبعة وثمانين أسقفًا الذين  حضروا مجمع قرطاجنة 
 
اسقفيته : 
➖➖➖➖➖
صار كبريانوس مثلًا عجيبًا دُهش له المسيحيون كما الوثنيون. لما تنيّح  اسقف Carthage 
اختاره الإكليروس والشعب 
 خليفة له. لم يعبأ الشعب بمعارضة بعض الكهنة مثل نوفاتيوس 
لسيامة كبريانوس أسقفًا بحجة حداثة إيمانه.
 
هرب القديس واختفي في بيته، فهرعت الجماهير تبحث عنه، وحرست الجماهير مخارج المدينة وحاصروه، فخضع لآرائهم وسلم نفسه إليهم وسيم حوالي عام 249 م.
 
اضطهاد  الامبراطور ديسيوس
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖ 
لم تمضِ سنة واحدة علي أسقفيته حتى 
هبت عاصفة شديدة من الاضطهاد أثارها الإمبراطور ديسيوس الذي أصدر مرسومًا إمبراطوريًا سنة 250 م. بالقضاء علي المسيحية. وهو أول اضطهاد شامل عمَّ أنحاء الإمبراطورية الرومانية كلها. 
 
فنال كثيرون إكليل الشهادة، وضعف بعض المرتدّين، والبعض هربوا، وآخرون حُسبوا معترفين. أنكر البعض الإيمان وبخّروا للأوثان، ولجأ البعض إلي الحصول علي شهادات مزوّرة تفيد بأنهم قد بخّروا للأوثان ليهربوا من التعذيب والقتل.
 
كتب القديس كبريانوس : أن الله سمح بهذا الاضطهاد الشديد لأجل تراخي المؤمنين في العبادة، لأنهم لما استراحوا في زمن فيلبس قيصر وابنه اللذين تركا المسيحيين في سلام طفق الشعب ينهمك في المكاسب الزمنية، وتراخى رجال الدين والرهبان في دعوتهم المقدسة،
 
كان القديس في صراع بين التقدم إلي ميدان الجهاد للتمتع بإكليل الشهادة، وهذا ما كانت تميل إليه نفسه، وبين الاختفاء قليلًا لأجل منفعة الشعب، وهذا ما تستلزمه ظروف الاضطهاد المرّة حتى يسند شعبه. أخيرًا رأي القديس  كبريانوس أن يتواري عن الأبصار ليس خوفا من الموت وإنما "لكي لا تثير جرأته المتناهية غضب الحكام" 
 
ويبدو أنه فعل ذلك بإعلان إلهي. كان يرعى شعبه من مخبأه بأمانه ورعايه كامله .
 
  كان يبعث برسالة للشعب لكي يسندهم، وكان يحثّهم علي محبة مضطهديهم. كتب رسائل كثيرة أرسلها من مخبأه تشديدًا للمعترفين في السجون  وإظهارًا لمجد الاستشهاد، وتوصية للخدام والإكليروس بالعناية بالمعترفين والشهداء ماديًا ونفسيًا وروحيًا. كما كان يرسل ليلًا أشخاصًا يهتمون بأجساد الشهداء ويقومون بدفنها، ويهتم باحتياجات عائلاتهم الروحية والنفسية والمادية.
 
حاول بعض المنشقّين مهاجمة القديس بسبب هروبه من الاضطهاد
 
استمر الاضطهاد لمدة خمسة عشر شهرًا، فترة حكم ديسيوس وبعد موته استراحت الكنيسة وعاد القديس إلي كرسيه.
 
مشكلة الجاحدين
➖➖➖➖➖➖➖
إذ ارتد البعض عن الإيمان بسبب الضيق الشديد عادوا إلى الكنيسة فظهر اتجاهان الأول هو التساهل معهم واتخذ غيرهم موقفًا متشددًا.
 
استغل معارضو سيامة القديس كبريانوس الفرصة وأثاروا هذه المشكلة بكونها تهاونًا في حق قدسية الكنيسة، ونادوا بالانفصال عن رئاسة القديس كبريانوس.
 
بعد فصح سنة 251 م. إذ عاد السلام إلي الكنيسة ورجع الأسقف إلي كرسيه بدأ يكرّم الشهداء، وجمع حوله المعترفين الذين تألّموا من أجل الإيمان، وجاءت رسائله تحمل مزيجًا من الفرح الشديد بالشهداء والمعترفين وأيضًا الذين هربوا حتى لا يجحدوا الإيمان مع الحزن المرّ علي الجاحدين. 
 
طالب الجاحدين أن يقدموا توبة بتواضع، معترفين بخطاياهم إذ داسوا إكليل الشهادة بأقدامهم، وقد ترك باب التوبة مفتوحًا أمام الجميع لكن بغير تهاون. لقد حرص علي تأكيد أمومة الكنيسة التي تلد المؤمنين وتربيهم وتؤدبهم وتقدم لهم الحضن الأبوي.
 
مجمع قرطاجنة 251 م  : 
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
   عقد أساقفة إفريقيا مجمعًا بخصوص هذا الشأن عرف بمجمع قرطاجنة لدراسة موقف الجاحدين الراجعين. عالج هذا المجمع المشكلة من كل جوانبها.
فقد ارتد البعض عن الإيمان علانية، وقدم آخرون رشوة للقضاء الوثنيين وأخذوا منهم شهادة بأنهم قدموا ذبيحة للآلهة. وقد أكد القديس لهم أن مثل هذه الشهادة هو نوع من النفاق فندم كثيرون علي ما فعلوه.
 
كانت صرامة قوانين التوبة تصد البعض عن الرجوع إلي الكنيسة، فلجأ البعض إلي المعترفين الذين سُجنوا من أجل الإيمان وطلبوا شفاعة الكنيسة لكي تصفح عنهم وتقبلهم في الشركة وتخفف عليهم القوانين، وقد نشأ عن هذا نوع من التراخي.
 
شدد المجمع علي رجال الدين الذين جحدوا الإيمان إذ قبلوهم بين الشعب مع عدم العودة إلي عملهم الكهنوتي. أما أصحاب الشهادات الوثنية فقبلهم المجمع بعد وضع قوانين يلتزمون بها. 
 
، القديس كبريانوس ومرض  الطاعون 
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
   تفشى مرض الطاعون في أثيوبيا ومصر 
 
حوالي عام 250 م. ثم انتقل إلى قرطاجنة عام 252 م.، وظلّ يهدّد أنحاء الإمبراطورية قرابة عشرين عامًا أخري. وكما يقول تلميذه الخاص بونتيوس أنه كان طوبيا زمانه، يهتم بالمرضي والراقدين دون تمييز بين مؤمن وغير مؤمن. فقد أكد علي شعبه ضرورة خدمة الكل بلا تمييز، 
 
معموديه الهراطقة :
➖➖➖➖➖➖➖
لم تعترف كنيسة أفريقيا بمعمودية الهراطقة، شاركتها في ذلك كنيسة نوميدية في ثلاثة مجامع عقدت في قرطاجنة في السنتين 255 و256 م. كتب الأب اسطفانوس أسقف روما خطابًا شديد اللهجة مهددًا إياه بالقطع بسبب ذلك، فلم يعبأ القديس كبريانوس بالخطاب. 
 
اضطهاد فاليريان 
➖➖➖➖➖➖➖
ًفي أثناء حكم فالريان، وفي أغسطس سنة 257 م. أثير الاضطهاد مرة ثانية، وأُستدعي كبريانوس، ووقف أمام الوالي الروماني على أفريقيا تنفيذًا لقرار الإمبراطور. لما سأله عما إذا كان يصر على عدم إتباع ديانة روما، أجاب أنه مسيحي وأسقف ولا يعبد إلا الله الواحد خالق السماء والأرض.
 
لم يجسر أسباسيانوس حاكم قرطاجنة يومئذ أن يقتل القديس كبريانوس نظرًا لجزيل اعتباره من الناس. فأصدر أمره بنفيه والخروج من المدينة.
 
قضي القديس مدة سنة في المنفي علي بعد نحو 50 ميلًا من قرطاجنة، حيث كتب الكثير عن الاستشهاد. ولما عزل أسباسيانوس عن منصبه وخلفه غاليريوس ماكسميانوس رجع القديس إلي قرطاجنة وهو مشتاق إلي إكليل الشهادة في بلده وسط شعبه وقد حقق الله امنيته ونال اكليل الشهادة  .
صلاته تكون معنا امين
( إلى اللقاء فى الحلقه المقبله )
نقلا عن جريدة أرثوذكس نيوز