بقلم : أسامة سلامة

وما الفارق بين الداعين لما يسمى المصالحة الوطنية الآن، وبين الرئيس المعزول محمد مرسى عندما دعا إلى الحفاظ على حياة الخاطفين والمخطوفين عقب حادثة خطف الجنود والضباط المصريين فى سيناء قبل عزله وإبعاده عن الحكم، مرسى وقتها ساوى بين الخاطفين والمخطوفين، ودعاة المصالحة ساووا الآن بين الجناة والضحايا، من ينادون بالمصالحة فريقان، الأول يطالب بها ولا يضع شروطا لها فتبدو الصورة، وكأن هناك فريقان اختلفا واختصما ومطلوب الصلح بينهما على طريقة (يا دار ما دخلك شر)، و(عفا الله عما سلف).
 
الفريق الثانى يقول: المصالحة ضرورة ولكن بشرط عقاب من ارتكب جرائم، وهذا هو بيت القصيد، إذ إن هذا الفريق لم يسأل نفسه من المتهمون بارتكاب الجرائم والتحريض على العنف؟ الإجابة معروفة للجميع ولا تحتاج إلى تفكير، قادة الإخوان هم من قاموا بكل هذه الأفعال المجرمة، فهل يتم العفو عنهم مقابل المصالحة المزعومة؟، أم أنها ستكون مع قواعد الإخوان الذين لا يملكون من أمرهم شيئا؟ مثلا هل تتم المصالحة مع البلتاجى الذى اعترف بأن الإخوان وراء ما يحدث فى سيناء من اعتداءات وقتل لضباطنا وجنودنا؟ أم مع عصام الحداد الذى يحرض الغرب وأمريكا على التدخل من أجل إعادة مرسى إلى منصبه؟ أم مع أسامة ياسين المعترف فى لقاء مع قناة «الجزيرة» عقب ثورة يناير بأنه وفرقته قتلوا مواطنا ظنا منهم أنه بلطجى يعتدى على المتظاهرين فى موقعة الجمل، ثم اكتشفوا أنه إخوانى عندما قال لهم وهو فى النزع الأخير (أنا تبع البلتاجى بتاع شبرا)، أم تكون مع محمد بديع الذى حرض على العنف تحريضا سافرا خلال كلمته فى تجمع رابعة العدوية، وأعقبها فى نفس الليلة محاولة اقتحام ميدان التحرير، مما نتج عنه قتلى ومصابون؟ وهل نغض الطرف عن هروب د.مرسى وعدد من قيادات الجماعة من سجن وادى النطرون بواسطة منتمين لحماس وحزب الله؟ وهل تجوز المصالحة مع عاصم عبد الماجد وحازم صلاح أبو إسماعيل وعصام العريان وخيرت الشاطر وغيرهم، بعد كل ما قاموا به من أفعال يجرّمها القانون طوال سنة حكم مرسى وقبلها وبعدها؟ إذن من يطالبون بالمصالحة مع عقاب من ارتكب جرائم، إما أنهم يفترضون أو متأكدون من براءة قيادات الجماعة؟ أو يعتقدون أنهم سيتقدمون طواعية للتحقيق معهم فى الاتهامات المنسوبة إليهم وعيونهم تذرف الدمع أسفا وندما، وأنهم سيتقبلون الحكم عليهم بالسجن إن ثبتت إدانتهم، فى هدوء طالبين من المجتمع أن يسامحهم، هؤلاء يا سادة سيظلون على عنادهم لأنهم لا يدافعون عن الإسلام كما يوحون إلى أتباعهم، ولا من أجل مبدأ كما يقولون فى تصريحاتهم للإعلام، ولكن يرتكبون كل هذه الجرائم ويزجون بأتباعهم فى معارك دامية يقتلون فيها ويقتلون من أجل إنقاذ أنفسهم، لا يعنيهم من قُتل ولماذا؟ المهم أن لا يتعرضوا إلى المساءلة فى جرائم قد تصل بهم إلى الإعدام. إنها معركتهم الأخيرة للبقاء، ولن يسمحوا أبدا بمحاسبتهم على ما ارتكبوه. المنادون بالمصالحة يدركون أن ثمنها هو عدم التحقيق مع قادة الإخوان، ولتذهب دماء الشهداء فى كل المحافظات هباء، أما الأطفال اليتامى والأمهات الثكلى والآباء المكلومون فليذهبوا إلى الجحيم وطالما أنه لا يوجد جانٍ ولا مذنب، فليعد أبو إسماعيل لمحاصرة المحكمة الدستورية، وعبد الماجد لتهديد الأقباط.
 
والإخوان لقتل المصريين كلما استدعت مصلحة الجماعة، وربما عادوا إلى الحكم يمارسون الأخونة، بينما نخبتنا المتسامحة تبتسم أمام الفضائيات، وتصافح القتلة.
 
المصالحة دون حساب هى قتل للشعب ولمن قاموا بالثورة، وعلى الذين ينادون بها أن يعلنوا أن دم المصرى لديهم رخيص، أما إذا كان الإخوان يريدون المصالحة حقا، فالكرة فى ملعب شباب الإخوان وليس غيرهم، عليهم أن يبعدوا قادتهم عن الجماعة وأن يحاكموهم ويكشفوا ما يعرفونه عن الجرائم التى ارتكبوها فى حق الوطن، ووقتها تبدأ المصالحة الحقيقية، وليست المصالحة المستحيلة.